في مقال سابق قلت " أن الثورة الشبابية الشعبية السلمية " قضاء مُستعجل" سيعمل على" تثوير" كل جوانب الحياة وستصل الثورة إلى الأحزاب السياسية "وها هي الثورة الشبابية السلمية " القضاء المُستعجل" بعد أن حققت هدفها الأول برحيل رأس النظام" صالح" والبقية في الطريق واحداً بعد الأخر نرى " القضاء المٌستعجل" يحوم حول حمى الأحزاب مهدداً باقتحام أسوارها العالية ولا عاصم اليوم لبقايا النظام والأحزاب السياسية من طوفان الثورة الشبابية الشعبية السلمية..
وقد رددت ساحات التغيير والحرية في مختلف محافظات الجمهورية منذ بداية الثورة شعار" لاحزبية ولا أحزاب ثورتنا ثورة شباب" ليس موقفاً من الحزبية وإنما بعداً عن الإيديولوجيا وفرماناتها وأسوارها وفخاخها الأمر الذي دفع عدد من قيادات الأحزاب ومنظريها النزول إلى الساحات في محاولة للتخفيف مما وصف يومها بأنه عداء للأحزاب والحزبية بينما هو تعبيراً عن وجود مشكلة في الأحزاب وليس عداء لها من كوادرها وحتى الذي تركوا أحزابهم تنظيمياً أو جمدوا عضويتهم فهم سياسياً تربوا في هذه الأحزاب ويحسبون على تيارها السياسي الذي نهلوا من فكره سواء ظلوا مستقلين تنظيمياً أو هربوا إلى أحزاب أخرى.
من المناسب أن نحشد عدداً من الأراء تشير إلى قرب حدوث "ثورة ضد الأحزاب السياسية وقياداتها" فهذا الدكتور عبد الله أبو الغيث في مقال بعنوان" تثوير الأحزاب وتشبيبها " يقول: أتذكر أن شباب ساحة التغيير بصنعاء قاطعوني بكثرة - أثناء إلقائي لمحاضرة من منصة الساحة خلال الشهر الأول للثورة - عندما بدأت الحديث عن الأحزاب وأثر انضمامها على الثورة وحاولت تفنيد الشعار شعار" لاحزبية ولا أحزاب ثورتنا ثورة شباب" وتوضيح عدم منطقيته وأضاف " إن لم نكن نرضى عن الأحزاب الحالية وأسلوب عملها ومستوى أدائها فالحل لا يكمن برفضنا للحزبية ولكن بالعمل على إصلاح هذه الأحزاب أو تأسيس أحزاب جديدة إن تطلب الأمر ذلك.
وهذا النائب البرلماني شوقي القاضي يصف أحزاب المشترك بأنها تقليدية لا يمكنها مجارات الثورة ويتحدث مروان الغفوري في مقا ل له عن الإصلاحيين الجدد وسامي نعمان يقول"ولئن كان اليمنيون بمن فيهم شباب فاعلون في الاصلاح قد غضوا الطرف عن هيمنة الحزب الاكثر ثقلاً في الساحة وهو يكرس في بعض ممارساته ذات النموذج الذي ثاروا عليه فإنهم قطعاً لن يصبروا طويلاً ليثبت الحزب الأوفر حظاً بالسلطة أنه الانسب لترجمة أهدافهم وتطلعاتهم في الدولة المدنية الحديثة والمواطنة المتساوية كأهم مرتكزاتها " أما فيصل الصفواني يتناول في مقال له تناقض المناضلين في الحزب الإشتراكي باعتباره معيباً بحقهم ويقول "إن ثورة الشباب السلمية أعادت المناضلين إلى سطح المشهد السياسي بعد سبعة عشر عاما من التيهان والشتات" ويدعوا الصفواني المناضلين المتناقضين مع توجهات حزبهم بانشاء حزب لهم لوحدهم وهناك من يتحدث على استحياء في التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري عن نار تحت الرماد خاصة فيما يتعلق بالمبادرة الخليجية.
أما عن حزب الحق فقد جاء الحديث على لسان عضو قيادي في الحزب وهو أصغر وزير في حكومة الوفاق الوطني الأخ حسن شرف الدين عندما قال في مقابلة مطولة مع صحيفة الجمهورية في رده على إعلان حزب الأمة وهل هو إنشقاق عن حزب الحق "لا يعتبر انشقاقاً من وجهة نظري لأن الأستاذ محمد مفتاح والأستاذ يحيى الديلمي لم يلعبا أي دور في حزب الحق" ويقول في مكان أخر من المقابلة عن تقارب الحوثيين مع حزب الحق "حزب الحق هو حزب الحوثيين بشكل أو بآخر وهم في الحقيقة جمدوا نشاطهم السياسي والحزبي .... هم توصلوا إلى قناعة بأن العمل الحزبي في ظل النظام السياسي الذي كان سائداً لن يجدي نفعاً وبالتالي جمد الأعضاء عضويتهم الحزبية وفضلوا عدم المشاركة السياسية على أن يكونوا مجرد ديكور من وجهة نظرهم للعملية الديمقراطية "
والأستاذ محمد قحطان القيادي في التجمع اليمني للإصلاح واللقاء المشترك يستبق في مقابلة مطولة مع صحيفة الجمهورية الثورة الشبابية علي الأحزاب وبدأ كمن يبشر بها بل ويدعوا اليها وهو متيقن من حدوثها ومدرك لنتائجها مقدماً ومستعد في حزبه الإصلاح لها عندما قال "المرأة اليمنية كان لها دور كبير في الثورة وكذلك الشباب وبالتالي حتماً سيكون لهم حضور سواء داخل الأحزاب أم خارجها أم في السلطة وحتى في المجتمع بمختلف مناشطه" وحول إعادة الهيكلة داخل التجمع اليمني للإصلاح لمواكبة التغيير الذي أحدثه الثورة الشبابية يقول قحطان " أنا لدي يقين كامل أن الشباب والمرأة في المرحلة القادمة سوف يحتلوا مكاناً أكبر ومساحة أوسع داخل الأطر القيادية في الإصلاح واعاد الكلام بصورة اخرى "أنا على يقين أن الشباب والمرأة في المرحلة القادمة سوف يأخذون دوراً أكبر داخل الأوعية والأطر القيادية داخل الإصلاح وكذلك نفس الكلام في المجتمع والدولة"..
هناك توقعات أن الثورة الشبابية السلمية على الأحزاب السياسية ستدك أسوارها دكاً سلمياً وستطالب بتجديد بناء هذه الأحزاب وتطوير خطابها السياسي القديم الذي لم يعد ينفع في زمن ثورة الشباب وغير قادر بحسب تعبير النائب شوقي القاضي على مجارة الثورة الشبابية مما ينذر بثورة تجديد عميقة في الأحزاب السياسية تشمل هياكلها القيادية ومنطلقاتها الفكرية وبرامجها السياسية وستعمل الثورة الشبابية على إعادة صياغة الخارطة السياسية في البلاد بشكل يختلف عما هي عليها اليوم بحيث ستظهر أحزاب جديدة وستنكمش أحزاب أخرى كانت كبيرة ومتضخمة بخروج أحزاب من تحت معطفها وستتشكل تحالفات جديدة تقود معارضة قوية ضد تحالف الأحزاب الحاكمة التي كانت خلال المرحلة السابقة هي الأحزاب المعارضة..