[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

حزب الإصلاح والقضية الجنوبية

التجمع اليمني للإصلاح هو تنظيم سياسي في اليمن يقف ضد الظلم والفساد من أي كان وعلى أي كان من فرد أو جماعة وضد فرد أو جماعة، إنّ الإصلاح ضد الظلم دائماً وأبداً..انه مع العدل والعدل فقط.. مع الرحمة والمرحمة..

انه دعوة خير وخيرية لا يقف مع ظالم في ظلمه ولامع ظلمة في ظلمهم، انه حزب إسلامي يدور مع الإسلام حيث دار ويوجد في صفوفه العشرات من العلماء الثقات المتبحرين في علوم الشريعة و إلى جانبهم عشرات المتمكنين في الفقه السياسي النظري والميداني المدركين لإبعاد العملية السياسية المعقدة على المستوى المحلي والدولي وهذا من فضل الله على هذا التنظيم الرائد. ومن هذا المنطلق فان الإصلاح ضد الظلم أن يقع على فرد من أفراد المجتمع فكيف بكامل أبناء الوطن أو فئة منهم : جغرافية أو مهنية أو اجتماعية، أما ان يعمل الإصلاح من اجل رفع ذلك الظلم ودفعه فهذا منهج الإصلاح العملي وبقدر ما يستطيع وحدائه قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ((انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)) ونصره ظالماً بان نبين له خطئه وندعوه لإقامة العدل والكف عن ظلمه وفساده ان كان فرداً، أو ظلمهم وفسادهم ان كانوا جماعة.

إنّ التجمع اليمني للإصلاح لا يفرّق في تعامله ولا في دعواته لتحقيق التنمية ومحاربة الفساد والقضاء على الفقر والمرض والأمية بين شمال الوطن وجنوبه بل هما عند الإصلاح عينان في وجه، ولم يتأخر الإصلاح عن بيان موقفه من مجريات وتطورات الأحداث وذلك منذ أوّل يوم بل يستبق الإصلاح الأحداث أحياناً برؤية مبصرة تستشرف المستقبل، فقد جاء في مشروع الأهداف العامة للإصلاح ((يعمل التجمع اليمني للإصلاح على تحقيق الأهداف التالية ومنها ((العمل على تعميق وترسيخ الوحدة اليمنية وحمايتها وضمان استمرارها)) صحيفة الصحوة عدد 13 سبتمبر 1990 العدد 233.

و في البيان الختامي الصادر عن المؤتمر العام الأول (الدورة الأولى) سبتمبر 1994 جاء في البند رقم ستة من (قرارات وتوصيات) : ((إعطاء أولوية لنشاط الإصلاح في محافظات : عدن، لحج، أبين، شبوة، المهرة، ودعم العاملين فيها وتوفير الإمكانات اللازمة لذلك)).

وفي ذات البيان (قرارات وتوصيات) وبرقم 14 جاء ما يلي : ((يدعو المؤتمر الحكومة لمعالجة آثار الحرب وإزالة مخلفاته وتعمير المناطق المتضررة ويدعو الجميع للإسهام في عملية البناء والنظرة إلى المستقبل بكل تفاؤل)) ونصت الفقرة التي قبلها مباشرة وكأنها تنطق بلغة اليوم على : ((يدين المؤتمر التآمر المستمر... على الوحدة اليمنية التي عُمدت بالدماء وتجاوزت الأطروحات المريضة، التي تُعبّرُ عن الانفصام النكد الذي يعاني منه أصحابها الذين يحاولون بطريقة رخيصة وأسلوب مفضوح ألقاء ما يعانيه شعبنا من تخلّف على الوحدة)) لا بل جاءت الفقرة رقم (16) على : ((يدعو المؤتمر إلى الاهتمام بمحافظات : عدن، لحج، أبين، شبوة، حضرموت، المهرة وإعطائها الأولوية في المشاريع والخدمات لتحسين أوضاعها.. كما يؤكد على أهمية حسن اختيار الكوادر التي تدير مرافق الدولة في تلك المحافظات وضرورة معالجة مخلفات الحكم الشمولي والثقافة الاشتراكية فيها)) وجاء في الفقرة التي تليها مباشرة ((يؤكد المؤتمر على ضرورة الإسراع في معالجة موضوع الأملاك المؤممة بما يكفل إعادة الحق إلى أهله بصورة عادلة بعيدة عن الكيد السياسي)).

