يبدو أنّ جرعة التفاؤل اليمنية وغير اليمنية بعهد ليمن سعيد في ظل الرئيس الجديد كانت زائدة؛ فهاهي الأيام تمضي بينما يجمد الرئيس الجديد الوضع على ماهو عليه، بحيث يظل رموز العائلة في اماكنهم يسيمون الشعب المزيد من العنت والمشقة فيما علي صالح يحاول يتقمص ادوار جديدة ناسين انهم قد اجرموا بحق الشعب لدرجة انه لا يمكن القبول بهم على الساحة المهنية والسياسية في اليمن .
تمضي الايام وعبدربه منصور يلوك الوقت ويحافظ على الاوضاع كما هي ناسياً أن الثورة التي اتت به وتحمست لمقدمه لا زالت مستمرة لأنه ببساطة لم تحقق اهم اهدافها وهو ضمان ابعاد العائلة عن مفاصل الآلة العسكرية التدميرية.
كيف يفكر الرئيس عبدربه منصور؟؟، كيف ينظر لوجوده على كرسي الرئاسة؟.معلوم التحالف غير المكتوب بين تيار علي ناصر محمد بقيادة عبدربه وتيار علي صالح منذ صيف 1994م حيث شارك تيار علي ناصر في معارك الدفاع عن الوحدة مقابل بقائه في السلطة وقد حاول علي صالح التململ من ذلك الاتفاق قبل سنوات اذ بان اعلان احمد الحسني السفير اليمني في سوريا تمرده على النظام، ولكن علي صالح فشل في مسعاه التفردي بضغوط تيار علي ناصر، واليوم يبرز هذا السؤال: هل ماتم من قبل علي صالح من قبول تم تحت الاكراه الثوري المزمجر انما هو مجرد صورة جديدة لتحالفة مع تيار علي ناصر بحيث يختفي هو من الباب العالي فقط ولكن الوضع عملياً يتم الحفاظ عليه ولو مؤقتاً واذا نضجت الشروط ممكن تكرار المشهد البوتيني البائس في اليمن .اي وهم ..اي يجنون يدفع لهكذا تفكير لم يعد ينطلي على الشعب بثورته المستمرة!! هل يخاف الرئيس الجديد من ان يتعرض للاغتيال ان اقدم على طرد بقايا العائلة ؟! عليه اذن أن يصغي لرئيس الوزراء محمد سالم باسندوه وهو يقول بشجاعة القائد ((علينا أن نتحمل المسؤولية ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا )) .
هل يمارس محاولة تخدير للشعب وثورته ومحاولة ضحك على الذقون ويظهر فروسية غائبة عنه وهو يقول لجريدة الشرق الأوسط اللندنية مطلع مارس الجاري ((ولا أخفيك أنني والأستاذ محمد سالم باسندوة نعتبر نفسينا بمثابة الفدائيين.. نتطلع بكل إيمان وصدق إلى أن نختتم حياتنا السياسية بإنجاز، نتمنى أن يكون غير مسبوق خدمة لليمن الوطن والشعب والأرض والإنسان )) ...قيل الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة ...اذن فلنحذرها ولنحذر الاستسلام لها وللظن الحسن ..
• لستُ ادري هل جلس قادة اللقاء المشترك إلى عبدربه منصور قبل القبول به مرشحاً للتوافق الوطني لرئاسة الجمهورية بحيث يتفقوا معه على مسار الوطن بعد انتخابه ام أنّ إبعاد علي صالح عن الرئاسة فقط هو الذي صنع تلك اللحظة الفارقة باعتباره هدف يهون لاجله كل شيء.والذي أرجوه أنّ لا يكون جلوس عبدربه منصور كان فقط مع علي صالح ليرتبا صفقة الحكم الجديد وليتأكد علي صالح من انه انما ينقل السلطة ليد آمنة بمعاييره العفنة لا معايير وطن الشموخ والإباء. ولتظهر تجليات تصريح الرئيس السابق بذلك وهو يسلم علم الجمهورية لخلفه في القصر الجمهوري.
لم يفعل عبدربه شيئا يذكر ولم يستغل تحريك الشباب للمياه الراكدة على حد وصفه وكأنه يرغب في اعادة تلك المياه لسكونها القاتل، لقد وجد الرئيس الجديد كل المناصرة اثناء الانتخاب وبعده بما في ذلك قبول القبيلة التي لم تات به كرئيس لكل اليمنيين في مشهد نادر أن يصل اليه زعماء القبائل يتقدمهم الشيخ صادق بن عبدالله الاحمر في مسيرة عهد ونصرة، ولكن كل هذا ليسير في تحقيق بقية اهداف الثورة التي القبيلة كالجيش المنظم لها مكونين اصيلين من مكونات الثورة .
