[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

إلى من زرعت "صحاري" حياتي

إلى من زرعت صحاري حياتي. هكذا كنت افتتح كل الرسائل الغرامية التي اكتبها باسمي أو باسم أي من زملائي المولعين بهذا المدخل الرومانسي الساحق وكنت اكتبها صحاري بالياء وهذه هي الصيغة التي سنعتمدها حتى آخر هذه المقالة في عيد الحب عن حبنا الساذج. ثرثرة بيننا وبين تلك الأيام كتعويض عن فقداننا الآن للحب.

وصلنا مدرسة الفاروق الإعدادية بإب ولم يكن فيها سوى بنت واحده فأحببناها كلنا وكتبنا لها رسائل كثيره كلها تبدأ ب<إلى من زرعت صحاري حياتي..كنا قرويين جدا نحتاج لهذا النوع من الزمالة الرومانسية والفتاة لا تقوى على هذا الكم الهائل من الغرام فتركت المدرسة ولم نسمع عنها شيئا .كنا منشغلين بحب كل ما يصادفنا ونحن في أبلان الحي المتاخم للمدينة والذي كان قرية في الماضي .أحببنا المتزوجات ومريضات مستشفى الثوره والطبيبات من روسا والذي كان علينا تجاوز سنتين من العته القروي لنتمكن من حبهن ولكن بصمت.أول علاقة لنا بالروسيات كان صدمة رؤيتنا الأولى لسيقانهن المكشوفة بشارع العدين.تلك الصدمة التي اختصرها قاسم وهو يصرخ <صرماحة> تسميه جلفه للساق ،ما بالك بالساق الروسية تتجول بين فندق فيروز حيث يسكن الفريق الطبي الروسي وبين مستشفى الثورة أمام ذهول المارة وتحديقاتهم لسيقان لم تكن كلها ممشوقة تماما لكنها متعافية تضج بالحياة مقارنة بالسيقان التي في البيت والتي تكون مقوسة في الغالب.

اسأل الآن عن مآل اللاتي زرعن صحاري حياتي وأسمع أن واحدة ذهبت للحج وأخرى أوقفت مقبرة كصدقة جاريه وأخرى أصبحت مسؤولة القطاع النسائي بمنظمة سلفيه،بنما كانت إحداهن تلوح بيدها المعروقة أثناء حديث مع جارتها عن مسلسل <سنوات الضياع>فيخطر لي الشاعر وليد منير أمين وهو يردد:وحتى الجميلات يولدن كي ينتظرن صباحا يعالجن فيه التجاعيد والشيب ولا شيء يبقى.

كنا نحيا مشاعر العمر الغنائي جاهزين للصبابة. والنساء مولعات بالشارب الأخضر رفقة جسد الفتى وهو يمتد مفصحا عن تضاريس جديدة ونحن الذين كنا بلا تضاريس حتى الرابعه عشره من العمر وفجأة تلفت إحداهن عنايتك لما تمتلكه كحامل لترياق الحياة وبهجتها تلعب الكره وتتعرق وتتثنى والنساء كلهن لك وكان سعيد يرجم لكل من تصادفه رساله،واحدة اشتكت لإخوتها فضربوا سعيد حتى بدت نواجذه.فتوقفنا عن كتابة الرسائل حتى يهدأ الجو ويتعافى سعيد الذي سلم علينا ذات ظهيرة والدموع تملأ عينيه وغادر إلى السعودية.

تقاسمنا دفاتره ومن ثم عاودنا نشاطنا في التواصل مع من يزرعن صحاري حياتنا، وكانت حياتنا قد بدأت تعطب بفعل المذاكرة وتحول الحب مع مرور الوقت هو الآخر إلى شكل من المذاكرة والقيام بما يلزم.

في السينما أحببنا كلنا الممثلة الهندية سرديفي وكنا نفديها في كل فيلم ولا سيما عبد الوهاب الذي كان أكثرنا ضراوة في حب سرديفي لدرجة إعلان أنه يفدي أدق خصوصياتها..

مات عبد الوهاب ولم نسمع عن سرديفي بعدها، اختفت هكذا مثل كل تفاصيل عمرنا الغنائي وسمعت مؤخرا عن تصريح لرئيس وزراء الهند وكيف أن بلاده تفخر بممثلة تجسد أنوثة الهند وكم تمنيت أن تكون تلك الممثله هي سرديفي.عرفانا بكل الذي فعلته من أجلنا.

زر الذهاب إلى الأعلى