آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

عن مشاكل "الإصلاح" غير الرسمي!!

تسخين على كل الجبهات. اصحاب السبعين خرجوا مؤيدين للمبادرة الخليجية التي اعتبرها شخصيا أفضل السبل لتحقيق الانتقال الديمقراطي وانجاز اهداف الثورة، أي أن ناس السبعين يعترفون بالثورة ضمنيا في حال كانت ثورة مبادئ، وفعل جمعي يهدف إلى احداث قطيعة مع الماضي، وليست فعل موجه ضد شخص.

ناس الستين لا يعترفون بالمبادرة في خطابهم المعلن، ويؤيدونها سرا ويحتدم صراع يصل حد الاشتباك في الساحة بين فصائل ترفض المبادرة الخليجية في اليمن علنا وسرا وتسعى إلى تعطيلها، وبين فصائل تؤيد المبادرة على طريقتها. اي انها تريد ان تحصل منها فقط على دهف صالح من الحكم بعد خلع انيابه، تمهيدا لوضع تركته ومصيره وشبكة المصالح المرتبطة به تحت تصرفها.

في المحصلة ومن ظاهر الامور، يبدو ان ناس الستين المتنازعين يتفقون دون ان يدروا على رفض المبادرة وآليتها، وان كان طرف يحبذ ان ينتقي منها ما يروقه وآخر يرفضها كليا. الخلاف هناك في الواقع لا يدور حول المبادرة ولا الحل السياسي، الخلاف عقائدي ونفسي وتاريخي.

الصورة ليست بهذا الوضوح، يعتريها تشويش وظلال هنا وهناك، والتباسات وتناقضات اكثر من أن تحصى.

منها ان طرفي النزاع المتحدم داخل الثورة في اليمن، يتبادلون الاتهام بالعمالة والتواطؤ مع حكم صالح المنتهي. الحوثيون مناهضون للمبادرة، لكن الاصلاحيين يعتبرون الحوثيين ورقة في يد صالح ويضعونه معهم في سلة واحدة. كما تقتضي نصوص المبادرة والآلية، يفترض ان حزب صالح والاصلاح والمشترك اصبحا شريكي حكم، لكن الاصلاح غير الرسمي بالطبع، لم يهادن قط في تسخينه ضد الموالون لصالح، وفي الايام الاخيرة بدأ التسخين على جبهة الحوثيين.

تفاعلات الصراع قد تضع الحوثيين ومتعلقاتهم في خندق واحد مع احد الطرفين، إما مع حزب صالح وحلفائه، أو مع الاصلاح وحلفائه. من المستبعد ان يظلوا طرف ثالث، الا ان كانوا يرغبون في لعب دور الوعاء الذي يستوعب افرازات صراع الجبابرة، بحيث تؤول اليه فائض قوة الطرف الخاسر.

يخشى الاصلاح من مزايدة الحوثيين باسم الثورة والشهداء والعيش على حساب الموقف الراديكالي من صالح وحكمه، بمعنى انه يريد ان يمشي في خطين متوازيين، الوفاء سرا وبشكل تكتيكي لتعهداته الواردة في المبادرة والآلية، ومن جهة يرعى ويساير المحتوى الحماسي للثورة المنافي للسياسية ومنطقها.

صالح هو الطرف الاضعف في صراع كهذا. لا تعوزه القوة ولا المال، بل الشرعية. هو يشك ان الاصلاح يتبنى نزعات واتجاهات متضاربة، اتجاه واقعي متسامح وطني لا شخصي، وهذا يرغب في تنفيذ المبادرة قولا وفعلا، واتجاه عائلي شخصي ناقم عدواني، وهذا يتربص وينتظر اللحظة التي يصبح صالح فيها بمتناوله. ربما تكون الغلبة للاتجاه الاخير، لانه يمتلك قوة ومال، رغم انه يكبح بشدة سواء من قبل الاتجاه الاخر داخل الاصلاح أو من تكبحه الظروف الدولية وشروطها وعصيها المرفوعة على رؤوس الكل.

الاصلاح لم يهدئ قط من نبرته على صعيد التسخين ضد صالح وحزبه، وهو الآن يقود التسخين ضد الحوثيين.

يترك الصدفة ان توجه الامور والحوادث. صوت الاصلاح الرسمي لا وجود له، لم يتصرف بشجاعه مع حلفائه ولم يعملوا بشرف مع المؤتمر كفريق حكم. راح الاصلاح غير الرسمي، يصرف كل الغضب باتجاه واحد، وتفرغ تفرغ شبه تام لشيطنة صالح وعائلته، وجعل حتى ذكر اسمه يجلب العار والريبة اذا لم يلحقه بشتائم وتحقير.

لا ادري متى تحل اللحظة التي ينضم فيها الحوثي إلى جبهة من الجبهتين، لكي ننتظر هرمجدون. بامكاننا الا نصل إلى نهاية مفزعة كهذه، اذا ضبط الاصلاح حركته لتتطابق باطنا وظاهرا مع روح المبادرة، ويمد يده لحزب الرئيس ويقدم نفسه بصورة مختلفة، روح مصالحة وتسوية وانتقال.

ليس الاصلاح مضطرا للعب كل هذه الادوار المتشابكة والمتعاكسة.

الاصلاح اكثر حزب قدم تضحيات مع الثورة، سقط من قواعده عشرات الشهداء، حتى من قتلوا في احداث مسيرة الحياة غالبيتهم من الاصلاح وليس من الحوثيين المنادين بالذهاب إلى القصر. اقصد ان الاصلاح لديه رصيد أخلاقي ووطني كبير، وأظنه سيرتكب خطأ اذا هو استجاب للمزايدات واصوات التخوين، ولم يضغط بكل طاقته لانجاح المبادرة وتطبيق آليتها، والتحكم في صوته وصورته الرسمية.

يخجل انصار الاصلاح من ان يقال انهم اقل ثورية، ويندفعوا في خيارات هجينة تبعث على الخوف، خوف من الاصلاح وخوف عليه. انت شاركت في الثورة بكل طاقتك وقد كللت بالتسوية السياسية وهي تنفذ الآن، ولست في حاجة لمسايرة اي صوت يصرخ وتتنصل عن التزاماتك منقادا لغرائز ورغبات اشخاص في صفوفك يقدمونك في هيئة بملايين الاصوات والرؤوس والتقاسيم والمخالب.

آمل ان لا يثير كلامي هنا غضب اصدقائي الاصلاحيين، وان يقولوا لي اين اخطأت اذا اخطأت

زر الذهاب إلى الأعلى