أرشيف الرأي

المبادرة وأهداف الثورة برنامج الفترة الانتقالية (1)

المقدمة
بعد ان وصل اليمنيون إلى قناعة بعدم امكانية التغيير وإصلاح الاوضاع في ظل النظام السابق انطلقت ثورة التغيير السلمية في 11فبراير2011 رافعة شعارات وأهداف عدة يمكن تلخيصها في اهداف رئيسة ثلاثة: -

الأول: إسقاط النظام
الثاني: اقامة نظام جديد على اساس الحرية والعدالة والمساواة وقواعد الحكم الرشيد والتداول السلمي للسلطة في ظل الوحدة والجمهوريه.

الثالث: التغير نحو الافضل في شتى مجالات الحياة السياسية والثقافية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية والقضائية والأمنية والعسكرية .

وقد حظيت هذه الثورة باهتمام اقليمي ودولي بسب التأييد الشعبي و الموقع الجغرافي لليمن وأهميته بالنسبة للشرق والغرب ودول مجلس التعاون المصدرة للنفط والدول الغربية الصناعية المستورده له حيث تسيطر اليمن على هم مضيق بحري هو (باب المندب) و تطل على البحرين الأحمر والعربي ومن ثم المحيط الهادي وبسبب اعمال العنف التي طالت المتظاهرين والمعتصمين سلميا وانقسام الجيش اليمني إلى موال للنظام ومؤيد للثورة وانتشار السلاح لدى الشعب وبروز صراع مسلح بين القوات الموالية للنظام وبعض المشايخ والمواطنين المؤيدين للثورة من جهة واستيلاء تنظيم القاعدة في جزيرة العرب (انصار الشريعة) على محافظة ابين من جهة اخرى وحرصا من الاشقاء والأصدقاء على وحدة اليمن وامنه واستقراره وامن ومصالح دول مجلس التعاون الخليجي و المجتمع الدولي جاءت المبادرة الخليجية واليتها بنصوص محققة لأهداف الثورة سالفة الذكر وضامنة خروجا آمنا لمن اقتضت الضرورة خروجه من السلطة ومانعة لانزلاق اليمن للعنف والفوضى واضعة خارطة طريق لتحقيق الاهداف المذكورة من خلال سلطة وفاق وشرعية توافق التي نصت عليها المبادرة واليتها وبعد التوقيع عليهما من قبل الاطراف المنضويه في اطاري التحالف الوطني (المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه) والمجلس الوطني (اللقاء المشترك وشركاؤه) اصبح التغير وإصلاح الاوضاع وفقا للمبادرة واليتها محل اتفاق بين الاطراف الموقعه والمشاركة في سلطة الوفاق .

وقد حظيت المبادرة و السلطة المشكلة بموجبها بتأييد ودعم محلي وإقليمي ودولي لم يسبق له نظير ولو احسنت السلطة استغلال هذا الدعم وتعاملت بجدية مع المبادرة واليتها ونفذت اجراءاتها في مواعيدها المحددة لحققت نقلة نوعية في اليمن لكن الملاحظ انه فيما عدا (نقل بعض صلاحيات الرئيس إلى نائبه وتشكيل حكومة الوفاق ومنحها الثقة وتشكيل اللجنة الأمنية والعسكرية وقانون الحصانة)فان بقية الاجراءات المنصوص عليها في المبادرة والآلية لم تحظ بجدية التنفيذ من قبل سلطة الوفاق وأطرافها ولم تعط المبادرة واليتها ما تستحق من الاهتمام من قبل الباحثين والمعنيين بتنفيذها ووسائل الاعلام الرسمية وغيرها للتعريف بما ورد فيهما وإعداد الخطط والبرامج اللازمة لتنفيذهما باستثناء ما ورد في بيان الحكومة من إشارة إليهما وتضمين بعض نصوصها حرفيا دون اعداد مصفوفة تنفيذية مزمنة لما ورد في البيان و المبادرة واليتها لمتابعة ومراقبة التنفيذ بل ان الخطاب الاعلامي والسياسي لسلطة الوفاق والأطراف الموقعه على المبادرة واليتها ووسائل اعلامهم لا يمت إلى الوفاق بصلة.

