آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

اليمن في مواجهة الدول المانحة

اليمن لم يصنع مشاكله بنفسه، بل جاءت من مصادر مختلفة وآثار قديمة جعلت قضايا الفقر والتخلف وزيادة السكان من أسباب الحروب والانقلابات، والضياع بين نظم سياسية اختارت مسارات أعاقت أي مجال للتنمية الشاملة..

المملكة التي تستضيف اجتماع المانحين لليمن بادرت بتقديم وديعة بمليار دولار وسبق لها تقديم ثلاثة مليارات دولار خلال السنوات الخمس الماضية، ولعل حالات الفساد وسوء الإدارة، وتزايد العاطلين الذي تسبب فيها النظام السابق، وحوّل اليمن إلى بلاد مجاعة، يحتاج الآن، من الحكومة الجديدة عمل الكثير بتأسيس قواعد لدولة حديثة تنطلق من الأمن إلى التنمية، والإصلاح الجذري للسياستين الداخلية والخارجية، لأن اليمن لا يتحمل مزيداً من الإخفاقات أو عودة الصراعات السياسية والمذهبية، أو زرع خلايا إرهابية تدار من قوى خارجية لزعزعة أمنه..

فالشعب الذي عاش أوضاعاً سيئة طيلة العشرين عاماً أو أكثر الماضية يحتاج إلى موقف ينتشله من أوضاعه، والدول التي وعدت بمساعدته في مشروع بناء متكامل وضمن خطة تراعى فيها احتياجات اليمن، لابد أن تخطو باتجاه التنفيذ، لأن قدراته على مواجهة الظروف الراهنة، ليست بقدرة الدولة، ولا الشعب، خاصة وأن اليمن لا يملك الموارد الطبيعية التي تساعده على النهوض، وبالتالي فالأمر ليس صدقة أو منّة من أي طرف، وإنما التزام أخلاقي ومبدئي، لأنه من غير المنطقي أن يبقى على حافة الفقر ويطالب بمكافحة الإرهاب وضبط الأمن في محيط وطني وصل إلى حد خط الفقر لحوالي أربعين في المئة من سكانه..

نعم هناك دول لا تعطي أو تمنح إلا ضمن قائمة إصلاح وخطط وأدوات عمل تجعل أموالها تذهب إلى اتجاهها الصحيح، وهذا حق طبيعي، لكن هناك مشاكل آنية لابد من التغلب عليها، وهو نقص الغذاء والدواء والتعليم، وهذه لا تقبل التباطؤ..

أما الخطط بعيدة المدى، فهذه يمكن الاتفاق عليها في سياق العمل المشترك من المانحين بحيث توضع وفق مراحل معينة، وإعادة هيكلة النظام بكليته بما يراعي مصلحة كل الأطراف، وإذا كانت المملكة سباقة في مساعدة البلد الجار، فالدول الخليجية لها النصيب الآخر من المسؤولية، لأن اليمن متلاحم معها أمنياً وجغرافياً، وعملية أن يترك فريسة للإرهاب أو زعزعة أمنه، فإن العائد على دول الخليج العربي سيكون سلبياً، ونحن نعرف كيف تغلغلت إيران، وحاولت أن تبني قاعدة لها مع لحوثيين لغرض وضع دول الخليج العربي في مواجهة مصيرية مع تلك العناصر..

الدول الأخرى الخارجية لها مصلحة أساسية باستقرار اليمن وتنميته، لأن وجوده بحالة غير آمنة بسبب ضعف المواقف، سوف يخلق مشاكل أمنية قد تطال حتى الدول الخارجية، ونحن نفهم كيف تم خروج أكثر من إرهابي استهدف أمريكا ودولاً غربية أخرى، وحتى أمن البحر الأحمر يعد جزءاً من أمن اليمن كمحور حيوي يربط القارات مع بعضها..

زر الذهاب إلى الأعلى