تتعرض المعارضة المتمثلة بالمجلس الوطني لهجوم شرس من قبل شباب الساحات وتوصف مشاركتها بالتسوية السياسية من خلال حكومة الوفاق الوطني بأوصاف ثورية حادة، وهذا أمر طبيعي ومنطقي،
فمنذ أن نزلت المعارضة السياسية إلى الساحات والتحمت بشباب الثورة وانضمت الفرقة الأولى مدرع وقادة عسكريون وضباطاً وجنوداً من وحدات أخرى بدأت ساحات الثورة الشبابية تعمل بمسارين أحدهما سياسي ظل يقوم به قادة المعارضة سواء في المشترك أو المجلس الوطني فيما بعد فيما ظل المسار الأخر ثورياً يقوم به شباب الثورة في ساحات الحرية والتغيير في اليمن ، وظل المساران يتناغمان مع بعضهما البعض وفقاً لمجريات الأحداث على الأرض أو التفاوض السياسي مع المجتمع الدولي والإقليمي.
ولهذا كانت الثورة تشتعل ويواجه الشباب والأطفال والشيوخ الرصاص والمدافع بصدور عارية فيسقط الشهداء ببطولة نادرة وفي مرحلة لاحقة سقطت النساء شهيدات في بطولة أكثر من نادرة، جعل ذلك من الثورة الشبابية السلمية الشعبية اليمنية أعظم ثورة، وهذا ما قاله الكثير من المراقبين والمحللين من خارج اليمن، وإشتعال الثورة وتقديم التضحيات كان إصراراً من الشباب والنساء وهم أصحاب المصلحة الحقيقة في الثورة في ساحات التغيير والحرية بتغيير النظام بالمنهج الثوري مهما كانت التضحيات، ولهذا سمع الجميع مصطلحات مثل الزحف وشاهد الجميع مسيرات سلمية حاملة الورود كانت تخترق ما كان يسمى مناطق التماس الحمراء دون أن يكون لها هدف سوى التصعيد فقط، وتحدث مراقبون أن ذلك كان بهدف إضعاف الخصم وتحقيق سقف أعلى لشروط التفاوض..
حتى عندما كان التوجه من قبل شباب الثورة في الساحات وبالذات في ساحتي التغيير بصنعاء والحرية بتعز اسقاط النظام بالمنهج الثوري وهو ما حصل بالسيطرة على جولة كنتاكي بصنعاء والزحف منها باتجاه جولة الرويشان ومواصلة التقدم وما حصل في تعز بالتقدم باتجاه مبنى المحافظة والسيطرة على الشوارع والمكاتب، كانت المعارضة السياسية أو الأطراف المساندة لشباب الثورة تكبح عملية استكمال التغيير بالمنهج الثوري لحسابات داخلية وخارجية ولإرتفاع كلفتة التغيير بالمنهج الثوري.
ونتذكر أن أصوات ثورية كثيرة وخاصة أباء وأمهات وأخوان وأصدقاء الشهداء وعدد كبير من شباب الثورة المؤمنين بالتغيير بالمنهج الثوري في الساحات كانوا يطالبون بما أسموه "الزحف المقدس" الذي طالبوا بتحقيقه بأن يجتمع أليه كل الناس بما فيهم قادة المعارضة وأعضاء الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني رجال ونساء وشباب وشابات، لكن قادة العمل السياسي وكل المساندين لشباب الثورة في الساحات كانت لهم حسابات أخرى تتقدمها مراعاة الضغوط الإقليمية والدولية وكلفة التغيير الباهضة الثمن بالمنهج الثوري، ولهذا كانوا يمارسون السياسة بكلفة عالية الثمن.