واغرب من هذا وذاك ما نسمع بين الحين والاخر من تصريحات لبعض مسئولي سلطة الوفاق والأطراف الموقعة على المبادرة واليتها بان مهمة الفترة الانتقالية قاصرة على ابعاد شبح الحرب الاهلية وتنظيم الحوار وإعداد الدستور والاستفتاء عليه والانتخابات ، وان عملية التغيير وإصلاح الاوضاع لن تكون إلا بعد الانتخابات وان الحوار لا سقف له وهذه التصريحات تعبر عن قصور في فهم نصوص المبادرة واليتها أو عدم تقدير لحجم المسئوليات الملقاة عليهم طبقاً للدستور والمبادرة الخليجية واليتها والقوانين النافذة أو ان هناك اتجاها لتمديد الفترة الانتقالية وهذا غير مقبول لدى الشعب الذي بدأ صبره بالنفاد بسبب سوء إدارة شئون البلاد ولو صحت تسريبات التمديد فانه سيكون بداية لثورة جديدة .

وعلى الرغم من أن موقع تشاثام هاوس البريطاني في تقريره الصادر عن ورشتي العمل التي عقدت في العاصمة البريطانية لندن ابريل ومايو 2012م والمنشور في صحيفة أخبار اليوم اليمنية بتاريخ 29/8/2012م بشأن تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها سيناريوهات أربعة الأول التحول وفقاً لما جاء في المبادرة واليتها والثاني تأجيل الخيارات الاستراتيجية الثالث الإصلاحات التي تضل طريقها والرابع الإنحلال وذكر الاسباب والمبررات والآثار المترتبة على كل منها ثم الاستنتاجات التي توصل إليها المشاركون في ورش العمل كمسار محتمل لليمن وذكر عدة استنتاجات ومن تلك الاستنتاجات نجاح الاصلاحات يتطلب تحولا جوهريا في عقلية نخب النظام نحو رؤية استراتيجية تعترف بأن التغيير الواسع النطاق هو ضروري لإنشاء نموذج عمل اكثر استدامة. وان جميع السيناريوهات تتضمن تأجيل الانتخابات مارس 2014 على الرغم من اختلاف الاسباب لا ينبغي اعتبار تأجيل الانتخابات مؤشراً على الفشل .

إلا أن الكثير من المحللين هنا في اليمن يرون ان السلطة في اليمن تقف أمام خيارين لا ثالث لهما الأول السير في تحقيق التحول المنشود وفقاً للمبادرة الخليجية والثاني التراخي في تنفيذ المبادرة وما قد يترتب عليه من تداعيات تنتهي بها إلى الفشل وانها اقرب إلى الثاني منها إلى الأول للأسباب التالية:

