[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

رئيس الجمهورية، نائب رئيس المؤتمر.. عبارة لا تستقيم!

تردد بعض وسائل الإعلام أن علي سالم البيض هو رئيس النظام الشطري في عدن قبل الوحدة، في حين لم يكن البيض يوما ما رئيسا، بل كان حيدر العطاس رئيس هيئة الرئاسة والبيض أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم حينذاك، وبسبب الطابع الشمولي يومها كان الرئيس يخضع لأوامر قيادة الحزب وأمينه العام، بعد أن كان الرئيس علي ناصر محمد جمع في يده لسنوات، الثلاثة المناصب الهامة: رئاسة الدولة وأمين عام الحزب، ورئاسة الوزراء.

اليوم احتفل اليمنيون بتأدية رئيسهم الجديد عبدربه منصور هادي اليمين الدستورية أمام مجلس النواب بحضور أعضاء الحكومة وأمناء الأحزاب وأعضاء في السلك الدبلوماسي إضافة إلى المبعوث الأممي جمال بن عمر، ليكون الرئيس منصور بذلك ثاني رؤساء الجمهورية اليمنية وأول رئيس في اليمن يصعد إلى سدة الحكم بتأشيرة شعبية جاءت مكللة إجماعا سياسيا واقليميا وأمميا، كرئيس توافقي لفترة انتقالية يفترض فيها أن صياغة دستور جديد لليمن وتعاد فيها هيكلة الجيش والأمن ويُصار إلى مؤتمر حوار وطني يهيئ القلوب لمرحلة حقيقية من البناء.

حزبياَ، ينتمي الرئيس منصور إلى المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ومنصور بطبيعة الحال ليس مرشحا توافقيا عن الأحزاب كافة بما فيها المؤتمر، فحسب، بل صار رئيسا نابعا عن إجماع شعبي غير مسبوق ولا ملحوق في تاريخ اليمن، إذ لا أحد سيحصد حجم الأصوات وذات النسبة التي حصدها منصور هذه المرة، بالتالي فإن ثمة إشكالية حقيقية في بقائه نائبا لرئيس المؤتمر، حيث لا ينبغي أن يخضع الرئيس منصور لأية إملاءات من خارج التزامه أمام الشعب وأمام المرحلة، فضلا عن كون رئيس المؤتمر هو الرئيس السابق صالح، الذي وإن كان أبدى، حتى الآن، قدرا كبيرا من الاستجابة لمقتضيات انتقال المنصب، وهو في ذلك محل تثمين وإشادة، إلا أن طبيعة صالح كرئيس سابق لثلث قرن، وطبيعة المؤتمر كحزب حاكم لربع قرن، تجعل من الصعوبة على الرئيس منصور التوفيق بين مقتضيات الانتماء إلى المؤتمر ومقتضيات كونه رئيسا توافقيا لعموم أبناء اليمن، ما يعني ضرورة الإسراع في حل هذه الإشكالية المنطقية، إما باستقالة الرئيس منصور من العمل الحزبي أو باستقالة المشير صالح من رئاسة المؤتمر. ولعل الخيار الأول هو الأشمل نفعا والأسهل تحققا، بحيث تمثل استقالة الرئيس من حزبه فور نجاحه بادرة يمكن جعلها نصا يتضمنه الدستور المرتقب لليمن.

بالطبع لا يمكن أن تتكرر حالة (البيض، العطاس)، لأسباب أوضح من أن تُشرح، والمهم الآن هو أن يتفهم إخواننا في المؤتمر الشعبي العام حساسية هذه الإشكالية وألا يجدوا في أنفسهم غضاضة من استقالة الرئيس منصور من حزبهم طيلة فترة رئاسته، بل إن المؤتمر سيثبت قدرا كبيرا من النضوج السياسي والإيثار الوطني حينما يشرع هو في مفاجأة الجميع بخطوة كهذه قبل أن ترتفع المطالبات.. فلئن تأتي منهم هذه الخطوة كمبادرة، خير من أن ينساقوا إليها كاستجابة.

كما أن على إخواننا في المؤتمر ألا ينظروا إلى هذه الخطوة بأي درجة من الارتياب، ذلك أن الرئيس سيترك الحزب ليكون للوطن أجمع وليس ليكون في حزب آخر، وهذا بالطبع لا يحتاج إلى مزيد تأكيد، زد عليه أن المؤتمريين بمستطاعهم أيضا أن ينظروا إلى مثل هذه الخطوة الملحّة باعتبارها التجسيد الأمثل لما قاله المشير صالح لقناة "اليمن اليوم" إنه لن يكون هناك سوى "سيف واحد وغمد واحد".

زر الذهاب إلى الأعلى