[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

تحديات العمل النقابي بجامعة صنعاء!

يمثل العمل النقابي أحد أشكال العمل الجماهيري المدني، وتنشأ النقابات للدفاع عن حقوق العاملين وإرساء النظام والقانون بل والدفاع عنه في المؤسسات التي ينتمون إليها، وتعد الجمهورية اليمنية واحدة من دول المنطقة التي أتاحت للعاملين في المؤسسات الحكومية حق إنشاء النقابات التي تتبنى مطالبهم وطموحاتهم..

ومن تلك النقابات الرائدة نقابة أعضاء هيئة التدريس بجامعة صنعاء وعمران التي تعد النقابة الأم في الجامعات اليمنية كونها كانت تحمل قبل ذلك إسم (نقابة أعضاء هيئة التدريس بجامعتي صنعاء وعدن) وقد تنفرد قريباً جامعة عمران وحجة بنقابتين خاصة بهما لتصبح النقابة تمثل جامعة صنعاء فقط، ونعتقد أن الزملاء في الدورات النقابية المختلفة بذلوا جهوداً مشكورة وحققوا العديد من المطالب الشخصية لأعضاء هيئة التدريس ومساعديهم في الجامعات المختلفة .
إن مهام النقابات كما أشرنا تحمل طموحات شخصية وأخرى وطنية، ونقابة أعضاء هيئة التدريس بجامعتي صنعاء وعمران تسعى بجهود حثيثة لمتابعة بعض الحقوق الشخصية لأعضاء هيئة التدريس مثل السكن والكادروو...الخ

ولكن من المؤسف أنها تتجاهل إلى حد كبير الجوانب الأكاديمية فعلى الرغم من الإنتهاكات التي تعرض لها قانون الجامعات اليمنية وخاصة المتعلقة منها بالتعيينات الأكاديمية المخالفة والتي أدت لتوقيع رئيس الجامعة السابق لمحضر في عام 2010م يقر فيه بإلغاء قرارات التعيين المخالفة للقانون لعامي2006/2007مو2008/2009م، وكذا الالتزام بتوفير الأدوات المعملية للمعامل العلمية في الكليات إضافة إلى مطالب شخصية مختلفة لأعضاء هيئة التدريس، وكان ذلك الإلتزام بضمان وزير التعليم العالي ورئيس الوزراء أنذاك على محمد مجور، وحدد حينها سقفاً زمنياً لتنفيذ الإتفاق مع رئاسة الجامعة لا يتعدى بضعة أشهر..

ولكن ما حدث للأسف لم ينفذ من الاتفاق سوى جزء يسير من المطالب الشخصية ومنها حوالي توزيع (50%) من أجهزة الحاسوب، ومرت الأشهر والسنوات وكأن النقابة لم توقع على أي شيء بالنسبة للتعيينات الأكاديمية المخالفة للفترة الماضية أو تجهيز المعامل العلمية، وذلك السكوت العجيب للنقابة فتح شهية الإدارة لارتكاب المزيد من المخالفات القانونية، بل ونتيجة الممارسات المخلة بالقانون من قبل إدارة الجامعة..

وجد لوبي الفساد خارج الجامعة فرصته لفرض وصايته على الجامعة من خلال فرض تعييات مخالفة وبالإكراه، ومن ذلك مثلاً وصول كشف خلال الأسابيع الماضية بعدد يزيد عن(40) من الحاصلين على الشهادات العليا بفتاويهم وتعزيزاتهم المالية، ثم كشف بأكثر من(20) فرد، ومطلوب من الجامعة تعيينهم في الكليات المختلفة دون أي مرجعية قانونية، وكأن القضية قضية راتب وليست قضية قانون..