1. الاثار المترتبة على الصراع والتنافس الإقليمي والدولي على اليمن.
2. سوء الفهم لدى مسئولي سلطة الوفاق لمبادئ ومقاصد وتفاصيل المبادرة وآليتها ومهام المرحلة الانتقالية.
3. عدم تشكيل لجنة التفسير خلال خمس عشرة يوماً من دخول المبادرة واليتها حيز التنفيذ وفقا لنص المادة25 من الالية لتكون مرجعية لحل أي خلاف في تفسير المبادرة الخليجية واليتها وتأخير تشكيل هذه اللجنة في حد ذاته يؤكد عدم وجود ارادة سياسية لتنفيذ المبادرة واليتها .
4. استمرار تدهور الاوضاع السياسية و الامنية والإدارية والاقتصادية والعسكرية دون اتخاذ اجراءات فاعلة لايقاف التدهور اواصلاح الاوضاع رغم مرور تسعة اشهر على قيام سلطة الوفاق .
5. ضعف وتهاون سلطة الوفاق عن القيام بمهامها الدستورية وعدم قدرتها على تنفيذ إلتزاماتها المنصوص عليها في المبادرة واليتها في مواعيدها المحددة.
6. إدارة شئون الدولة بذات عقلية النظام السابق وبطريقة اسوأ منها في ظل ظروف مختلفة كلياً عما كانت عليه قبل قيام الثورة .
7. عدم وجود رؤية وطنية واضحة للتغيير تقوم على التوافق بين شريكي الحكم اولاً وتحقق التوافق الوطني ثانيا وتلبي طموحات الشعب اليمني في التغيير نحو الافضل في شتى المجالات ثالثا.
8. تزايد سخط الشعب على السلطة بسبب تفريطها في سيادة اليمن ووضعه تحت الوصاية الدولية والسماح لسلاح الجو الأمريكي بالقيام بعمليات قتل خارج اطار القانون يحرم القانون الأمريكي القيام بمثل هذه الاعمال في الاراضي الأمريكية .
9. تجاهل شباب الثورة وعدم التواصل معهم أو الاهتمام بمطالبهم وهم اصحاب الفضل الاول في تحريك المياه الراكدة وايقاد شعلة الثورة وايصال مسؤولي سلطة الوفاق إلى مواقعهم بل ان المتتبع لقرارات وإجراءات السلطة منذ تشكيلها يجد بانها تسير في الاتجاه المعاكس لشباب الثورة .
10. عدم اتخاذ أي اجراءات لتوفير الأجواء المناسبة لتحقيق الوفاق الوطني وإزالت عناصر التوتر وفقاً لأحكام المادة الثانية من المبادرة ومنها بعض المطالب التي وردت في بيان اللجنة التنظيمية والمطالب الـ20 التي أعلنت عنها اللجنة الفنية للحوار مشكورةً لسد الفراغ الذي تركته السلطة مع أن هذا العمل ليس من اختصاص اللجنة.
11. ضعف فريق التغيير وتفوق فريق المقاومة والثورة المضادة عليه تخطيطا وادارة وتنفيذا واعلاما مستغلا تراخي السلطة في التغيير وأخطاءها وضعف تواصلها مع الشعب لإعادة ترتيب اوضاعه وتجميع ما تفرق من قوته وترميم علاقاته مع الاخرين اضافة إلى ما بيده من مفاتيح القوة لتحقيق ما يهدف اليه.
12. غياب دور المجلس الوطني لقوى الثورة وشل حركته بسبب انشغال رئيسه وعدد من أعضاء الهيئة التنفيذية بأعمال الحكومة وانشغال قيادة اللقاء المشترك بالأوضاع التنظيمية لأحزابهم واعتقاد بعض الزملاء أعضاء الهيئة التنفيذية : أنه الثورة والثورة هو وليس في اليمن ثائرٌ إلا هو مع احترامنا لهم جميعا.
13. بط ء حركة عجلة التغيير واقتصاره على تغيير الاشخاص دون الانظمة وفيما عدا القرارات المتعلقة بتعيين قادة القوات الجوية والمنطقة الجنوبية واللواء الثالث حرس جمهوري وتشكيل الحماية الرئاسية وضم عدد من ألوية الفرقة والحرس الجمهوري إلى المناطق العسكرية فان بقية القرارات ليست إلا وسيلة لترتيب اوضاع اشخاص أو فئات محددة أو تحقيق مقتضى تحول قيادة الدولة من سنحان إلى دثينة وبأسلوب فج وكما يقال في المثل الشعبي ( من زوه إلى زوه ).
14. اتخاذ القرارات من قبل المحافظين والوزراء ورئيسي الوزراء والجمهورية دون مراعاة احكام التوافق ومستلزمات الوفاق الوطني الذي يحتم عليهم التشاور وتقديم المصالح العليا للوطن على مصالح الأحزاب والأشخاص والمناطق.