وفي زمن احتدام الأزمة السياسية بين المؤتمر والاشتراكي عام 1993 جاء في افتتاحية صحيفة الصحوة لعدد 7 /10 / 1993 والافتتاحية يكتبها عادة الأستاذ محمد اليدومي، وصحيفة الصحوة هي لسان حال الإصلاح : ((ان استشعار نعمة الله في توحيد اليمنيين توجب على الجميع الإصرار على المحافظة على وحدة الكلمة وتجاوز الخلافات والمنازعات بروح المسؤولية وتقديم مصلحة الوطن والشعب على المصالح الفردية والأنانية))..
رموز الإصلاح وقياداته كان ترسيخ الوحدة وإزالة كل ما يسيء لها من اهتماماتهم، كتب الأستاذ زيد الشامي في النشرة الداخلية للمؤتمر العام الأول الدورة الثانية العدد الأول 20 نوفمبر 19996 تحت عنوان [ الإصلاح والوحدة ] : ((ينظر التجمع اليمني للإصلاح إلى الوحدة كأصل من أصول الدين الإسلامي، وواجب شرعي على الأمة ان تقوم به ((وان هذه أمتكم امة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)) ويعتبر ان الوحدة اليمنية خطوة ايجابية في طريق وحدة العرب والمسلمين، الذين أضعفهم الخلاف)) ثم يقول : ((وهكذا ثُبتت الوحدة وترسخت بدماء الشهداء، ولكنها اليوم تحتاج إلى حراسة ويقظة دائمة من أولئك الذين يمارسون أعمالاً تُسيء إلى الوحدة وتتنافى مع مضمونها وأهدافها، فهؤلاء وأولئك لا ينبغي ان تتاح لهم الفرصة، ولا يسمح لهم بإعادة بذور الخلاف والفتنة أو إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء)).

في الرابع عشر من مايو 1998 كتبت الصحوة [ العدد 625 ] على صدر صفحتها الأولى : ((إنّ علينا أن ندرك أنّ محاصرة الدعوات والنزعات التي تضر بالوحدة الوطنية لن تتأتى إلا من خلال إشاعة العدل، ومكافحة عناصر ومراكز الفساد، وتحقيق المساواة بين أفراد المجتمع وبناء مؤسسات الحكم على أسس وطنية تتجاوز كل أشكال التعصب المقيت !. وأ ن تكون الكفاءة والنزاهة والأمانة هي المقياس في إسناد المسؤولية، مع التخلّص من المركزية الإدارية العقيمة وإعطاء الصلاحيات الواسعة للسلطة المحلية.وأما الوسائل غير الحضارية فلن تكون ذات جدوى بل ستزيد الطين بلة وفي مجريات أحداث المكلا عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. إنّ السلطة ترتكب أخطاء مؤسفة عندما تختار موظفين ليسوا على مستوى تحمّل المسئولية فيتعاملون مع المواطنين بعقلية متسلطة متعجرفة ويرتكبون حماقات فردية تتحمل البلاد نتائجها الوخيمة على الوحدة الوطنية)) وقد جاء هذا في ظل تصاعد الجدل في مجلس النواب حول تقصي حقائق ما جرى في مظاهرة يوم 27 ابريل 1998 بالمكلا والتي قُتل فيها اثنين من المواطنين وجرح آخرين.