إنّ الثورة وهي تواجه بقاء اركان العائلة المجرمة في مواقعهم قد بدأت تأخذ من جديد بزمام المبادرة بإعلان لجنتها التنظيمية التصعيد من جديد اعتباراً من الاحد 18 مارس 2012 الذكرى السنوية لمجزرة جمعة الكرامة البربرية التي دبرها علي صالح وقتل فيها 56 ثائر حر، ونفذها حرسه العائلي وامنه العائلي (الامن المركزي) بدم بارد ليكتب على نفسه عار الابد، هل يتوقع هذا المعتوه وزبانيته أن يتسامح الشعب أو حتى يتناسى ذلك المشهد الافضع في مسار الثورة الشبابية الشعبية السلمية المتصاعدة، كلا ..
ذلك غير ممكن البتة وجنون التفكير في احتمال مثل هذا. و رائع من شباب الثورة وهم يأخذون من جديد بزمام المبادرة أن يطالبوا طرفي الوفاق الوطني بتحديد موقف واضح من محاولات الطاغية علي صالح العودة للمشهد السياسي عبر بوابة رئاسة المؤتمر الشعبي العام ناسياً انه قد حول الساحة اليمنية إلى حقل الغام بيولوجية ترفضه البتة تحت أي مسمى وبالكاد ان تغافلت عن مسألة محاكمته على جرائمه فسمحت له بالفرار بجلده من ارض الوطن وزبانيته، اما ان يفكر بالبقاء فهذا ضرب من التذاكي المستحيل انفاذه.
ويبرز هنا تشبث الولايات المتحدة الأمريكية من خلال سفيرها ببقاء افراد العائلة في مواقعهم العسكرية بحجة مكافحة الارهاب، وكأن الأمريكان يجهلون أنّ مكافحة الارهاب هي مهمة اصيلة للقوى الوطنية الصاعدة بعيداً عن أي وصاية.
لا يزال الوطن في ذات مستنقع علي صالح: قاعدة تضرب، تقتل، وتتوسع، حوثي يجرم، عصابات علي صالح تتقرصن، المرتزق علي صالح يواصل ارتزاقه عبر مؤسسته العسكرية كمثال لا بل ويجتمع مع عناصره في القصر الرئاسي، جامع الصالح اسير للعفن، وزارات لاتقوى على فعل ما يخالف رغبات بقايا العائلة ولو باقالة مديرة مدرسة يتحصن بها البلاطجة لامر ما.
يصف رئيس الوزراء محمد باسندوة الوضع لصحيفة الشرق الاوسط فيقول ((التحديات التي تواجهها الحكومة اليوم هي خليط من تحديات سياسية ومالية وأمنية. فيما يتعلق بالتحديات السياسية فإنني أعتقد أن هناك من يسعى إلى إفشال الحكومة، لكنها تحديات يمكن التغلب عليها إذا ما توافرت لدينا الإرادة الكافية. أما بالنسبة للتحديات المالية فهي كبيرة جداً، خاصة وأننا ورثنا خزينة فارغة وموارد شحيحة فيما نحن مطالبون بتحقيق أشياء كثيرة، وهو أمر غير ممكن في ظل الإمكانات المالية غير الكافية، ومازلنا ننتظر مساعدة إخوتنا في الخليج وأصدقائنا في المجتمع الدولي للتغلب على هذه الصعوبات.بالنسبة للتحديات الأمنية فهي خطرة جداً، ما يحدث من وقت إلى آخر من أحداث أمنية وعسكرية أكبر دليل على خطورة هذه التحديات التي نرى أنها مفتعلة، فالهجمات التي تتعرض لها معسكرات الجيش هنا وهناك لا تأتي من فراغ، فهناك من يقف وراءها وسوف تكشف الأيام ذلك))
لا تزال الأيدي المجرمة على الزناد : احمد علي قائد للحرس الجمهوري القوى تسليحاً والذي ترعاه الولايات المتحدة والاكثر طيشاً واستعداد لتنفيذ اوامر الزعيم، ويقود القوات الجوية اللواء محمد صالح الأحمر الأخ غير الشقيق لصالح منذ بداية الثمانينيات. ويقود علي صالح الأحمر الأخ الثاني غير الشقيق منصب مدير مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة. ويتولى يحيى محمد عبد الله صالح ابن شقيق الرئيس منصب رئيس أركان حرب قوات الأمن المركزي والمسؤول الأول لقوات مكافحة الإرهاب..