وكان واضحاً منذ البداية ان السياسيين وهم قادة المعارضة قد أختاروا التغيير بالمنهج السياسي وتوافقوا بذلك مع المجتمع الإقليمي والدولي فجاءت المبادرة الخليجية وأليتها التنفيذية و قرار مجلس الأمن 2014 كثلاثي تلبية لرغبة السياسيين وليس تلبية لنضال الثوريين الشباب في الساحات الذين قدموا دمائهم وشهدائهم ثمناً لما يؤمنون به وخرجوا من أجله، بينما كان المجتمع الدولي فيما يتعلق بثورة تونس وثورة مصر واضحاً وتحدث قادة العالم بوضوح وقالوا على بن علي ومبارك ان يرحلا فوراً وجرى الترتيب للتغيير عبر الجيش، فيما ظل أمر التغيير في اليمن بيد جيران اليمن والمجتمع الدولي ولهذا كان هناك توافقاً بين المجتمع الإقليمي والدولي على التغيير في اليمن من خلال العملية السياسية فأنضمت المعارضة السياسية وقادتها وكل اللاعبين إلى التوافق الإقليمي والدولي بحجة ان التغيير لو حصل وفقاً للمنهج الثوري وبغير رضا المجتمعين الإقليمي والدولي قد يعملان على إعاقته وعدم الإعتراف به أو قد يفشلانه بالمرة.
وظل واضحاً أن هناك سيطرة سياسية على ساحات الحرية والتغيير وهناك رؤيتان ومنهجان للتغيير في هذه الساحات أحدهما يتبنى التغيير بالمنهج الثوري وهذا يمثله شباب الثورة في الساحات وأخر يتبنى التغيير بالعملية السياسية ويمثله قادة المعارضة والمساندون لثورة الشباب من العسكريين،وبكل تأكيد هناك فرق بين المنهجين في الأساليب والنتائج، صحيح أنه يمكن أن يلتقيان في النتائج في أخر المطاف ولكن المنهج الثوري سريع النتائج فقط تكون كلفته عالية المزيد من الشهداء والتضحيات أما منهج العلمية السياسية حباله طويلة وقد يأخذ سنوات وقد يتعرقل التغيير فيه أو يحرف عن المسار المأمول منه أو تتحقق بعض أهداف الثورة فقط ولكنه في الأخير يكون تغييراً ولكنه ليس كذلك التغيير الذي يحققه التغيير الثوري.
ولهذا من حق شباب الثورة في ساحات الحرية والتغيير البقاء في الساحات ومواصلة النضال الثوري بزخم أكبر خاصة وأنهم سيكونون قد تخلصوا من أصحاب المسار السياسي وهم المعارضة وقادتها بانضمامهم إلى التسوية السياسة وتخلصوا أيضاً من المساندين لهم من القوى العسكرية بتنفيذ الشق العسكري والأمني في المبادرة الخليجية وأليتها التنفيذية، وبالمقابل ايضاً يجب أن تنجح حكومة الوفاق الوطني وفقاً للبرنامج المزمن لتنفيذ المبادرة الخليجية لإن نجاحها فيه مصلحة للثوار في الساحات بتحقيق التغيير في الأخير ولو بعد سنتان، وفي نفس الوقت بقاء الثوار في الساحات مع تغيير أساليب واليات النضال الثوري و إبداء صلابة بالتمسك بأهداف الثورة المعلنة سيكون هو الضمانة لنجاح حكومة الوفاق الوطني والداعم القوي لسيرها وفقا للجدول الزمني لتنفيذ المبادرة الخليجية وصولاً للتغيير الشامل والناجز،
ومن يتحدث عن عمليات ترميم أو ترقيع أو توليف أو التفاف فلن يكتب لها النجاح مطلقاً، لان أي تهاون بمطالب شباب الثورة في الساحات وهي واضحة ومحددة ومعلنة ولا يستطيع أحد التنصل منها، سيؤدي إلى إشتعال ثورة ثانية قد لا تكون سلمية كاملة بمزاوجتها بين السلمية والعنف وهو ما لا يحبذه أحد، ولا يريده أحد ولا يدعوا إليه أحد، فقط على حكومة الوفاق الوطني التعامل مع شباب الثورة في الساحات بشفافية وعدم الإصدام بهم، ولتتذكر حكومة الوفاق الوطني أن نصف وزرائها جاءوا من الساحات وحتى النصف الأخر هم ليسوا أعداء للشباب في الساحات، فالتوافق تم على أساس التغيير، والمجتمعين الإقليمي والدولي يراقبان بجدية وعلى الجميع أن يعي أن بقاء شباب الثورة في الساحات مصلحة وطنية وهم صمام أمان استكمال تحقيق كامل أهداف الثورة وحصول التغيير الجذري والشامل للوصول إلى الدولة المدنية الحديثة والحكم المدني الديمقراطي التعددي وعودة العسكر إلى ثكناتهم ومن يريد من العسكر المشاركة السياسية عليه ان يستقيل من السلك العسكري.