[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

ثورة المؤتمر الشعبي العام

لم ترفع الثورة الشبابية السلمية في اليمن، في أي مرحلة من مراحلها شعاراً يطالب بإسقاط المؤتمر الشعبي العام، ولم يكن إسقاط المؤتمر هدفاً من أهدافها، فالمؤتمر ليس مسئولاً عن الخراب والفساد والظلم الذي لحق بهذا البلد. ذلك لأن المؤتمر لم يكن حقاً حاكماً، ولم تكن مؤسسات المؤتمر هي التي تتخذ القرارات الهامة أو غير الهامة، فهم آخر من يعلم، وأفراده هم أول ضحايا الفساد.

إن تاريخ المؤتمر ليس سيئاً، وقياداته ليست بالضرورة، فاسدة. وعندما ارتكبت بعض شخصياته جرائم في حق الشعب فعلت ذلك ليس تنفيذاً لأيديولوجيا المؤتمر أو تطبيقاً لقرارات هيئاته. فالمؤتمر، نظرياً، ليس لديه أيديولوجيا(فالميثاق الوطني وثيقة ميتة)، وعملياً لا يتحرك المؤتمر وفق الأعراف الحزبية، وإنما يدار بنفس الطريقة التي كانت تدار بها البلد، أي اللانظام.

لم يلجأ علي عبدالله صالح إلى المؤتمر إلا عندما أحسّ أن الثورة قد حققت تقدماً في طريق النجاح، وأن الدائرة قد بدأت تضيق من حوله فعمل على توسيع الدائرة، وحوّل خطابه ليصوّر الثورة ثورة ضد المؤتمر، محذّراً من أن الثورة تسعى إلى اجتثاث المؤتمر على غرار اجتثاث البعث في العراق.

ولما لم يجد الرئيس السابق مكاناً له في هذا الوطن الذي ثار ضده ، تمسّك بالمؤتمر مع ما تمسك بها من أملاك وثروات، فالمؤتمر ملكية شخصية له، وماركة مسجلة باسمه، وينبغي أن يظل رئيساً له، ومن يمنع أحداً من أن يكون رئيسا ً على مؤسسة يمتلكها؟!

إنها إهانة كبيرة للمؤتمر بقياداته وأفراده، إهانة أن يُصار ملكية شخصية. كيف يقبل أعضاء المؤتمر أن يروا اليمنيين وقد تحرروا من هذا الكابوس ويقبلوا أن يبقوا خارج التاريخ، غير مشمولين بهذه الحرية وغير معنيين بهذه الثورة التي حازت على إعجاب العالم؟!

إن المؤتمر الشعبي بريء من الثورة المضادة التي يقودها بعض قيادات الموتمر، فهم لن يقبلوا أن يتحوّلوا إلى مليشيات تعمل خارج القانون، ولا أعتقد أن الرئيس السابق سوف يوكل إليهم مهمة كهذه، فهو يعلم مَنْ يقوم بهذه المهام على أكمل وجه، وهم بالطبع ليسوا العناصر الوطنية أو المستنيرة داخل المؤتمر الشعبي. وتبقى مهمة أخرى أقل دناءة سيعمل المخلوع على جرّهم إليها، لكنها تقع في خانة السذاجة والسخف التي لا تليق بحزب سياسي كبير كالمؤتمر الشعبي، تلك المهمة تتمثل في حصر نشاطهم على التجمهر في أماكن احتفالات والتي سيلقي من خلالها خطبه التي لم تعد رنانة، ، ولطالما جرجروا الناس من مناطق بعيدة إلى ميدان السبعين لأداء الدور نفسه.

لقد نجح اليمنيون في اسقاط رأس الفساد، والمؤتمريون هم من هذا الشعب وقد عانوا ما عانوا من فساده وظلمه، ولم يعد أمامهم إلا أن يختاروا بين أن يظلوا أداة لتنفيذ سياسته الانتقامية، أو أن يتخلّصوا من ذلك المرض الخبيث وهم، كما نأمل، لن يذهبوا إلى الخيار الأول.

زر الذهاب إلى الأعلى