منذ سنتين والمنظمات الدولية الانسانية، والبرلمانات في العالم والشخصيات السياسية والادبية تبذل جل جهودها، كل من زاويته، لايجاد حل لقضية الاشرفيين الذين يسكنون في مخيمهم شمال شرق بغداد، منذ ربع قرن ونيف. وفي الوقت الذي انفرجت الامور باتجاه الحل، وقبلت الحكومة العراقية تمديد بقاء الاشرفيين ستة اشهر اخرى في العراق.
تمهيدا لنقلهم إلى بلدان ثالثة. بدأ نظام الملالي في طهران بعمليات الاحماء كما قلت في مقالتي السابقة حول مخيم اشرف ويقصفون المخيم بالصواريخ، ليبدأ ازلامه لعبة الشوط الاول من مخطط الملالي الرامي إلى ذبح الاشرفيين بأي وسيلة.وكان مخططهم يقضي بنقل الاشرفيين إلى اماكن متفرقة في العراق، وبعدها يسهل ذبحهم بدم بارد وبدون علم احد، وهكذا يضيع دمهم بعيدا عن اعين الاعلاميين في العالم.ولكن الضغوط التي مورست من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، ومن الاتحاد الاوروبي، ومن الكونغرس الأمريكي، ومن الوطنيين العراقيين الذين وقعوا عريضة تطالب بعدم نقل الاشرفيين من مكانهم بالقوة، وقد وقع على هذه العريضة اكثر من مليون شخصية، منهم رجال دين وشيوخ عشائر ومحامون ومهندسون وصحفيون ومثقفون. وهؤلاء يشكلون شرائح في المجتمع العراقي الذي اتسم باكرام الضيف مهما كانت صفته أو ماضيه. و هذه الضغوط افلحت في ثني المالكي عن قراره نقل الاشرفيين في الموعد الذي كان مقررا في نهاية العام المنصرم.
من المفروض ان يتم نقل الاشرفيين بكل ما يملكون من سيارات واثاث بيت، ومستلزمات الانارة من مولدات كهربائية ووسائل الحياة اليومية إلى المكان المقرر نقلهم اليه، وهو المخيم الكائن قرب مطار بغداد الدولي، ويقضي الاتفاق ان يتم النقل المؤقت باشراف الامم المتحدة، حيث من المفروض ان يتم تعداد الاشرفيين اولا، واحصاء ممتلكاتهم وضمان سلامتها، ويتم نقلهم بسلام وبطرق أمنة، تحت اشراف الامم المتحدة والسفارة الأمريكية في بغداد، بحيث يتمكن السفير أو طاقم السفارة المكلف بالاشراف على الاشرفيين في سكنهم الجديد ان يتفقدوا احوالهم بين فترة واخرى.
الاتفاق لم يعجب ملالي طهران، لانهم يريدون سفك دماء الاشرفيين، لا ان يبقوا احياء سالمين ويشكلون مصدر ازعاج لهم امام الرأي العام العالمي الذي ادان ممارساتهم القمعية ضد المعارضة الإيرانية، وفي مقدمتها منظمة مجاهدي خلق المعارضة. اعضاء الفريق من عناصر فيلق القدس بزعامة قاسم سليماني، اجروا الاحماء قبل حوالي شهر، استعدادا لخوض المباراة غير المتكافئة بين الطرفين، ليحققوا الفوز الكبير على المجموعات المسالمة.
ولكن الاتفاق افسد عليهم مخططهم الدموي، فبدأوا بالضغط على المكلفين من مكتب المالكي ليضعوا العصي في دواليب العجلة قبل الانطلاق، ويفرضوا شروطا غير مقبولة من قبل الاشرفيين، مثل نقلهم بملابسهم فقط، وعدم السماح لهم بأخذ امتعتهم واثاثهم وسياراتهم وعرباتهم ومولدات الكهرباء وتنقية الماء وغيرها من مستلزمات الحياة اليومية التي كانت تعينهم خلال عقدين ونيف.لماذا كل هذه التعقيدات ؟ مادام قرار النقل سينفذ بالتفاهم المشترك بين الطرفين، وباشراف الامم المتحدة والولايات المتحدة من خلال سفارتها في بغداد ؟
نظام الملالي يستعجلون الامور، لارتكاب ازمة جديدة تبعد الانظار عن ما يجري داخل إيران من احتقان وتململ الشعب الإيراني لاحداث ربيع إيراني بامتياز. وقد يكون الربيع الإيراني المقبل شديد الوقع على نظام الملالي المحاصر من دول العالم، نظرا لخداعهم ومراوغتهم، وعدم الصدق مع الراي العام العالمي ومع اللجنة السداسية المكلفة بالملف النووي الإيراني. وما المناورات البحرية الإيرانية والاعلان عن اطلاق صواريخ متوسطة المدى أو بعيدة المدى، الا تعبيرا عن الازمة التي يعيشها نظام الملالي داخليا ويريد تصديرها إلى الخارج.
صحيح ان نظام الملالي يتحكم في كثير من الشؤون السياسية في العراق، ولكن العراق فيه شعب متنوع الاعراق يعرف مصيره، رغم اوضاعه الصعبة التي تعصف به هذه الايام. ولاسيما بعد الانسحاب الأمريكي. والايام المقبلة قد تسفر عن مستجدات اخرى غير متوقعة لدى الملالي القابعين في طهران. واذا كانت الحكومة العراقية جادة في انهاء هذا الملف، فمن مصلحتها ان تجلس في اي مكان محايد بعيدا عن ضغوط الملالي، وباشراف اممي لوضع اللمسات الاخيرة لعملية النقل بسلام وامان، وانهاء الملف بما يحقق مصلحة الطرفين.
* رئيس لجنة الاعلاميين والكتاب العرب دفاعا عن اشرف
[email protected]