يتحدث الرئيس الجديد غائباً أو مغيباً عن مطالب الثورة الملحة، يقول لجريدة الشرق الاوسط مطلع مارس 2012م :((الأولويات للمرحلة المقبلة مزدحمة ومتشعبة وما خلفته الأزمة التي اشتعلت مطلع عام 2011، كان كارثيا، على مختلف المستويات، ولكن برنامج المرحلة الانتقالية حسب ما هو محدد ضمن المبادرة الخليجية يأتي في المقدمة. وفي مقدمة هذا البرنامج تأتي مسألة الحوار الوطني، حيث من المقرر حسب المبادرة الخليجية إجراء مؤتمر وطني شامل للحوار لا يستثنى منه أحد من فئات ومكونات وشرائح المجتمع الحزبية والسياسية والثقافية والاجتماعية من محافظة المهرة وحتى صعدة، بما في ذلك الشباب الذين خرجوا إلى الساحات والميادين مطالبين بالتغيير والعدالة وإزالة المظالم أينما حلت، والعمل على بناء منظومة الحكم الرشيد، بحيث لا يكون هناك ظالم ولا مظلوم. وذلك يتزامن أو بعد ذلك بفترة وجيزة مع العمل على إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن من خلال اللجنة العسكرية مع الاستعانة بالخبرات والمساعدات من الدول الشقيقة والصديقة التي ستساعد على إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية والأمنية على أسس وطنية وقانونية بعيدة عن الولاءات)) الهيكلة الملحة تأتي في المؤخرة، تتزامن او((بعد ذلك بفترة)) مع كل أنّ كل المهام الوطنية العاجلة لايمكن انجازها الا باتمام الهيكلة اولاً...
انني لا ارجو أن يُخيّب الرئيس عبدربه منصور آمال الملايين الستة والستمائة الف مواطن الذين انتخبوه، وحاز على ثقة الثورة بمكوناتها الاربعة ولم يكن له ان يصل إلى موقع الفرصة التاريخية له لولا ذلك .يتحدث عن حكومة الوفاق الوطني فيقول ((بل أقول لكم وبكل ما تعنيه الكلمة من معنى إن هناك شعورا كبيرا بالمسؤولية والظروف الدقيقة والحساسة التي يمر بها اليمن وما يتطلبه ذلك من تجاوز لكل المفاهيم التي تنتقص من وطنية أحد)) الغريب آخرالعبارة :((وما يتطلبه ذلك من تجاوز لكل المفاهيم التي تنتقص من وطنية أحد)) هل يقصد بذلك (الأحد) علي صالح وانجاله؟! وكانه لم يشهد مشاهد الدماء والمجازر والاشلاء والجرحى والامهات الثكالى، وكأنه لم يشهد استبداد النظام واتزاقيته المتوحشة بحق الوطن لسنين طوال..لليل طويل قد آن بزوغ فجره، أي وطنية بقيت لتلك الطغمة؟!!
ولكن ومع حال كهذا حقاً لابد من فعل ثوري يرغم الجميع على ما يكرهون ويعيد للأمل الثوري جذوته التي يحاول المرتزق اختطافها بغروره، يحاول أن يصنع لنفسه وعائلته مصير مختلف عن مصير زملائه الطغاة وعائلاتهم، ويعتقد في نفسه انه قادر على مجابهة ربيع الشعوب الذي عجّل له ولصنائعه بخريف مكفهر بئيس.
وامام التوجه الثوري الجديد فان الخيار المطروح أمام طرفي الوفاق الوطني[ اللقاء المشترك وشركائه والمؤتمر الشعبي وحلفائه] ومعهم عبدربه منصور الرئيس الجديد إما الاستجابة لمطالب الثوار برفض وجود علي صالح على رئاسة المؤتمر، وإما الاستعداد ليكونوا الهدف القادم للتصعيد .وفي اعتقادي فان اللقاء المشترك وشركائه على الاقل سيتفاعلون ايجابياً مع الثورة التي هم جزء اصيل منها، فاذ لم تحدث استجابة من الطرف الآخر فان الحري بالمشترك وشركائه رفع تعاملهم في اطار حكومة الوفاق الوطني ليصبح لدينا مشهد ثوري جديد هذه ملامحه وابرز قسماته:
ثورة تطالب بثلاثة امور مرحلية اساسية:
1. تنفيذ هيكلة الجيش بداية بطرد المقربين من علي عبدالله صالح من الجيش الوطني والأمن كضمانه وحيده للقول بانتصار الثورة الشعبية الحاسم أو كما يصف رئيس الوزراء((عندما تتم إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمنية، عندئذ يستطيع المواطن أن يطمئن كل الاطمئنان من أن اليمن خرج من دائرة الخطر إلى دائرة الأمان، لكن طالما أن الجيش غير موحد، وطالما أن أجهزة الأمن ليست كلها تحت سيطرة الحكومة ولا حتى تحت سيطرة رئيس الجمهورية الجديد، فإن الناس لن تطمئن كثيراً للوضع))..