بل من المؤسف أن تقر تلك الحالات من المجالس العلمية في الجامعة كتحصيل حاصل وفرض أمر واقع، وبذلك تصبح الأقسام العلمية من حيث لاتدري مشرّعة للفساد وعابثةً بالنظام والقانون؟؟

وعتابنا على الهيئة الإدارية للنقابة أنها تعلم بتلك المخالفات وكان الأحرى بها إذا كانت عاجزة عن حماية القانون والدفاع عنه أن تدعوا لمؤتمر عام تطرح تلك القضايا لأصحاب الشأن وهم أعضاء هيئة التدريس، خاصة وأن هناك عشرات المواد القانونية التي تحدد شروط التعيين في الجامعات الحكومية ومن تلك الشروط الأساسية الإعلان والمفاضلة والتي يعرفها أعضاء النقابة بشكل جيد، على الرغم من ذلك عين المئات من أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم دون إعلان أو مفاضلة أو إحتياج خلال السنوات الأخيرة وبتوجيهات من قوى الفساد المعروفة، ومررت كل تلك الحالات من مجالس عليا في جامعة صنعاء يوجد ضمنها أعضاء ممثلين للنقابة!! وجأت تلك المخالفات بعد توقيع محضر اجتماع بين رئيس الجامعة السابق والنقابة عام2010م والذي سبق الإشارة إليه .

وهناك قضايا تتصل بالعمل النقابي الأكاديمي في جامعة صنعاء نورد منها مايلي :
1- لقد أجريت إنتخابات النقابة بناءً على نظامها الأساسي الذي تحدد الدورة النقابية بثلاث سنوات، وكما يقال العقد شريعة المتعاقدين، وبالتالي فتفويض أعضاء هيئة التدريس لممثليهم تنتهي في شهر إبريل2012م، ومن ثم تعد أي إجراءات تمارسها النقابة بعد هذا التأريخ خارج إطار ذلك التفويض، وتعد غير شرعية حتى يمدد أعضاء هيئة التدريس للمندوبين والهيئة الإدارية لأي فترة إضافية، قد يقال أن الهيئة الإدارية تمارس مهامها بموجب لوائح الشئون الاجتماعية، ذلك الكلام غير منطقي لأن أعضاء هيئة التدريس هم أصحاب الإرادة الفعلية في العمل النقابي وانتخاباتهم تمت على أساس النظام الأساسي وليس على أساس لوائح الشئون الاجتماعية.

2- المواقف السياسية: من المعلوم أن منتسبي الجامعة متعددي التوجهات السياسية، ولكن من المؤسف أن الهيئة الإدارية للنقابة خلال المأزق السياسي الذي مرت به اليمن خلال 2011-2012م تبنت وجهة نظر معينة لاتمثل الإجماع العام للكادرالأكاديمي، وبنت عليها بعض القرارات التي كان المفترض فيها الرجوع إلى المندوبين لتقر بشكل جماعي مؤسسي، وذلك لايتناقض أبداً مع إعلان القناعات الفردية لأعضاء النقابة والترويج لها ولكن بصور فردية أو عبر مكونات ثقافية أو سياسية لاتتصل بالنقابة كعمل تنظيمي، فعضو الهيئة الإدارية يمثل بشكل مهني مختلف أعضاء هيئة التدريس وبالتالي يجب أن تكون نقاشاته وحديثه في إطار أي نشاط نقابي مربوط بحدود الجامعة والقضايا ذات البعد الأكاديمي.

3- على الرغم من وجود إتفاقات للنقابة مع إدارة الجامعة تلزمها بتنفيذ بعض الإجراءات ذات الصلة بتطوير العمل الأكاديمي وحماية النظام والقانون النافذ، إلا أن إدارة الجامعة تجاهلت تلك الإتفاقات، ومع ذلك كان موقف الهيئة الإدارية غير واضح أمام مندوبي الكليات أو عموم أعضاء هيئة التدريس، فكيف تطالب في عام 2010م بإلغاء التعيينات المخالفة لأربع سنوات سابقة ويتفاوض رئيس الجامعة لتخفيض فترة الإلغاء إلى سنتين، ثم لم ينفذ ذلك التعهد ولم يتوقف عن التعيينات المخالفة بل ومارس المخالفات بشكل يفوق ماكان عليه قبل الإتفاق، ومع ذلك لم تتخذ الهيئة الإدارية أي إجراء تصعيدي بالتعاون مع مندوبي الكليات وعموم أعضاء هيئة التدريس، فالأصل إذاعجزت الهيئة الإدارية عن توقيف مخالفات رئيس الجامعة التي التزم بها في اتفاق رسمي، أن يتم الدعوة لمؤتمرعام ليتخذ أعضاء هيئة التدريس الإجراء الذي يحمي النظام والقانون في مؤسستهم العلمية، ولكن للأسف استمرت المخالفات ولازالت ولم يعرف أعضاء هيئة التدريس سبباً لضعف موقف الهيئة الإدارية حيال ذلك .

