يبدو طقس الأسابيع المقبلة محمّلا بالأتربة من كل شكل ولون.
فمن غبار "العاهات التاريخية" وصعاليك الفنادق في القاهرة وبيروت،
إلى خلافات داخل الحكومة حول توزيع المناصب العسكرية والأمنية ومقاعد السفراء الشاغرة، إلى تحديات شخصية تواجه الرئيس عبدربه منصور هادي من بعض أعوانه وعشيرته، إلى ضغط معيشي بسبب عدم استطاعة عموم المواطنين الايفاء بمتطلبات رمضان الكريم ولو بحدها الأدنى، إلى خدَر إصلاحي مُضِر جراء فوز مرسي، إلى عتَه وعك واضح في الأداء الإعلامي لمؤسسات الدولة وقطار التغيير، إلى محاولة استفادة شلة الرئيس السابق من هذا كله بطريقة تطيل من قدرتها على التشويش.
رأيي أن كل هذه الأتربة تظل مضاعفات طبيعية لعملية التغيير التي تمت في اليمن ما لم يتورط الأطراف السياسية في منزلق حوار يقفز على تحديات الراهن ليناقش شكل الدولة وطريقة التفاتة الطير الجمهوري.. وهناك من يحدُّ شفرته ليتعشى من مرق هذا الطير. ومؤشرات مؤتمر الحوار المرتقب إذا عقد في هذا التوقيت "النيئ"، واستجابَ لشروط صعاليك الفنادق وتنظيرات سدنة الليل تقول بأنه عزومة بلهاء على مرق الطير الجمهوري.
الوقت يمر.. وثقافة الجمود تعيد انتاج نفسها جراء التأخر المشين في إعادة الأخلاق إلى مضمار العمل الوطني. فالشعب الآن مؤهل لتجديد ثقافته وغسل شوائبه كما هي عادة كل الشعوب في المراحل الانتقالية.. والعمل السياسي كالسيف؛ إن لم تقطعه قطعك.
الوقت يمر.. وتكاد حالة هجينة تفرض نفسها كأمر واقع يعيد إنتاج العدامة من جديد.. ما لم تفتح المنابر أمام أهل الفكر والرأي الذين يحبون شعبهم ويرون مجدهم الشخصي في انتشار القيم والمثل بين الناس وليس في حجم المقتنيات وأرقام الودائع.
الإخلاص وحده لا يكفي للخروج باليمن من قبضة اللصوص الأذكياء إلى سعة المستقبل المستنير الذي ينتظر الجميع بكل شوق.