شكل القبض على سيف بن الزعيم معمر القذافي قائد الجماهيرية الشعبية الليبية العظمى وعميد الحكام العرب وملك ملوك أفريقيا، تحولاً هاماً في مشهد الثورة الليبية ، لما لشخصية سيف القذافي من حضور لافت في السياسية الليبية خلال العقدين الماضيين،
وكون سيف القذافي كان المرشح الوحيد لخلافة والده في عرش الجماهيرية العظمى ، سيف القذافي هذا على لسانه هدد الشعب الليبي بحرمانه من ثروته النفطية و...الخ ، سيف القذافي القي القبض عليه بشكل مزري تحت ضربات نعال جماهيرالجماهيرية ، تلك النعال التي رأيناها منذ أشهر ترمى على شاشة عرض حائطية يشاهد عليها لقاء تلفزيوني لسيف القذافي وفيه كان يشير بسبابته إلى المأسي التي سيلاقيها الشعب الليبي بدون والده مثل الحرمان من النفط وأشياء أخرى عديدة ، سيف القذافي كان سيفاً مسلطاً على رقاب أبناء الشعب الليبي ، وسيف هذا كانت تأتمر بأمره العديد من الكتائب والقوات الضاربة ، سيف لم يكن يوماً يتخيل هذه النهاية المأساوية فقد ضاقت عليه ملايين الكيلومترات من صحاري وهضاب وجبال ليبيا ، بعد أن كانت منذ عام فقط تحت طوعه وأمره.
يقدم سيف القذافي وكتائبه اليوم درساً مجانياً لقوات المغامرين من حكام العرب وعائلاتهم وخاصة في سوريا واليمن ، أما كيف ذلك فيمكن ملاحظته من خلال اللقاءات الإعلامية مع أفراد وقيادات تلك الكتائب ونهاية سيف القذافي وعائلته، فكتائب القذافي تعيش اليوم في أوضاع لاتحسد عليها إنها ساعات وأيام ندم ، وخوف ورعب من المستقبل بلا حدود ،أما عائلة القذافي فقد انتهت نهاية مأساوية فقتل أغلب أفرادها وأعتقل اليوم الوريث المنتظر، ومن يتابع مشاهد القبض على سيف القذافي وتصريحه لوسائل الإعلام وكذا تصريحات أفراد من كتائب القذافي تم القبض عليهم يجدهم يقدمون دروساً مجانية لعائلات الحكام العرب ، ويمكن إيجاز ذلك في الرسائل التالية:
الرسالة الأولى / من كتائب القذافي إلى قوات صالح يؤكد أفراد كتائب القذافي أنهم تعرضوا لحملة تضليل غيرعادية عبر برامج التوجيه المعنوي داخل المعسكرات أو وسائل الإعلام الرسمية ، وبالتالي أنهم يشعرون بالندم على الماضي والخوف من المستقبل ، ولو كانو يعلمون الحقيقة لما وقفوا في صف القذافي وعائلته، وبالتالي كأن لسان حال كتائب القذافي توجه رسالة إلى الحرس الجمهوري والأمن المركزي والقوات الخاصة والأمن القومي ، وأي قوات نظامية يقودها أفراد من عائلة الرئيس صالح ، تلك الرسالة مضمونها حكَّموا ضمائركم وعقولكم حتى لا تندموا كما نحن الآن نشعر بالحسرة والندم ، لذلك يطالب أفراد الكتائب اليوم بمحاكمة القتلة الفعليين ومن أصدروا الأوامر ، ويؤكد أغلب من قبض عليهم أن أيديهم لم تلطخ يوماً ما بدماء الليبيين ، وأن من كانوا يقومون بالقتل هم المرتزقة وعصابات موالية للقذافي .
الرسالة الثانية / من سيف القذافي إلى أحمد علي عبدالله صالح وبشار الأسد ، وذلك بحكم أنهما من جيل واحد ، ويدخلان ضمن مشروع الثوريث في العالم العربي الذي بدأ ببشار الأسد ولم يكتمل ، ومضمون تلك الرسالة ، الأخ العزيز أحمد لقد كنا نملك الكلمة الأولى في ليبيا ، وكانت لنا جمعيات خيرية وأنشطة سياسية ، وكلمتنا كانت مطاعة ، وكنا نهيمن على الإنتاج النفطي الضخم الذي يصل إلى أضعاف إنتاجكم مع أن الشعب اليبي أقل من ربع الشعب اليمني ، ولقد كانت لنا اليد الطولى في الكثير من الملفات السياسية العالمية ، تلك المكانة والملك والسيطرة ، تبخرت في لحظات لانعلم كيف ولا متى ، لقد خسرت والدي وإخوتي في فترة قصيرة ، لقد تشردت عائلتي في بعض البلدان ، لقد أصبح حالنا يرثى له ، لماذا لأننا غامرنا دون وعي ورفضنا المبادرات والمساعي الإقليمية والدولية، وخسرنا المواجهة بعد أن دفع شعبنا الليبي عشرات الألاف من خيرة شبابه سواء من الكتائب أو غيرهم ، الأخ أحمد أنصحك أن تفكر كثيراً في المستقبل لكم كعائلة وللشعب اليمني بمختلف أطيافه ومكوناته ، فالحفاظ على الوحدة اليمنية والسلام في اليمن يجب أن يؤخذ في الاعتبار ، وعليكم مراجعة النفس والتعامل الصادق مع المبادرات الدولية ، وبالنسبة للرئيس السوري بشار الأسد كأن سيف القذافي يخاطبه قائلاً ، الأخ بشار لقد سن أبوك سنة سيئة في توريث الحكم فلولا ذلك القرار وتنفيذه لما طمح بقية حكام الدول الجمهورية في توريث الحكم ، بل لقد كانت سنة والدك السبب لتزايد الضغوط على حكام الجمهوريات العربية ، الأخ بشار إني على يقين أنك اليوم تقول ياليتني لم أتسلّم الرئاسة ، ياليتني بقيت طبيباً يداوي المرضي ، لاقاتلاً يموت بإسمه الألاف من النساء والأطفال والشباب والرجال ، يليتي بقيت طبيب رحمة ، لاديكتاتورنقمة ، يابشار أنصحك أن لاتستمر في مغامراتك ، لأن المصير محتوم والظلم لايدوم ، والعاقل من إعتبر بغيره ،والعروش تسقط مع أول قطرة دم تسقط ، فالبقاء مستحيل ولم يبقى سوى الرحيل ، ففكر يابشار كيف ومن أين الخروج قبل تضيق عليك الأرض بما رحبت ، يابشار يقول المثل(إسئل مجرب ولاتسئل طبيب)فالتجربة خير برهان.
أخيراً كان ما سبق يمثل رؤية لطبيعة المشهد الليبي الذي يقترب إلى حد كبير من المشهدين السوري واليمني ، نأمل أن يعصم الله دماء أبناء شعوبنا العربية ، وأن يوفق هذه الأمة بشبابهاوشيوخها وأطفالها ذكوراً وإناثاً إلى ما يحبه ويرضاه إنه على ما يشاء قدير.