طلب بترايوس، مدير وكالة الاستخبارات المركزية ال"سي آي إيه"، من الإدارة الأميركية توسيع حملة القصف في اليمن، غير أنه إذا وافق أوباما على هذا الطلب، فإنه سيكسر في تلك الحالة الحاجز القانوني الذي نصبه الكونجرس من أجل منع البيت الأبيض من شن حرب لا نهاية لها على الإرهاب.
فبعيد أيام على هجمات الحادي عشر من سبتمبر، رخص الكونجرس باستعمال القوة ضد المنظمات والبلدان التي دعمت الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة، غير أن المشرعين لم يمنحوا بوش كل ما أراد. ذلك أنه عندما طلب البيتُ الأبيض دعم الكونجرس أول مرة، طالب الرئيسُ بسلطة عسكرية غير محدودة زمنياً من أجل ردع واستباق أي أعمال إرهابية أو اعتداء ضد الولايات المتحدة مستقبلاً.
غير أنه حتى في لحظة الهلع تلك، رفض الكونجرس منح بوش شيكاً على بياض. وفي هذا الإطار، كتب ديفيد أبراموفيتش، المستشار الرئيسي للجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس النواب حينئذ، في دورية قانونية لجامعة هارفارد عام 2002 يقول: "بالنظر إلى اتساع الأنشطة التي يمكن أن يغطيها مصطلح اعتداء، فإن الرئيس قد لا يضطر مرة أخرى إلى طلب ترخيص من الكونجرس من أجل استعمال القوة لمحاربة الإرهاب". وهكذا، رخص قرار الكونجرس النهائي باستعمال القوة ضد المنظمات أو البلدان التي كانت متورطة في "الهجمات الإرهابية". وكانت نتيجة ذلك هي مطالبة الرئيس بالعودة إلى الكونجرس، والشعب الأميركي، من أجل جولة أخرى من الدعم الصريح لحملات عسكرية ضد تهديدات إرهابية أخرى.
وبناء عليه، فإن مقترح بترايوس، الذي كشفت عنه صحيفة "واشنطن بوست" هذا الأسبوع، يمثل هجوماً على هذا المبدأ الأساسي. وحتى الآن، فإن الحملات التي تنفذها ال"سي آي إيه" بواسطة طائرات بدون طيار في اليمن، بقيت قريبة من الخط القانوني من خلال قصر الضربات على الزعماء الإرهابيين، مثل الأميركي أنور العولقي، وذلك على اعتبار أنه ربما كانت لديهم علاقات شخصية بتنظيم "القاعدة" الأصلي، الموجود مقره في جنوب آسيا، والذي استهدف نيويورك وواشنطن عام 2001. غير أن بترايوس يسعى للحصول على إذن لتوسيع غارات القصف متى كان ثمة "سلوك مشبوه" في مواقع خاضعة لسيطرة تنظيم إرهابي -"القاعدة" في جزيرة العرب- لم يكن موجوداً يوم الحادي عشر من سبتمبر.
وقبل مقتل بن لادن، ربما كان من المعقول أن تشير الإدارة إلى أن إرهابيي "القاعدة" في أفغانستان وباكستان يوجهون الأوامر إلى فرع التنظيم في اليمن. غير أن فشل "القاعدة" في استبدال بن لادن ببنية قيادية ذات مصداقية إنما يُظهر حقيقة أن التنظيم اليمني بات بمفرده اليوم. ويذكر في هذا السياق أن ال"واشنطن بوست" أفادت بأن الإدارة تنكب حالياً على دراسة إمكانية توسيع برنامج "سي آي إيه" تحديداً لأنها تعتبر أن اليمن بات يطرح أخطر تهديد إرهابي في العالم.
ومما لا شك فيه أن خطر هجمات من اليمن يمكن أن يكون حقيقياً، غير أن قرار 2001، لا يمنح الرئيس السلطة للرد على هذه التهديدات بدون طلب موافقة أخرى من الكونجرس.
ثم إن الكونجرس لم يتراجع عن مواقفه تلك منذ أن رخص باستعمال القوة العسكرية. ولئن كان المشرعون قد قدموا مزيداً من التفاصيل مؤخراً بشأن صلاحيات الرئيس فيما يخص الإرهابيين المعتقلين، ضمن قانون المخصصات العسكرية لعام 2012، فإن القانون أشار إلى أنه "لا شيء في هذه الفقرة... يُقصد منه توسيع سلطة الرئيس أو نطاق ترخيص استعمال القوة العسكرية لسبتمبر 2001". وبالتالي، فإذا رغبت الإدارة في تصعيد القتال ضد الإرهابيين في اليمن، فعليها أن تعود إلى الكونجرس من أجل الحصول على موافقة صريحة.
أوباما لديه حرية الاختيار، فقد تجنب ادعاءات بوش حول امتلاك الرئيس السلطة الأحادية بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة، لفتح جبهات جديدة في الحرب ضد الإرهاب، وبشكل مستقل عن الكونجرس. ولكنه كرجل قانوني يدرك ضعف مثل هذه الادعاءات، وكسياسي يعرف أن من شأنها استعداء الكثيرين عليه في وقت هو بأمس الحاجة إليهم.
لكن إذا لم يكن أوباما مستعداً لاتخاذ قرار حاسم في هذا الموضوع الدقيق، فينبغي عليه أن يرفض مقترح بترايوس، وألا يحاول جر الولايات المتحدة إلى حالة حرب دائمة عبر الزعم بأن الكونجرس منحه السلطة التي فشل بوش في الحصول عليها في ذروة الهلع الذي أعقب الحادي عشر من سبتمبر.
بروس آكرمان
أستاذ القانون بجامعة يل الأميركية
الاتحاد الإماراتية بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"