اليمن لم يتعافَ بعد، فهناك حقول أشواك وألغام مازالت قائمة، كما أن أزماته الاقتصادية والاجتماعية تتفاقم، رغم الاتفاق الذي قضى بتنازل “الرئيس” علي عبد الله صالح عن السلطة في فبراير/شباط الماضي .
لكن اليمن الذي لم يخرج "ثواره" من الميادين والساحات بعد، ومازالوا يحتشدون أسبوعياً للمطالبة بإقالة بقايا النظام السابق، يسير ببطء شديد على طريق السلامة، إذا ما اكتملت خطوات الحوار الوطني الشامل وبدأت تأخذ مسارها الصحيح، وصولاً إلى انطلاقها كما هو مقرر لها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في إطار العملية الانتقالية بعد استكمال الاتصالات مع كل الأطراف، ووضع برنامج زمني يحدد الخطوات الآيلة إلى نجاح الحوار.
المؤشرات إيجابية حتى الآن، وفق ما أعلن المبعوث الأُممي إلى اليمن جمال بن عمر، إذ وافقت كل الأطراف السياسية، بمن فيهم الحوثيون في الشمال "والحراك الجنوبي" في الجنوب على المشاركة، في الحوار، "لإعادة إطلاق المرحلة التحضيرية للحوار" التي تُخرج اليمن من أزمته السياسية عبر صياغة دستور جديد، والإعداد لانتخابات عامة في العام 2014.
هذا لا يعني أن المشوار سيكون سهلاً وهيّناً، فهناك مشكلات كامنة عند كل منعطف، لها علاقة بإرث النظام السابق وبقاياه، وهناك المواقف المتعارضة للقوى السياسية والقبلية المؤثرة في الساحة، وهناك مطالب قوى التغيير التي لم تخرج من الساحة بعد ولم تقتنع بمضمون الاتفاق الذي قضى بتغيير رأس النظام، وهناك شعور بالغبن والحرمان والاستبعاد في الجنوب والشمال تحوّل في ظل سياسات نظام علي صالح إلى حالة من التمرد والعصيان للمطالبة بالعدالة والمساواة، وذهب بعضها في ظل استخدام سياسة العصا تجاهها، إلى المطالبة بالانفصال والخروج من نسيج "الوحدة المفروضة بالقوة".. إضافة طبعاً إلى الخطر الذي تمثله القوى المسلحة المتطرفة.
ما دام الحوار الوطني بدأ يتلمس طريقه، فالباب بات مشرعاً أمام اجتراح حلول قد تكون صعبة، لكن لا بأس، فالمهم هو اقتناع الجميع بأن الحل لن يأتي إلا من خلال الحوار وصولاً إلى قواسم مشتركة تتحقق من خلال تنازلات تُقدم من أجل اليمن، وتنتشله من الحال الذي هو فيه.
اليمن يستحق أن يخرج من دوامة الفوضى واللااستقرار ويتعافى، وشرط ذلك اقتناع كل الأطراف السياسية اليمنية بأن أحداً لن يستطيع إلغاء أحد، وأن الولاء لليمن هو المعيار والمقياس، والطريق إلى ذلك ممكن إذا صدقت النوايا، ومد الأشقاء أيديهم بإخلاص للمساعدة والدعم.