أرشيف الرأي

واحضرموتاه !!

أطلق صيحتي المعتصمية هذه .. ليس تعصباً أودعوى لمناطقية ، وإنما اعتزازا بصفات الأهل والأجداد .. أطلقها علها تجد غيوراً بمدينة ( يعقوب !) أوعلها تصل إلى أهل قبورها ، لتخبرهم بما فعله القات بأبنائها على وجه الخصوص ، وأبناء حضرموت عامة .

إنه لمن الطبيعي أن تتحرك ضمائر الغيورين على حضرموت عندما يكون هناك خلل داخل مجتمعهم، ويعلم القاصي والداني داخل الوطن أن قضية هذا المجرم { القات } ما تحملها ملف، ووصفه البعض بأنه العدو الأول لأبناء حضرموت، كونه أكبر وأعظم متنفذ شهدته اليمن وحضرموت مؤخراً، وتيقّن لي إن أكثر مصائب مجتمعنا كان وراؤها القات، إنه الحاكم الأول المستبد في اليمن، يتحكم في كافة مجالات الحياة اليمنية منذ قرون.

أفسد الحرث والنسل، وما أكثر ضحاياه بحضرموت- العلم والسكينة والخيرات - ورغم شكاوى الآباء والأمهات.. وما تعانيه الأسر والزوجات.. من مصائب وبليات تبعات.. ولعل هناك من تكلم وانتقد هذه الإساءات.. ورغم تقديم كل القرائن والبراهين الساطعات.. المحلية منها والعربية والدولية والمنظمات.. لإدانة هذه الشجرة الخبيثة أم البليات، إلاّ أن لسان حال الضحايا وأهل الرأي والقرار يردد دائماً:

{ لقد أسمعت لو ناديت حياً ** ولكن لا حياة لمن تنادي}
كما يردد لسان حال تجاره ومروجيه وبائعيه بحضرموت {لأغوينّهم أجمعين}!.

والخلاصة: إن القات بحضرموت – بين التفريط في قيم وخصوصية طيبة مشهود للحضارمة بها – وبين التكيّف مع هوية قاتية مجهولة أساءت إلى اليمنيين وأصبحت وصمة في جبينهم، ومحا القات جذوراً تاريخية عظيمة للإنسان اليمني كان الآخرون ولازالوا يتكلمون عنها.

إن ما دفعني أن أحرك هذه القضية بحضرموت اليوم بالذات هذا اللقاء.. شاءت الأقدار أن أكون في ليلة السبت 11/2/2012م بعد صلاة العشاء في مقهى (أبو كندان) المشهور بمدينة سيؤن والواقع في قلب سوقها العام، جانب أحد أكبر لاعبي كرة القدم بحضرموت واليمن قبل عقود.. تبادلت معه الحديث الشيق عن الرياضة وما أدراك ما الرياضة، كوني أحد المهتمين رياضياً بوادي حضرموت منذ عقود أيضاً.. انسجمنا كثيراً في الحديث لفترة تقارب الساعتين.. تناولنا رياضة وقيم زمان وتحسرنا عليها كثيراً حتى وصلنا إلى آفة القات بحضرموت، واعتززت بهذا الرجل كثيراً بعد ما عرفت أنه لا يتناول القات رغم المصاحبة والبيئة المحيطة به والمساعِِدة تماماً لتناوله، وزادني فخراً به عندما أخبرني بأنه دُعي مراراُ وتكراراً لحضور جلسات القات وخاصة جلسات (منتدى الخيصة بالمكلا) من قبل زملاء وأصحاب زمان، لكنه أبى أن ينغمس في زبالة هذا المستنقع الخبيث الذي يتخذ من الأدب والثقافة (شماعة له).

بعدها تعمقت كثيراً في موضوع القات، كوني أعد بحثاً منذ خمس سنوات عن القات وخباياه داخل الأسر والمجتمع الحضرمي، و بدأت أحكي له بإسهاب ما فعله القات بأهل حضرموت من خلال سرد الوقائع الحية المؤلمة داخل حضرموت - اقشعرت منها والله الأبدان – والتي كانت ضحيتها الكثير من الأسر وفلذات الأكباد حتى إن ذلك الرجل جمد أمامي ثم تنفس الصعداء وهلّل (قهراً وحسرة على مجتمعه الحضرمي).

انتهى هذا اللقاء وودعت هذا الرجل وانصرف، الجدير ذكره إن بحثي هذا جاهز و ينتظر من يتبنى طباعته حتى يرى النور ويصل بيسر إلى أكبر عدد من أبناء حضرموت سواء بالداخل أو بالمهجر، لعله يكون ناقوساً منبهاً لأبناء حضرموت المخدوعين بهذه الآفة، وينتاب الغيورون الخوف أن يكون مجتمعهم الحضرمي ضحية القات كغيره، وهناك ثمة تساؤلات تطرح وتريد الإجابة :

1- منذ متى وأبناء حضرموت يشرفون القات حتى يجعلونه رديفاً لمنتدياتهم وجلساتهم الأدبية والثقافية ؟ وهل عجزت القرائح الحضرمية اليوم أن تبدع إلاّ بمساعدة مخدر أو منشط ؟ أم انه تقليد وعدوى ؟! فأي موضوعات أدبية ياترى سيتحدثون فيها داخل هذه الجلسات؟!، ولاشك أنها ستأتي بموضوعات لاجدوى منها لأنها ستتأثر لا ريب بمستوى القات وثقافته، بل وستتبخر بعد انتهى ساعات الخيال والعظمة التي تهزأ بالعقول، ونعلم جيداً أن القات حطم كل شيء حتى الأدب والثقافة وهذا بشهادة أهل القات أنفسهم، بل ولعنه عقلاء وحكماء اليمن !

2- ألا نرى إن مجتمعنا الحضرمي بسبب القات بدأ يفقد خصائصه وصفاته الطيبة، والتي بها نعتز ونفتخر أمام الآخرين، بل ويعترف ويفتخر بها اليمن وسائر العرب، وبسببها أيضاً د خل الملايين من الناس في الإسلام في مناطق شتى من المعمورة على أيدي أجدادنا ؟!

3- ألا نعلم أن أضرار وآثار القات المدمرة ألقت بظلالها سلباً على المجتمع الحضرمي وأفسدت القيم والأخلاق، وفلذات الأكباد، وأحلّت المال العام، وبها غزتنا أسوأ الثقافات.

4 - هل يمكن القول بان لكل مرحلة ثقافتها وقضي الأمر؟ ولو أن حضرموت لا تعرف القات مدى عصورها حتى أيام الاستعمار البريطاني البغيض؟!.

5- أليس من المفارقات العجيبة والمضحكة أن يطالب البعض بحضرموت بتحرير محافظتهم من أمور وهم منغمسون في ثقافتها بل ويتبجحون بها دون حياء ؟ّ!.

6- هل كل من انتقد هذه الثقافات الدخيلة علينا، يعني أنه يلبس نظارات سوداء يرى المباحات خبائث ؟!
لا ندري ماذا نقول وكيف نفهم ؟.. هل حضرموت اليوم خلعت ثياب الماضي وتهجنت وتمدنت وتطورت، ونحن لازلنا نحمل ثقافة السنيين الماضيات ؟ وهل هذا ثمن طبيعي لتلك التطورات ؟ , أفتونا مأجورين يا أبناء( مدينة يعقوب ) إن كنتم للرؤى تفسرون، وبينوا لنا حقائق الأمور.. حبي لكم و لعاصمة حضرموت في القلب محفور....

زر الذهاب إلى الأعلى