بعض محترفي الكتابة في اليمن وفي غيرها- وهُم كوكبة كبيرة- يلتقطون الأفكار وهم يغمضون إحدى عيونهم، ويصمّون إحدى آذانهم، أما أنوفهم فمعطلة الإحساس، ثم يعبّرون عن تلك الأفكار الناقصة بلسان أغرب أو غريب أو مغرَّب؛ فكأنه ليس بعربي، ولا هو بأعجمي، فأنّى يُقبل منهم ذلك، وأنى يرتجى منهم النفع والجدوى؟!!
حسنا.. إن هذا ليس القصد كله، فلو حاولتَ -لمجرد المحاولة- أنت، أو أنا، أو غيرنا، أن ننتقدهم؛ أفكارهم وآراءهم، يحملون عليك حملة الهكسوس، ولكن بسلاحهم الأعرج؛ لغتهم التخوينية، وأسلوبهم المستعار من أسواق النخاسة المندثرة؛ فلا كلمة بلهاء، ولا مقالة سمجاء إلا ناوشوك بها، باللمز وبالإشارة، وبالتصريح، هم وفيالق حشودهم المأجورة.
نحن ننقدكم لأنكم مثلنا؛ بشر، إنسانيون، وما أقبح نسيانكم لا ما أملحه؛ باعتباركم الصفوة!! لكن ذلك إرادة الحق سبحانه، جعلكم تخطئون وتصيبون، وتنقدون، وتُرصد أقوالكم التي تثير الجدل وردود الأفعال، وتنتصب أمامها علائم الاستفهام والاستغراب، ولذلك؛ لستم فوق النقد أبدا، ولن تغرينا حروفكم البراقة، وكلماتكم المعسولة التي في ثناياها يتخفى السم الزعاف.
إنها مسئولية الكلمة والقكر، وسنتربص ما دمتم تتربصون..!! لن ندعكم تسمموا أفكارنا، ولن ندعكم تغتالون أفكارنا، ولن ندعكم تزيفون الوعي في أدمغة أبنائنا، ولن ندعكم تلبسون الحق بالباطل، وسنقول الحق جهرة، وأنتم لستم فوق النقد.
إن الأقدار التي ألقت بكم إلى سَدّة المنابر؛ كل المنابر، هي محنة امتحنكم الله بها، وأي امتحان وأي ابتلاء هذا وأنتم تحرزون فيه أصفارا في المحصلة؟!! لن يرحمكم التاريخ إن خنتم مواثق تلك المنابر، ونبذتم قواعد القول فيها، وأنتم تلهجون فيها بكل قول مدمر، ورأي عقيم، وأفكار عُرج.