شعر وأدب

سبتمبر.. اشواق آلاف الليالي (البردوني)

ماذا هنا؟ سبتمبرٌ .. اشواق آلاف الليالي
حرق العصافير الجياع .. إلى البيادر والغلالِ
بثّ المسامر والرؤى العطشى وأخيلة الخيالِ

خفق النوافذ وارتجافات .. الرياح على التلال
وتطلّع الوادي وأسئلة .. النجوم إلى الجبال
وتلهّف الكأس الطريح .. إلى انهدالات الدوالي
كان احتراقات الإجابة .. وابتهالات السؤال
وتلفّت الآتي، إلى .. آثار أقدام الأوالي
عشرون عاما قلبّا .. حبلت به أمّ النضال

نسجته من شفق المقاصل والجراحات الغوالي
حتى أطل على عقاب من أساطير المحال
في كل ريشة جانح .. منه "أبو زيد الهلالي"
في النفخة الأولى رمى .. بالعرش أغوار الزوال
وأمال زوبعة الرمال .. إلى سراديب الرمال
يعطي المواسم والمحبة .. باليمين وبالشمال
أنى مشى، أجنى "الوليد" .. من المنى وأجدّ بالي
موج سماوي النضارة .. شاطئاه من اللآلي
ماذا هنا ! "سبتمبر" .. أتقول لي، أجلى المجالي
شيء وراء تصور الدنيا وأبعاد الجمال
فوق احتمالات الرجاء .. وفوق اخصاب النوال

**
أتقول لي؟ وهل انتهى .. في جثة الأمس النزوعُ؟
شاء الرجوع وسلّحته البيد، فانتحر الرجوعُ
وزوته حفرته وأطبق فوق مرقده الهجوعُ
وعلا الدخان أزقة البترول، فانتبه الصريع
واهتاج ثانية فمد .. زنوده " النيل" الضليع
وأحاطت الخضراء من .. أقوى سواعده دروع

وارتد ظل الأمس والتحم التوقع والوقوع
فتنادت النيران والتفت المصارع والجموع
وانجرّ عامان نجومهما وشمسهما النجيع
فبكل رابية إلى .. لحم ابنها ظمأ وجوع
وبكل منعرج إلى .. تمزيق اخوته ولوع
فهنالك انقصفت يدان .. وثمة انتثرت ضلوع
وهناك خرّت قمة .. وهنا هوى تلّ منيع

فلكل شبر من دم الشهداء، تاريخ يضوعُ
أرأيت حيث تساقطوا .. كيف ازدهى النصر المريع
حيث اغتلى الوادي ولف .. "عليا" الصمت الجزوع
رضع الدجى دمه فأشمس .. قبل أن يعد الطلوع
حيث التقي " الخمري" ذا .. بالغيم واحترق الصقيع

حيث انطفى "سند" تدلت أنجم، وعلت شموع
حيث ارتمى " الكبسي " أورق منجم، وشدى ربيع
وأعادت الأحداث .. سيرتها فأرعدت الربوع

وتعطش الميدان فانفجر الضحى ودوى الهزيع
ومشت على دمها الذئاب وغاص في دمه القطيع
حتى توارى الأمس .. زغردت المآتم والدموع
وهفت أغانيها، تضجّ .. "ليسلم الشرف الرفيع"
وتبوح للنصر انطلق .. فمجالك الأبد اللموع
ولمرضعي "سبتمبر" .. دمهم ، لقد شب الرضيع

***
اتظن رابية تنوق .. إلى دم أغلى يسيلُ؟
أو ما ارتوي عطش الرمال واتخم العدم الأكولُ؟
يا للأسى، كيف استطب .. مماته "اليمن" العليلُ

ورنى السؤال إلى السؤال وبغتة وجم السؤولُ
ماذا استجد فباحت الأصداء ، .. وارتجف الذهول
لبّى الدّم الغالي دم .. أغلى إلى الداعي عجول

من مات؟ واستحيا السؤال وأطرق الرد الخجول
أهنا "الزبيري" المضرّج ؟ .. بل هنا شعب قتيل
وأعادت القمم الحكاية .. واستعادتها السهول
من ذا انطوى؟ علم .. خيوط نسيجه الألم البتول
في كل خفق منه "جبريل" .. وفي فمه رسول
بدأ الرعيل به السرى .. فكبا وسار به رعيل
وخبا وراء حنينه .. جيل، واشرق فيه جيل

وعلى الحراب أتم أشواطا، مداها المستحيلُ
وعلى منى ميلاده الثاني تكاتفت الفلول
لفظ البلى غربان "واق الواق" وانثنت " المغول"
فاحتز رحلته الرصاص النذل والطين العميل
فغفى وصدق الفجر في .. نظراته سحر بليل
أتقول عاجله الافول ؟ .. فكيف أشعله الافول ؟
فعلى الجبال من اسمه .. شعل مجنّحة تجول
وصدى تعنقده الربى .. وهوى تسنبله الحقول
وبكل مرمى ناظر .. من لمحه صحو غسيل
كيف انتهى ولخطوه .. في كل ثانيه هديل
هو في النهار الذكريات .. وفي الدجى الحلم الكحيل
وهنا ضحى من جرحه .. وهناك من دمه أصيل
غرب الشهيد وبينه .. والمنتهى الموعود "ميل"
من ذا يكر إلى مداه؟ .. وقد خلا منه السبيل
فليبتهج دمه إلى .. أبعاد غايته وصول
أو ما رأى الشهداء كيف.. اخضوضرت بهم الفصول
فرشوا "السعيدة " بالربيع .. ليهنأ الصيف البذول
ومضوا لوجهتهم ويبقى الخصب ان مضت السيول

زر الذهاب إلى الأعلى