[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

الدخول إلى المرحلة الحاسمة

أفقدهم خطاب الرئيس وثقته العالية صوابهم، فكان ردهم الوحيد في جعبتهم عملية إرهابية جديدة في أبين، وقصف أبراج الكهرباء في مارب .

كان الخطاب مؤشراً واضحاً للدخول في المسار الفعلي لأهم قضيتين حددتهما الآلية المزمنة، ولم يعد وارداً تبديد مزيد من الوقت في مراضاة المماطلين في تنفيذ قرارات الرئيس، أو تدبيج مزيد من قوائم الشروط لبدء الحوار، فالتمهيد الأهم المتمثل بتوحيد الجيش وهيكلته بدأه الرئيس، وأعلنه في خطابه والتزم بإنجازه وعدم السماح بحرفه عن مهامه الدستورية..

لا مجال للتفريق هنا بين من عناهم الخطاب في مستواه الأول، من يعملون لحرف الجيش عن مساره ومهمته الوطنية، ومن عناهم في مستواه الرابع، من احترفوا الارهاب باسم الشريعة، ومن يتخذون من تخريب أبراج الكهرباء وتعميم الظلام أداة إرباك للرئيس والسلطة الانتقالية، وأداة ضغط وإنهاك على السكان في العاصمة وبقية المحافظات . وتبدو العلاقة بين انقسام الجيش والهجمات الارهابية المنسقة على معسكرات الجيش واضحة ولا تحتاج لشدة ذكاء أو فيض من حكمة لاكتشافها، وبقاء هذا الوضع هو الباب الواسع الذي تمر منه الجماعة الارهابية في أبين وسوف تمر منه كل الجماعات العنفية والأطراف الرافضة لنقل السلطة والساعية لإفشال المرحلة الانتقالية.

لقد حدد الرئيس بمواقفه الواضحة القوية التي تضمنها خطابه، حدد القضايا الأساسية المطروحة للتنفيذ، وهي مهام تبدأ بتوحيد الجيش والأمن، والتمهيد للحوار الوطني بتشكيل لجنة التواصل التي سيؤدي عملها إلى إعلان اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني نهاية الشهر القادم، وكمهمات يومية مستمرة تأتي جهود مكافحة الخطة الصفرية التدميرية، من خلال الحرب ضد الجماعة الارهابية في أبين، ومواجهة مخربي الكهرباء في مارب.

وعلى نتائج هذه المهام يتحدد مصير الكيان الوطني لليمن وليس فقط مصير التسوية السياسية الراهنة والمرحلة الإنتقالية، وينبغي على اليمنيين بكل فئاتهم واحزابهم وتوجهاتهم أن يدركوا ذلك جيداً، وأن يستوعبوا أن نجاح اليمن في اختبار الفرصة الأخيرة، بتعبير الضمير الجمعي لليمن الدكتور ياسين سعيد نعمان، مرهون بجهودهم جميعاً، لأن إنقاذ اليمن ليس مهمة حصرية على الرئيس وحكومة الوفاق.

وبالتواتر مع هذا الانتظام والحراك على الساحة الوطنية تأتي جهود رعاة المبادرة لتعزز هذه الخطوات، فمن المتوقع أن يتضمن تقرير بن عمر إلى مجلس الأمن في السابع عشر من هذا الشهر المحددات الأساسية لهيكلة الجيش اليمني التي بينتها الآلية المزمنة، ووقف عليها المبعوث الأممي في زيارته الأخيرة لصنعاء ومداولاته وحواراته مع الرئيس والمسؤولين المعنيين، بالإضافة إلى ما استخلصه بشأن المعرقلين للقرارات السيادية الصادرة من رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة.. ويتبين من ذلك أن المداولات في مجلس الأمن ستمضي في مستويين الأول بلورة محددات الهيكلة بقرار أممي، يقسمها إلى ثلاث خطوات، منها خطوتان قبل مؤتمر الحوار تتضمن الإزاحة والتغيير والتدوير والتي بدأها الرئيس بإصدار بعض القرارات، وهي خطوة تمهد للخطوة الثانية، ولها معيار آخر هو الفساد في مؤسسة الجيش الذي يتخذ صوراً متعددة ومتشعبة، ولأحد أوجهها صلة بتسهيل نشاط الجماعات الارهابية وخلق بيئة ملائمة لنموها.

الخطوة الثانية في الهيكلة هي إنهاء الانقسام في الجيش وتوحيده، وإسدال الستار على صيغة الاقطاعيات العسكرية الخاصة التي كانت سمة من سمات الوضع السابق للجيش . وهاتان الخطوتان، الازاحة والتوحيد، لابد أن يتم إنجازهما زمنياً قبل انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، فيما الخطوة الثالثة للهيكلة التي تشمل الجوانب الفنية والعلمية، وإعادة بنائه على أسس وطنية وعلمية، فمن المنطقي أن تأخذ وقتاً أطول وأن تستمر إلى مابعد مؤتمر الحوار الوطني، لأن طبيعتها لا تهدد وجود الدولة والكيان الوطني ولا يؤدي عدم إنجازها قبل المؤتمر أو تأجيلها، إلى نتائج وتأثيرات كابحة للمرحلة الانتقالية والمهام المفترض إنجازها.

على الواهمين بعرقلة اليمن في فرصتها الأخيرة أن يستوعبوا أن كل المعطيات ضدهم : من الثورة السلمية التي عصفت بهم، إلى التوافق على تحقيق هدف الثورة، من خلال نقل السلطة سلمياً الذي نتج عنه توقيع جميع الأطراف على المبادرة وآليتها التنفيذية المزمنة، إلى الإسناد والدعم والاشراف الذي قدمه رعاة التسوية في مجلس الأمن والأمم المتحدة والرعاة الدوليون والاقليميون، وقبول جميع الأطراف بهذا الحل لإخراج اليمن من بين أنياب السلطة التي غدت أشبه بالأفيون المدمر للمهووسين بها وللبلد الذي ينتمون إليه والشعب الذي ابتلي بتشبثهم واستشراسهم في التمسك بها .

زر الذهاب إلى الأعلى