2. حل المؤتمر الشعبي العام لاستمساكه برئيس ولغت يده وولغ قلبه في دماء احرار الثورة وحرائرها، حل حزب لم يعتبر، ولم يشكر للثورة قبولها ببقائه وهو الذي نمى لحمه وعظمه من مال الشعب الثائر، حل حزب يُخيّل اليه من سحر الصالح انه بامكانه ان يواصل غيّه وعربدته كزعيمه..زعيمه الذي اختار لنفسه لقب(زعيم) من بعد (فخامة الرئيس)..ينسى المؤتمر الشعبي أنّ رجل كعلي صالح لا يصلح زعيماً الا لعصابة اجرام وتقطع، فهل ارتضى المؤتمر لنفسه دور العصابة؟؟؟عليه ان يحدد موقفه حقاً وصدقاً وهذا ما طالبه به، صادقاً معه، القيادي في اللقاء المشترك والتجمع اليمني للإصلاح محمد قحطان.فهل يُضيّع المؤتمر فرصته الأخيرة في البقاء؟، والجواب هنا متروك خصوصاً للعقلاء فيه وفي مقدمتهم الدكتور عبدالكريم الارياني.
3. قطع العلاقات الدبلماسية مع الولايات المتحدة التي تتمسك بفرض الوصاية على الوطن والشعب من خلال الاصرار على بقاء افراد العائلة في مواقعهم العسكرية بحجة الحاجة لهم لمحاربة القاعدة وكأنّ الحرس الجمهوري والامن المركزي عاجزان عن مواجهة القاعدة بدونهما، لا بل هما وتنفيذا لتخطيط كبيرهم الذي علمهم الفهلوة الخائبة والاجرام هما ومعهما الامن القومي من رعيا تنظيم القاعدة ورعيا كل الاجرام المرتكب بحق اليمن والمواطن اليمني اولاً، ولعل (السماح)بتصعيد القاعدة لاعمالها في هذه الآونة تحديداً هو لخلق مزيد من مبررات البقاء لبقايا النظام أو وسيلة ضغط على الثورة لاهداف تتعلق بالبقاء، ولذا فان اقصاء افراد العائلة مطلب وطني وفوري تماماً مثلما الحفاظ على الحرس الجمهوري والأمن المركزي بعيدا عن الأيدي المجرمة الخائنة لوطنها المتكسّبة به وبمقدراته.ويتحدث الاعلام عن تفكير أمريكي عبر السفارة الأمريكية مقدم للرئيس هادي لإستبعاد عشرة من القيادات العسكرية من الطرفين :الثورة، وبقايا النظام من بينهم القائد علي محسن الاحمر، وهذا في اعتقادي هو ثمن تريد الولايات المتحدة قبضه لصالح تخليها عن بقايا العائلة في الحرس والأمنين المركزي والقومي.
اوراق الرهان الثوري المتصاعد :
1 الثوار والثائرات في الميادين والساحات
2 رئيس جديد مهما كانت نظرته للوضع
3 تعليق المشترك للمشاركة الحكومية بما في ذلك رئيس الوزراء
4 القوات العسكرية و الأمنية المتصاعد انضمامها للصف الثوري
5 اخراج الاوراق الأمريكية للعلن من قبل اللقاء المشترك
6 التصعيد ضد الولايات المتحدة بالمطالبة بقطع العلاقات معها في هذه الآونة و هي تعاني ازمة في تصاعد في افغانستان وتشكيك في مصداقيتها تجاه الثورة السورية..
وشبه المؤكد أنّ الثورة إما ستنجح في اقتلاع بقايا النظام أو ستجعل البقايا تسارع في اظهار أي نوايا قبيحة لها تنتظر لها زمن تستنزف فيه القوى الثورية الصامدة، وبالتالي خوض المعركة قبل حصول الاستزاف وقبل أن يبرد الحديد، وبالتالي خوض ما ليس منه بد ليتكسر النموذج اليمني الذي يراد استنساخه في سوريا وليظهر لكل العالم كم هو زائف علي صالح وهو يُقيم حفل الانتقال(السلس) للسلطة للرئيس المنتخب. وليتم للثورة انتصارها المظفر ونصرها المؤزر .
كاتب وباحث - حضرموت
[email protected]