15. عدم تقديم رئيس الجمهورية وعدد من مسؤولي سلطة الوفاق اقرارات ذممهم المالية فور تسلمهم مناصبهم وفقاً للقانون و غياب الشفافية والمساءلة مؤشرات هامة على عدم وجود ارادة سياسية لمكافحة الفساد.
16. ترك الحبل على الغارب في الخلافات التي حدثت في مجلسي الوزراء والنواب لدرجة تنذر بحل عقد الوفاق الوطني بسبب عدم اتخاذ الاجراءات اللازمة لحسمها بالتوافق وفقاً لنصوص الآلية التنفيذية التي منحت الرئيس حق القرار النهائي في أي خلاف قد يحدث بعد التشاور مع رئيسي مجلس النواب والوزراء كل في مجال اختصاصه .
17. ترك قضيتي الجنوب وصعده تتفاقمان يوما بعد يوم دون اتخاذ اية إجراءات لحلهما أو لإزالة المظالم أو لترسيخ الامن وبسط سيطرة الدولة على كل أرجاء الوطن الامر الذي أتاح الفرصة لأصحاب المشاريع الخاصة أن يتحركوا في ظل غياب المشروع الوطني الجامع .
18. عدم حل مشكلتي محافظي حجة والجوف وما ترتب عليها من تداعيات داخل المحافظتين وخارجها وكأن هاتين المحافظتين تقعان خارج الإطار الجغرافي للجمهورية اليمنية.
19. نتيجة للشعور بالفشل واستباقاً لوقوعه :
أ - في مقال صحفي نشرته احدى الصحف السعودية رئيس الوزراء يلوح بالتخلي عن التسوية السياسية واللجوء إلى المسار الثوري في حالة تراخي المجتمع الدولي عن دعم التسوية
ب - في خطابه بمناسبة عيد الفطر رئيس الجمهورية يلوح بحرب اهلية لا تبقي ولا تذر في حالة فشل الحوار .
ج - في لقائه مع الحكومة عقب اجازة عيد الفطر رئيس الجمهورية يبشر بافتتاح مكتبين في صنعاء احدهما يتبع امين عام مجلس التعاون الخليجي والثاني يتبع امين عام الامم المتحدة لمتابعة اعمال الحكومة والوزراء يومياً .
20. شعور المظلومين من ابناء المحافظات الجنوبية بعدم امكانية ازالة المظالم التي وقعت في المحافظات الجنوبية بعد حرب 94 تحت اشراف الاخ المشير عبد ربه منصور أو بموافقة أو غض طرف منه حينما كان نائبا لرئيس الجمهورية ومن تلك المظالم ما ورد في تقرير هلال- باصرة التي كان مجلس الوزراء قد اتخذ قرارا بإحالتها إلى النائب العام للتحقيق والتصرف فيما ورد في التقرير طبقا للقانون ثم شكلت لجنة برئاسة نائب رئيس الجمهورية لإضفاء الشرعية على تلك المظالم وإفراغ التقرير من محتواه والحيلولة دون احالة الملف إلى النيابة وهو ما تم بالفعل.
21. شعور المهتمين بحقوق الانسان بعدم امكانية اتخاذ اية اجراءات للتحقيق في حالات اختفاء وقتل المدنيين التي حدثت خلال العام 2011 حينما كان الاخ المشير عبد ربه منصور نائباً لرئيس الجمهورية ورئيسا للجنة ادارة الازمة المكلفة بقمع الاحتجاجات ثم بعد توليه مهام رئيس الجمهورية بقوة الدستور بعد حادثة جامع دار الرئاسة ونقل الرئيس السابق إلى المملكة العربية السعودية للعلاج إلى حين عودته وبعد نقل بعض صلاحيات الرئيس إلى نائبه ورئاسته للجنة الامنية والعسكرية بموجب المبادرة والآلية لان التحقيق سيشمله حتماً.
22. عدم اتخاذ الاجراءات الكفيلة بإيقاف انتشار انصار الشريعة من محافظة أبين إلى المحافظات الاخرى .

وبناء على ما سبق وبعد التشاور مع عدد من السياسيين وأعضاء الهيئة الادارية لاتحاد القيادات الادارية تم اعداد هذه الدراسة قياماً بواجب النصح لسلطة الوفاق والأطراف الموقعة على المبادرة وآليتها وبياناً للشعب حول مبادئ التسوية ومقاصدها والتزامات السلطة والأطراف الموقعة ومهام الفترة الانتقالية طبقاً للدستور والمبادرة واليتها وبرنامج الحكومة حتى يكون الشعب على بينة من امره ويعرف ما انجز منها وما لم ينجز ويحاسب من اخل أو قصر بواجباته وقد اشتملت هذه الدراسة على: - المقدمة ، وفصلين الأول:مبادئ المبادرة وأهداف الثورة والثاني مهام سلطة الوفاق طبقاً للدستور والمبادرة واليتها وبرنامج الحكومة ثم الخاتمة التي اشتملت على العديد من الاستنتاجات والتوصيات .

زر الذهاب إلى الأعلى