أرشيف الرأي

وزيرالاعلام يكتب : رئيس جديد لليمن الجديد

سيكون 21 فبراير يوم الإجماع الوطني، واعتباراً من ذلك التاريخ سيكون لليمانيين رئيس جديد.. ولأول مرة سيكون رئيس اليمن الموحد من الجنوب ولكنه سيكون، كما هو الحق والواجب، على مسافة متساوية من أبناء اليمن في الشمال والجنوب والشرق والغرب والوسط.. ومستقبلاً سيأتي الرئيس من صعدة أو حضرموت أو تعز أو تهامة أو غيرها وقد يكون من “أصل قحطان” أو “نسل عدنان” أو من أصول مهاجرين أتراك أو أفارقة أو هنود، لكن من المهم أن لا يكون متحيزاً لجهة أو قبيلة أو عائلة يرعى مصالحها وحدها من دون الناس.

> سيتحتم على رئيسنا القادم أن يكون زيدياً وشافعياً في نفس الوقت، والأهم من كل ذلك أن يكون إنساناً كبيراً يتسع قلبه للجميع، وبذلك سيشعر اليمنيون أنهم قريبون من بعض بالفعل كما هي الحقيقة التي قد تغيب عنهم أحياناً بسبب الاستحواذ والتعالي والتظالم، فأهل اليمن أخوة وأبناء عم، ولو لم يجمعهم الأصل والدين لكان جديراً بهم أن ينصهروا في بوتقة الوطن ويعملوا معاً ويقيموا دولة محترمة ويشيدوا حضارة إنسانية ثرية كما تفعل أمم كثيرة ذات أعراق وأديان متعددة في الشرق والغرب.
> ببسط العدل وسيادة النظام والقانون ستتقوى أواصر الوحدة الوطنية وتتعزز الهوية اليمنية الواحدة، وسيكون شعب اليمن الواحد قوياً ومتماسك البنيان، وسيشعر اليماني بالفخر بذاته وببلده أينما حل أو رحل.
> طوال السنين الماضية بقي عبدربه منصور هادي نائب رئيس جمهورية بلا صلاحيات حقيقية، لكنه ظل صبوراً ووقوراً ومحترماً، ولم نسمع أنه شكا أو أساء إلى أحد .
> من وقت لآخر كان يطل على الناس متحدثاً في قضايا عدة، وكانت اللكنة المحلية التي يتميز بها أهل أبين توحي ببساطة معرفية لمن لا يعرف الرجل عن قرب، لكنه، للذين يعرفونه جيداً، رجل المسؤولية والاستقامة والانضباط والنزاهة والحكمة والحديث المنطقي المرتب المركز والموقف الصلب وقت الحاجة.
> ظن الثوريون أنه إليهم أقرب، وأنهم سيجذبونه إلى صفهم في لحظة ما استناداً إلى قناعته وإدراكه حاجة اليمن للتغيير، وربما قدر كثيرون أن غياب الرئيس صالح للعلاج في الرياض سيجعل النائب يتخذ قراراً أسمته مصادر إعلامية مقربة من الرئيس فيما بعد انقلاباً بتشجيع أمريكي، لكنه لم يفعل، ولا بد أنه قال: لا، إذا سلّمنا بدقة ما نسبه التقرير المطول المنشور .. وعندما لوح جناح المتشددين في المؤتمر بما يفهم أنه تنصل عن مبادرة الخليج بعد توقيعها وتشكيل حكومة الوفاق، وقال الرئيس في اجتماع حزبي موسع: إن المبادرة تعثرت، قال النائب، في نفس الاجتماع الذي شعر أنه تم حشده ضده : لا .. الأمور ماشية، وقد قطعنا شوطاً كبيراً. واليوم أفضل من أمس بكثير.. وعندما أمعن المتشددون في المؤتمر في التصلب وعقدوا اجتماعاً آخر وأصدروا بياناً أعاد الأمور إلى المربع الأول أو قريب منه، قاطعهم النائب ولم يحضر اجتماعهم .. ثم عاد إليه عقلاؤهم وعاد إليه الجميع من بعد، وتم إقراره مرشح إجماع وطني.
> ولا شك أن السيد عبدربه منصور هادي يدرك صعوبة مهمته الرئاسية و المخاطر المحدقة بالوطن العزيز، ومع ذلك لم يتردد في قبولها، كما لم يتردد من قبل في التصرف بمسؤولية وطنية في ظروف استثنائية وخطرة، وهو الذي قال: لا، بشكل حاسم عند ما اقتضت الضرورة، وبقي في المكان الذي رأى أنه الأنسب وعلى مسافة متساوية من الجميع، واتفق واختلف مع كل الأطراف ووافق هنا ومانع هناك، غير أن حكمة الرجل أبقته محل إجماع في ظروف يندر فيها الإجماع.
> وتقتضي الضرورة الآن الاستمرار في حشد التأييد الشعبي والمشاركة الواسعة في انتخابات توافقية نرغب أن تؤسس للتغيير الشامل والإصلاح الكامل واليمن الجديد، ويشارك فيها اليمنيون أجمعون .. ولأول مرة سيكون لنا رئيس جديد منذ تكونت الجمهورية اليمنية عام 1990م، ومن المهم جداً، أن ذلك الرئيس الجديد من الجنوب اليمني العزيز الذي شعر أهله بالضيم لعقدين من الزمن.
> في مقالات ومقابلات سابقة منها مقابلة في 2007م قلت: إن من الواجب أن يكون الرئيس القادم جنوبياً وأن من الصعب تصور مرور ربع قرن من الزمن دون أن يدخل دار الرئاسة رئيس من أهل الجنوب وهم الذين كانت لهم دولة وعاصمة ودار رئاسة، ولولا ثورة الربيع لجرت الرياح بما لا تشتهي السفن حتى بعد 2013م ولحدث ما لا يحمد عقباه .. ولكن شكراً لشابات وشباب الربيع العربي في اليمن فإن صمودهم وإصرارهم وعظمتهم وتضحياتهم جعلتنا قاب قوسين أو أدنى من الصواب ووضع الأمور في نصابها، ورئيس جديد لليمن الجديد الذي يحلم به شبابنا ويستحقونه عن جدارة.
*وزير الإعلام

زر الذهاب إلى الأعلى