في التاسع من يوليو 1998 كتبت الصحوة على صدر صفحتها الأولى ((و يجدر بنا،...، ان نتذكر نعمة الوحدة التي انعم الله بها على شعبنا في زمن التشتت والفرقة، وان نعمل على للحفاظ عليها من عوامل التآكل والفساد والخراب، التي تهدد المجتمعات الإنسانية كلما غفل أبناؤها عن مواجهة الفساد والمفسدين والظالمين، واعرضوا عن إنصاف المظلومين، وإعانة الضعفاء، وإقامة العدل، وتحقيق المساواة))..

يقول الدكتور عبدالله الفقيه أستاذ العلوم السياسية : ((اختيار الإصلاح في انتخابات سبتمبر 2006 ومن خلال اللقاء المشترك مستقلاً من مواليد حضرموت كمرشح لرئاسة الجمهورية اليمنية وفي خطوة أكدت التوجهات الوطنية والوحدوية للإصلاح ونبذ التعصب الحزبي)) الصحوة 1066..

وفي المؤتمر العام الرابع للإصلاح الدورة الثانية المنعقدة في مارس 2009م كان للقضية الجنوبية مجالاً واسعاً في مداولات المؤتمر وأدبياته وقد جاء في بيانه الختامي : ((وقف المؤتمر العام أمام الأوضاع الخطيرة في المحافظات الجنوبية ونذرها الكارثية، والناجمة أساساً عن سياسات التفرد، وإقصاء شركاء الحياة السياسية، وغياب المواطنة المتساوية حيث أدارت السلطة ظهرها لأسس التعددية السياسية والحزبية ومرتكزات الشراكة الوطنية التي قامت عليها الوحدة السلمية في 22 من مايو 1990م، وإصرارها على التعامل مع أوضاع وتحديات ما بعد حرب 94م بخفة وتعالٍ فأصمت آذانها عن سماع النصح الصادق والرأي الصائب))..
ومضى البيان قائلاً : ((الذي حصل أن أطلقت يد الفساد والعبث، لا سيما في الثلث الأخير من التسعينات تسريح انتقائي لعشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين وكان نصيب أبناء المحافظات الجنوبية من ذلك كبيراً وعندما بدأ الآلاف من هؤلاء بإقامة الفعاليات السلمية أصمت السلطة آذانها مرة أخرى عن رؤى ومقترحات اللقاء المشترك في المعالجة الوطنية لهذه الأوضاع وراحت تعمل على طريقتها في معالجة واحتواء الأزمة تارة عبر أساليب توزيع الهبات والأموال وشراء السكوت، أو عبر استخدام العنف وإطلاق الرصاص الحي والسجن والملاحقات التعسفية لقمع هذا الحراك تارة أخرى، فلم يؤد ذلك إلا إلى المزيد من التأجيج والتعقيدات وسد أبواب المعالجات الوطنية، وفتح الثغرات أمام المشاريع الصغيرة واللاوطنية لتنخر في جسد الوحدة الوطنية بصورة غير مسبوقة. وحيال هذا الوضع بكل تعقيداته وإفرازاته فإن المؤتمر العام يهيب بالمجتمع اليمني بكل قواه ومكوناته السياسية والاجتماعية ومنظماته المدنية وعلمائه ومفكريه ومثقفيه ورجاله ونسائه وشبابه وشيوخه على مغادرة حالة السلبية والتفرج وتحمل مسؤوليتهم الوطنية والتنادي لطرح ودراسة الحلول والمعالجات الجادة متخذين من القضية الجنوبية مدخلاً للإصلاح السياسي والوطني الشامل وفي هذا السياق يؤكد المؤتمر على ما يلي :
‌أ- يثمن المؤتمر مواقف ودور أعضاء وأنصار الإصلاح والمشترك في انخراطهم ومشاركتهم في كافة المناشط والفعاليات السلمية التي تمت في المحافظات الجنوبية
‌ب- يحيي المؤتمر كافة الفعاليات السياسية والشعبية المنضوية تحت مكونات الحراك السلمي الهادف إلى تقوية أواصر الوحدة والمحبة وتمتين السلم الاجتماعي، وتجنيب البلاد أخطار ثقافة الحقد والكراهية والاستعلاء والإقصاء وما قد ينجم عنها من تشتت وتمزق.
‌ج- يحيي المؤتمر المواقف المشرفة للإصلاح وأحزاب اللقاء المشترك تجاه القضية الجنوبية باعتبارها قضية سياسية حقوقية مطلبية وكونها أبرز مظاهر الأزمة الوطنية التي تعيشها البلاد، وهي مدخل صحيح وسليم للإصلاح السياسي والوطني الشامل، مطالبين السلطات بالاعتراف بهذه القضية كقضية سياسية، وعدم التعالي عليها، والكف عن قمع نشطائها وفعالياتها وعدم عسكرة الحياة المدنية، والتحقيق مع كل المتسببين في قمع الفعاليات وقتل وجرح الأبرياء من المواطنين، وإعادة كافة المسرحين قسراً من مدنيين وعسكريين إلى أعمالهم...