4- لقد تمكنت رئاسة الجامعة من إضعاف دور الهيئة الإدارية من خلال تكليف بعض أعضائها بمهام إدارية بعض تلك المهام تحتاج إلى سفريات ومتابعة خارج اليمن، وبالتالي مثل الإرتباط الإداري لبعض أعضاء الهيئة الإدارية أحد أبرز الأسباب المباشرة التي أضعفت دور الهيئة الإدارية، وذلك الأمر طبيعي لأن الأرتباط بين العمل النقابي والإداري حتماً سيؤدي إلى التأثير السلبي على العمل النقابي، والمتابع لمسيرة الهيئة الإدارية سيجد أن ضعفها ارتبط إلى حد كبير بالفترة التي أعقبت تلك التكليفات .

5- تؤكد تقارير رسمية على أن إيرادات الموازي حساب الدولارخلال الفترة من 2006-2009م وصلت إلى أكثر من(12مليون دولار) وبمعدل(4)مليون دولار سنوياً،إضافة إلى حساب التعليم عن بعد للطلاب المسجلين خارج اليمن وخاصة في المملكة العربية السعودية والذي وصل فساده إلى القضاء وصدرت به أحكام قضائية تشمل مخالفات بعشرات الملايين، أضف إلى كل ذلك أنواع أخرى من التعليم بالدولار مثل الدراسات العليا لغير اليمنيين، أما بالريال فهناك حساب خاص سواء للموازي أو غيره، من العجيب في ظل تلك المبالغ الهائلة أن تحدث مواقف غريبة ففي كلية التربية أرحب أصر مدرس إحدى المواد في قسم الكيمياء عام2008م على ضرورة تدريب طلاب المستوى الرابع عملي للمادة التي يدرسها، واحتدم الخلاف حينها حول قيمة المواد الكيميائية التي تصل إلى حوالي(180ألف ريال فقط) وتم تأخير الطلاب حتى نهاية العطلة الصيفية وهم خريجون بحجة عدم توفر المبلغ المطلوب وفي آخر المطاف ضربت درجة النظري في (1.5) وتخرج الطلاب دون تنفيذ التدريب العملي الهام!!!قد يقول البعض وماعلاقة النقابة بذلك، نقول لو تابعت الهيئة الإدارية التزامات رئاسة الجامعة الموقعة في محاضر رسمية والخاصة بتحويل جزء من الموازي لصالح المعامل العلمية لما حدث ذلك وخاصة في ظل إيرادات تصل إلى ملايين الدولارات ولاتخضع للضوابط المالية المعتادة.

أخيراً مع ما نكنه للزملاء أعضاء الهيئة الإدارية لنقابة أعضاء هيئة التدريس من إحترام وتقدير فهم في آخر المطاف زملاء أعزاء وتباين وجهات النظر من منظور مهني أمر طبيعي، مادام الهدف منه تكريس النظام والقانون واللوائح في أكبر مؤسسات التعليم العالي في اليمن، كون أعضاء هيئة التدريس هم النخبة الوطنية، وعليهم تقع مسئولية ريادية في تفعيل النظام والقانون في مؤسساتهم العلمية الرائدة، ثم أن جهودهم لاتقف عند ذلك الحد فمسئوليتهم الوطنية تقتضي تشكيل جبهة من النخبة لمناصرة القانون على مستوى أجهزة الدولة المختلفة، نأمل من مرتادي العمل النقابي أن يدكوا أن مهامهم لا تقف عند حد المصالح الشخصية المباشرة لمنتسبي أي نقابة، بل أن النقابات منظمات مجتمع مدني لها أهداف وطنية، فالمؤسسة التي ينتمون إليها هي جزء من بناء الوطن الكبير فإرساء النظام والقانون فيها وتعزيز ادائها الوظيفي حتماً سيؤدي إلى نهضة الوطن، وخدمة التنمية الشاملة والمستدامة .

زر الذهاب إلى الأعلى