آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

كلمة الرياض: اليمن الجديد..

يحسب لليمن أنه، بكل ما حدث قدم ثورة سلمية قياساً لما جرى في ليبيا وسوريا، فالشعب واجه السلطة بدون عنف إلا ما جرى من انشقاقات في صفوف الجيش، ومع ذلك لم يؤثر على الحشد الجماهيري الذي أجبر الرئيس صالح على التنحي تلبية لمطالب الشعب..

الانتقال السلس للحكم أثبت أن اليمن ليس على الصورة النمطية التي جعلت حكمها أنه قبلي طائفي، بل أعطانا النموذج النادر لوحدته الفريدة، وحتى عبدالله صالح الذي جاء ليتنازل ثم يبارك لخليفته، لم نرها في دول الربيع كلها مما يؤكد أنه مهما كانت أخطاء الماضي فعملية أن يبقى مواطناً عادياً، وعدم ملاحقته قانونياً، يعطينا فكراً ناضجاً يشبه إلى حد بعيد نموذج سوار الذهب الذي تنازل عن الحكم لصالح الديموقراطية التي لم تتم بالسودان، أو عفو نيلسون مانديلا عن خصومه، واعتبار ما كان تاريخاً مضى في سبيل أن لا يفتح جراح الفصل العنصري ويفرق البلد في حرب سود وبيض..

الوقفة مع اليمن بعد هذا السيناريو المبشر بخير، لابد أن يحظى بتأييد عربي ومباركة عالمية وليس فقط الاقتصار على رؤية ما جرى، حيث البلد الخارج من خسائر مادية كبيرة، وتراكم أعداد العاطلين، ومشاكل في الامكانات الطبيعية تجعل المهمة كبيرة، ولابد أن تكون سريعة..

فالمواجهة ليس مع ظرف سياسي تجاوزه اليمنيون بثقة كبيرة، وثورة نموذجية، بل هناك احتياجات لابد أن تأتي على أولويات انجاح الفترة الانتقالية، ولعل الحكومة الجديدة التي اقترع الشعب على قبول رئيسها، وهو من الجنوب، يؤكد أن الوحدة اليمنية، حتى لو اختلفت النظرة لها بين معارضيها ومؤيديها، فهي صورة لتلاحم شعب، وإلا لكان المعارض الشمالي الأقوى في صوته في الرفض..

يبقى موضوع الحوار الصريح والشفاف بين مكونات اليمن جنوبه وشماله، قبائله وطوائفه، الخطوة الثانية لتمتين هذه الوحدة، والتي تحاول قوى داعمة للقاعدة أو المذهبية إشعال خصومات وفتن استطاع وعي اليمنيين تجاوزها..

لقد قلنا مراراً أن الشعب اليمني طاقة عمل كبيرة لدول الخليج وإعمار الداخل لو وضعت خطط طويلة المدى لتعليمه وتدريبه ليكون جزءا من تنمية خليجية يمنية واحدة، ومثل هذا المشروع قابل للقيام إذا ما تمازجت الثروة الخليجية مع الكثافة السكانية اليمنية، والعمل ضمن عمل كهذا يحتاج إلى تحديد سياسات وأهداف، لأن اليمن لو وصل المواطن إلى مستوى دخل جيد، فالظروف هنا ترشحه لدخول مجلس التعاون، وبدون أعباء تثير المشاكل..

فالطاقة البشرية الناجحة، هو رأسمال اليابان وسنغافورة ودول آسيوية أخرى، وما كان تيار أن دول الخليج العربي تستورد العمالة الآسيوية على حساب العربية، مرده تفضيل جنس على عنصر آخر، بل للأداء عندما نقارن أي فلبيني أو هندي، أو باكستاني بالطاقة التي يعطيها العربي، وهي مفارقة ثقافية ووعي في قيمة العمل والالتزام به، وقد عانت أندونيسيا وماليزيا من سوء أداء مواطنيهما أمام الصيني والهندي، لكن وجود خطط وحوافز رفعت مستوى الشعبين إلي محاكاة الأقليات الأخرى.

لسنا في موضوع واحد يؤسس عليه مستقبل اليمن لكننا أمام شعب أثبت أنه يملك فكراً متقدماً في صيانة وحدته واقتراعه الحر الذي جاء رائعاً بأي مفهوم للانتخابات الحرة والشفافة..

زر الذهاب إلى الأعلى