آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

الحوثي في العاصمة.. وبنفس منطق الحرب وأدواتها!

خمسون عاماً والأنظمة "الثورجية" المزيفة تجعجع بالشعارات ضد العدو الصهيوني وراعي البقر الأمريكي، وفي نهاية القصة الطويلة الدامية تكشف لنا أنهم عملاء لأمريكا حكموا شعوبهم بالحديد والنار والشعارات الجوفاء تجاه الخارج ومصادرة الحقوق والحريات وإهدار حياة البشر في الداخل.

ولم يكن القذافي هو النموذج الوحيد، ولكنه الأكثر صخباً وضجيجاً في هذا الوادي، بينما اكتفى نظراؤه بمستوى أقل من الضجيج يكفي لاستثمار العنوان القومي كأحد متطلبات تضليل الداخل وتسويق النظام، فيما يقايضون أمريكا وإسرائيل في الغرف المغلقة بالمصلحة الوطنية والقومية وكل شيء مقابل دعمهم للبقاء في السلطة وتوريثها.

الآن وفي لحظة انتفاضة الشعوب العربية وقيامتها الكبرى من أجل الحرية والكرامة واستعادة الدولة العربية المختطفة ، يقفز لنا المذهبيون العنصريون ليزايدوا بشعارات الموت لأمريكا وإسرائيل كطريق عبور جديد لكبح جماح الشارع العربي الثائر، وممر آمن لإعادة الإمامة الغابرة إلى سدة الحكم بعد أن تهاوت الإمامة الجمهورية تحت صرخات شباب الثورة الشعبية السلمية.

في العراق تسربلت إيران بشعارات العداء لأمريكا، وتحالفت معها في الغرف الخلفية لذبح العراق وشعبه من الوريد إلى الوريد بالاحتلال الأمريكي والتشظيات المذهبية والحكم الطائفي التابع لطهران وواشنطن، العاصمتين المتناقضتين، من طريق واحد .
في صنعاء سيواجه الحوثي اليمن كلها بتعبير نائف حسان.

فالشاب عبدالملك وتياره لم يقدموا أنفسهم حتى الآن خارج إطار السلاح والتعبئة المذهبية المقترنة بالشعار كأحد لزوميات التخفي لتيار لم يفصح عن أهدافه ورؤيته السياسية حتى الآن.

اعترفت الدولة والأحزاب وجميع القوى بالتيار الحوثي في محاولة لمساعدته في الخروج من ثنائية السلاح كأداة حضور، والتعالي على الحياة السياسية واستحقاقات الدخول إلى باحتها من خلال الهروب إلى دمج نفسه بالشعار العمومي والإحجام عن تقييد نفسه بتأسيس حزب وبلورة برنامج سياسي يميزه عن بقية القوى
وفي هذا السياق جاءت خطوات متعددة لعل أهمها اختيار ممثلين عنه في لجنة الحوار الوطني، فضلاً عن عدد آخر ممن يعتقد أنهم موالون له أو قريبون منه، ولا ضير في ذلك، فقط ليفصحوا عن رؤية وبرنامج وحزب، ويعرضوا أنفسهم على اليمن من أقصاها إلى أقصاها ويقدموا أنفسهم لكل مواطنيها دونما فرز أو تصنيف، ودونما هروب من تأسيس حزب والإقرار بالعمل السياسي السلمي كأداة وحيدة للنشاط.

ومع ذلك يبدو أن الجميع يذهبون للاعتراف بالحوثي وتياره فيما هو يرفض الاعتراف بنفسه كجماعة سياسية.

الجميع يذهبون للمضي في خطوات وإجراءات تتجاوز منطق الحرب والمواجهة والعنف والتعبئة عليه، فيما الحوثي وتياره يصر على التمترس بأدواته ومنطقه وطرائقه أثناء حروب صعده، فالسلاح الذي برره آنذاك بالدفاع عن النفس، استمر كأداة أساسية في التوسع إلى محافظات حجة والجوف وعمران وحتى تعز، ولم يستطع أن يقدم نفسه في هذه المحافظات وغيرها عن طريق وسائل العمل السياسي السلمي.

وطالما وملامح حضور الحوثي خارج صعده قد تبدت طوال الأشهر الماضية على شكل معارك مسلحة في الجوف وحجة وعمران، وتوتر وتوزيع أسلحة في تعز وإحياء الانتماءات العرقية والسلالة كمدخل أساسي للاستقطاب والتعبئة، والتماهي مع الدور الإيراني وأجندته ؛ طالما والمؤشرات كذلك فلن يكون حضور الحوثي في العاصمة مخالفاً لهذه المؤشرات، حتى وان بدأ على شكل شعارات ولافتات من هناك، من أمريكا واليهود وإسرائيل.

فهل يسمح أبناء صنعاء القديمة أن يكونوا منطلقاً لهذا الفرز الذي يجهد التيار الحوثي لإنجازه في العاصمة، بالتوازي مع مشروعهم التوسعي للدخول إلى محافظات حجة وعمران والجوف عبر السلاح والشعار المزيف والاجندة المذهبية الطائفية، وليس عبر العمل السياسي السلمي والرؤية البرامجية ووسائل النضال السلمي المدني !

زر الذهاب إلى الأعلى