[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

البركاني.. مسابقة الوقت لاستخدام ما تبقى من الرئيس

يحضر الشيخ سلطان البركاني، هذه الأيام، كمسعر حرب، صرح مؤخرا بعدم الذهاب إلى الأنتخابات الرئاسية. كانت فكرة قلع العداد، قبل سنة من الآن، هي التي قدمت سلطان البركاني للناس على انه آخر من تبقى من مشائخ السياسة، تتذكر"قلع العداد" فتسمع لهجة شيخ من اليمن الأسفل، يهدد بقلع رعوي لأسباب تخص هيبة الشيخ وليس مصالحه.

يعتقد البعض ان قلع العداد هذه قد اوردت الرئيس المهالك ، أو انها على الأقل قد عجلت بقلعه ، ولو من وجهة نظر ان هذه الكلمة القالعة قد اقتطعت فائض الوقت الذي كان يمكن للرئيس استخدامه في تتويه المشترك.

ومنذ قراءتي لأول تصريح بركاني ادركت ان الرجل مخلص كليه للشيخ الذي بداخله اكثر من اخلاصه للسياسة، رجل يريد ان يرد على كل ما يعتبره تطاولا، ويلعب السياسة من خلال ردات الفعل.

وكان البعض يتداول بعضا من اخبار انشطة الشيخ سلطان مع الرئيس على مساواة مشائخ منزل بنظرائهم من مطلع ، حتى انه دفع بالمؤتمر في اكثر من حدث ، ليكون بيت شيخ منزل ليس له علاقه بصراع سياسي بقدر ما هو صراع حول توزيع حصص الوجاهة.

رجل غضوب كريم يسهل جره إلى معارك من اي نوع . ويفقد يقظته اثناء هذا الغضب المستمر، ليتمكن الساسة والصحفيون من فهم ما الذي ينويه المؤتمر أو يخبئه من خلال فلتات لسان الشيخ سلطان.

يحدثك عن جرير والفرزدق وحكايا النخوة ومتاعب اليمن الأسفل التي ليست متاعب رعوي أو مغترب أو مثقف عاد للتو من الدراسة في موسكو، بقدر ما هي متاعب شيخ لا تريد صنعاء القبول به كما هو وبدون رجال ، أو هكذا يخطر لي.

استيقظ مؤخرا على دنيا بلا ضمانات ، وعليه بالتالي مسابقة الوقت لاستخدام ما تبقى من الرئيس.. وما تبقى من حزب كانوا يطلقون عليه يوما" الحزب الحاكم".

يمكنك اعتبار الشيخ سلطان الآن نسخة معدلة من "دون كيشوت" الذي حاول يوما في رواية "سير فانتس"، استعادة حروب عائلتهم ، والحياة في سلسلة مغامرات تبعث على الرثاء.

مشكلة مشائخ منزل ان وجودهم مشروط بزمن بدأ يغيب ، زمن علي عبد الله والتسويه والاسترضاء، ووضع امكانات مكاتب المحافظات تحت التصرف ، وجاء المؤتمر كملاذ للباحثين عن نفوذ بدون عصبة.

هناك اشياء تتغير في هذه الحياة، والشيخ سلطان لا يغير الدسمال، ولآ يغير لهجته ، ولا طريقة نظرته للأمور.. اذ لا يزال يعتقد ان تصريحه الأخير بعدم الذهاب للانتخابات الرئاسية، سيقلب الطاولة، مع انه ما من طاولة ليتم قلبها، لدينا وضع جديد تشرف عليه قوى دولية تريد مستوى من الاستقرار في اليمن ، ولا احد مستعد في الداخل أو في الخارج لمراعاة متاعب الشيخ السلطان المتمسك بوظيفته التاريخية. اذ يحتفظ الوعي بتساؤل عن اسباب نجاة المؤتمر كحزب حاكم ، من المصير الذي آل اليه امر الحزب الوطني المصري ، ذلك ان المؤتمر الشعبي العام يشبه الشيخ سلطان إلى حد بعيد كيان يحدث ضررا كبيرا ، غير انه لا يوغر الصدور تماما كما يفعل البركاني وهو يصر في الجمعة الأخيرة على تسمية "وان عدتم عدنا" مع ان الجميع يدرك ان لا شيء يمكنه العودة به.

ويحتاج الأمر هنا إلى صديق شخصي ومقرب جدا من الشيخ سلطان ، ليجره إلى حديث صادق ، ويسأله ما الذي تبقى ليتم اعادته .. الحرس الجمهوري ؟ البلاطجة ؟ قطع الكهرباء ؟ اللهم الا اذا كان يهدد بالعودة إلى قتل المتظاهرين . الآن يمكن للرئيس فقط العوده إلى العنف كخيار انتحاري لرجل بلا امل.

وما تبقى من وقت الشيخ سلطان من اليوم وحتى الـ21 من فبراير، سيكون مجرد غضب رجل لم يعد لديه ما يفعله.

زر الذهاب إلى الأعلى