أرشيف الرأي

فاطمة العاقل نموذج البصيرة والعزيمة

في الوقت الذي أصبحت المزايدات الاخلاقية والسياسية والدينية تعلو فوق كل الاصوات المحترمة، وأصبحت المصلحة الشخصية الضيقة تسيطر على كل القيم، نفجع في وفاة الاستاذة الناشطة الاجتماعية والخيرية فاطمة العاقل رئيس جمعية الأمان للكفيفات، والتي أجزم بأنها كانت أقوي نساء اليمن عزيمة وبصيرة لا حدود لها.

كانت تعمل في صمت في الوقت الذي كان يعلو نهيق الكثير من النساء اللاتي يبحثن عن دور سياسي، كانت تؤدي دوراً هاماً لرعاية وتأهيل كفيفات اليمن، في مجتمع يعجز عن توفير مقومات الحياة الانسانية للانسان الصحيح.

- ماتت الاستاذه فاطمة العاقل وقد نشرت الامل في نفوس الكثير من النساء في اليمن.
- ماتت وقد ملأت اليمن حباً وعزيمة وعطاءً.
- ماتت في صمت غريب تناجي فيه السماء بشوق كبير.
- ماتت وهي تحلم بغد مشرق لكفيفات اليمن خصوصاً، ولليمن المغلوب عموماً.
- ماتت .. وكانت تعمل لترضي الله والنفس والوطن، ولم تكن تسعى لإرضاء الخارجية الأمريكية أو الاتحاد الاوربي.
- ماتت وهي تترك وراءها سجل من الاعمال الخيرية العظيمة لكفيفات اليمن.
- ماتت وقد وضعت لبنات للعمل الخيري لفئه لم تجد اهتماما من المجتمع ولا الدولة.

يا الله ما أكثر الكلام هذه الايام، وما أقل الذين يعملون في هدوء وصمت، يا الله ما أقل الذين لديهم هدف ورؤية وما أكثر الغوغاء هذه الايام، يا الله ما أكثر أصوات الفتن والحقد والموت، وما أقل أصوات الحب والصفح والحياة.

وفي هذا المقام احكي قصة شخصية لي مع الاستاذه فاطمة العاقل، في أول إلتحاقي بالعمل الصفحي في وكالة الانباء اليمنية في يونيو2000، وكوني مستجدا فكنت مكلفا بشكل دائم بتغطية أخبار وفعاليات منظمات المجتمع المدني كدلالة على قلة الاهتمام بتغطية هذا النوع من المجالات، وكان ذلك بالنسبة لي متعة لا تضاهيها متعة فقد تعرفت على امراتين ورجل، هم من خيرة ابناء اليمن الاستاذه رقية الحجري حفظها الله والاستاذه فاطمة العاقل والاستاذ المربي الجليل أحمد جابر عفيف رحمهما الله.

فكانت زياراتي لجمعية الامان للكفيفات دائمة وفي كل مرة كنت أزور مقر الجمعية تستقبلني الاستاذة فاطمة بحفاوة كبيرة حرصاً منها أن لا أكون مضطراً لتغطية فعالية هامشية، أو لا أعطيها الاهتمام الكافي، من منطلق الصورة الذهنية لهذه الفئة في اليمن، وكنت سرعان ما أؤكد لها أني في قمة سعادتي وانا استمتع بتأدية عملي كصحفي في مكان ألمس فيه الاصرار والتحدي لمواجهة عناد الحياة وغباء الناس، ومن حسن حظي كانت في كل مرة لديهم فعالية في الجمعية تطلبني بالاسم.

غيّب الموت فاطمة العاقل عن ظلام اليمن الدامس والمستقبل المجهول، ونفقد نحن إمراة صاحبة بصيرة ثاقبة في زمن أعمى الغباء والحقد نفوس اصحاب الابصار والاسماع والاحساس.

رحم الله الاستاذه فاطمة العاقل ونسال الله عز وجل ان يجزيها خير الجزاء..

زر الذهاب إلى الأعلى