وقفتان سريعتان :
الأولى: الإصلاح والحزب الاشتراكي:
لازال البعض يستغرب وجود الإصلاح والحزب الاشتراكي في تكتل اللقاء المشترك، والبعض يحاول ان يثير البلبلة حول هذا الالتقاء بين الحزبين، وإمكانية أن يلتقي الإصلاح والاشتراكي هذا معناه من ناحية أخرى إمكانية أن يفترق الإصلاح والمؤتمر والبعض لازال لا يصدق هذا الافتراق، إنّ الإصلاح يقترب من أي مكوّن سياسي في اليمن ويبتعد بقدر قرب وبعد ذلك المكون من هوية ومصلحة الوطن حرصاً على الحفاظ عليها وتنميتها لا تبديدها،إنّ الإصلاح يدور مع هوية ومصلحة الوطن اليمني أينما دارت أدرك ذلك من أدرك وجهله وحاول تجاهله من جهل وحاول. كان الحزب الاشتراكي مؤمناً بالفكر الاشتراكي العلمي المناقض للأديان كلها فكيف الإسلام فكان الفراق بين التنظيمين حتماً لازماً، ولمّا اقر الاشتراكي تبديل منهجه الفكري ذاك بفكرة العدالة الاجتماعية في مؤتمره العام الرابع (1998) كان اقتراب التنظيمين من بعضهما من مقتضيات المصلحة الوطنية، وزال سد كان يحول دون ذلك، ولما وقف الحزب الاشتراكي ضد مصلحة الوطن في الوحدة والتوحد عام 1994 وقف الإصلاح ضده في خندق واحد مع المؤتمر الشعبي الذي وقف مع مصلحة الوطن في الوحدة والتوحد.

الثانية : الإصلاح وفتوى حرب 1994:
إنها اكبر فرية راجت ويحاول ان يجددها البعض ضد الإصلاح، إنّ الفتوى التي صدرت حينها لم تُكفر أبناء الجنوب ولم تهدر دمائهم ولا ممتلكاتهم ولاشي من ذلك، إنّ خلاصة تلك الفتوى التي استخدمت ولا تزال كحرب نفسية ضد أبناء شمال الوطن، خلاصتها أنّ من يخرج على الحاكم في البلد المسلم ويتحصّن.. ويتمترس بأبرياء فان من يُقتل منهم كأمر حتمي للوصول إلى الخارج واستئصال خروجه فهو شهيد، هذه خلاصة الفتوى وهي مأخوذة من صميم الفقه الإسلامي وليست مجاملة لسلطة أو قياماً ضد فئة. هذا لمن أراد الحقيقة. وقد كتبت عن هذه الفتوى بحث مستقل بعنوان ((فتوى الديلمي..القصة الكاملة)) فليراجعه من اراد الاستزادة وهو منشور عبر النت.

كاتب وباحث من حضرموت الخير

زر الذهاب إلى الأعلى