أرشيف الرأي

ماذا لو صدقنا نبيل الفقيه؟!

تحل علينا الذكرى الأولى للثورة الشبابية غداً الخامس عشر من يناير، دون أن نكون قد أنجزنا الهدف الأول منها، ويتحمل مسؤولية هذا التأخير أولئك الشباب الذين يتحفزون - في هذه اللحظة - لمجادلتي أن الثورة لم تبدأ في ال (15) من يناير، وإنما قبل ذلك أو بعد ذلك.

قد لا يهمّ كثيراً معرفة اليوم الذي بدأت فيه الثورة وكيف بدأت، ولكن الأهم من ذلك هو أن نعرف اليوم الذي ستنتهي فيه الثورة وكيف ستنجح؟.

ولكن إذا كنا لم نتفق على تحديد اليوم الذي انطلقت فيه شرارة ثورتنا فكيف سنتفق على تحديد الكيفية التي ستنتهي عليها هذه الثورة؟ هل ستنتهي بإسقاط المنصة؟ أم بإسقاط المبادرة؟!.

والعجيب أن من ينادون بإسقاط المبادرة الخليجية يقولون: إنها لا تعنيهم، فإذا كانت لا تعنيهم فلماذا يحاولون إسقاطها إذاً؟ ولماذا لا يتجاهلون المبادرة كما تجاهلتهم، ويمضون قدماً في هدفهم الرئيسي دون انحراف.

وأعجب ما في الثورة اليمنية أن وزيراً شاباً من وزراء النظام السابقين رسم للثوار خارطة واضحة للبداية والنهاية، كانت ستوصلهم إلى هدفهم بأقل التكاليف لو قبلوا بها في ذلك الحين، ولكن الثوار رفضوها وشتموا صاحبها، فجاء الزياني وبن عمر والتقطا الفكرة وطبقاها حرفياً مع شيء من التأخير والنكد.

فقبل أن تأتينا مبادرة الخليج، وقبل أن نسمع عن الزياني وبن عمر، كانت هناك مبادرة يمنية أطلقها رجل يمني يحب وطنه وهو الأخ نبيل الفقيه - وزير السياحة السابق - حيث قال في وقت مبكر من ثورات الربيع العربي: إن اليمن لن تكون بمعزل عما حدث بمصر وتونس.

واقترح في مقال نشر في فبراير الماضي بصحيفة السياسية الحكومية «الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة مع نهاية العام 2011 لا يرشح فيها الرئيس علي عبدالله صالح»، وكانت هذه هي الدعوة الأولى التي تخرج من داخل السلطة تطالب الرئيس بتلبية مطالب الشعب الذي خرج في مظاهرات واعتصامات تطالب بإسقاط النظام.

ورأى الوزير الفقيه ضرورة «اعتماد الحكم وفق النظام البرلماني كنظام يقوم على مجلس منتخب يستمد سلطته من سلطة الشعب، ويقوم على مبدأ الفصل بين السلطات على أساس التوازن والتعاون في إطار السلطة التنفيذية، وفصل مؤسسة رئاسة الدولة التي ترمز إلى سيادة الدولة والوطن عن الحكومة، بحيث تصبح رئاسة الجمهورية لكل اليمنيين وليس لحزب».

ماذا لو صدقنا نبيل الفقيه؟ ألم يكن خياره لنا أفضل من خيار الآلية الخليجية التي أضاعت علينا المزيد من الزمن والمزيد من الدماء؟.

في حين أن مبادرة نبيل الفقيه كانت أوضح وأسهل وتحقق هدف الثورة بأقل التكاليف.
لقد انتهى العام وبدأ عام جديد ومازلنا ننتظر من النظام أن يسقط نفسه.

وليس هذا فحسب بل إن الأصوات بدأت تتع إلى وتنادي بتحويل مسار الثورة من إسقاط النظام إلى إسقاط من انضموا للثورة.

ألا يدرك هؤلاء أن النائب الراحل حسين الحوثي والنائب الحالي يحيى الحوثي كانا جزءاً من النظام وعضوين في برلمان النظام؟!

ألا يدرك هؤلاء الجهابذة أن علي سالم البيض وحيدر العطاس كانا جزءاً من النظام ثم اختلفا مع النظام وتواجها معه؟!.

ألا يدرك هؤلاء المتحذلقون أن قائد الثورة الليبية كان وزيراً في حكومة القذافي، وأن قائد المجلس العسكري المصري كان وزيراً في حكومة مبارك؟!.

ألا يدرك هؤلاء الحاقدين أن الرئيس التونسي المنتخب يرفض فصل أي شخص من عمله لمجرد أنه عمل مع بن علي؟!.

ألا يدرك هؤلاء الصبيان أن أمين عام الحزب الديمقراطي اليمني الفارسي كان جزءاً من النظام وجندياً في حرس النظ
ام؟!.
إن قائمة المزايدين طويلة، وليس بينهم أبداً من يستطيع أن يرمي المنضمين للثورة بحجر؛ لأنهم جميعاً خدموا النظام باستثناء كاتب هذا المقال.

فرغم أني من القلة القليلة الذين يستطيعون أن يقولوا بصوت عالٍ: إننا لم نعمل مع النظام، لكن السؤال الذي أطرحه على نفسي دوماً هو: هل تستطيع هذه القلة - التي أنا منها - أن تقيم نظاماً بديلاً دون إشراك الآخرين، ومساعدة كل يمني، كان مع النظام أم لم يكن؟.

لو كنت مسؤولاً عن الثورة لما ترددت في الترحيب بأحمد علي في حال قرر الانضمام إلى الثورة وتخلى عن نظام أبيه.

ولكن غالبية المزايدين من أرامل مشروع التوريث يختلقون الأعذار تحسراً على مشروعهم الفاني ورهانهم الخائب.
ولهذا فأنا أقترح على أعضاء المجلس الوطني أن يقنعوا زميلهم في المجلس علي محسن صالح بالخروج من الفرقة ومن السلطة بل ومن اليمن كلها، مقابل أن يقنع الطرف الآخر صاحبيهما أحمد علي وعبدالملك الحوثي بالاستقالة من الحرس الجمهوري ومن قيادة الحركة الحوثية والخروج مع علي محسن في طائرة واحدة إلى الدوحة أو الرياض أو حتى إلى لاهاي.

فهل يقبلون التحدي؟ أشك في ذلك؛ لأن مشروعهما وراثي صغير وسيرفضان الرحيل..أما مشروع المجلس الوطني لقوى الثورة فهو مشروع اليمن الكبير، لا يتوقف على بقاء علي محسن ولا عسكر زعيل

Back to top button