آه، ليس هناك أسوأ من شتيمة الأزواج المطلقين، يعرفون تفاصيل بعضهم وفضائح سنوات «العشرة» الطويلة، ولا يستطيع أحد خارج البيت أن ينفيها أو يؤكدها، بل لا أحد يريد التدخل فيها.
النظام السوري شريك شرير، ليس مثل الأردني يمكن طلاقه بإحسان، ولا مثل السلطة الفلسطينية. خالد مشعل طليق سوريا هو رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يعني رئيس الحركة. عاش في كنف دمشق أكثر من عشر سنوات وهنا تعيره دمشق الأسد بأنه ناكر للجميل لأنه انتقد جرائمها في مؤتمر الحزب الحاكم في تركيا.
مشعل معروف بأنه ناكر للمعروف، في معظم سني عمله، لكنه هذه المرة محق في موقفه ضد النظام السوري بعد الجرائم المروعة التي يرتكبها منذ أكثر من عام.
المضحك جدا أن سوريا وصفت ب«الطبالة» الثلاثي مشعل، والرئيسي المصري محمد مرسي، ورئيس وزراء تركيا أردوغان، وكل الثلاثة كانوا حلفاء دمشق المخلصين قبل الثورة. في السياسة يلتقي الساسة ويختلفون، الفارق أن نظاما بشعا مثل الأسد لا يطيق أن يخالفه أحد ممن يعتبر أن له فضلا عليهم، أو شاركوه حقبة من تاريخه.
إن كان هناك فضل على مشعل فهو للأردنيين الذين هبوا لإنقاذ حياته دون مقابل، عندما قام عملاء الموساد بحقنه بسم كاد أن يموت بسببه، لولا أن الملك استنجد بالرئيس الأميركي حينها بيل كلينتون وطلب التدخل، وبعدها أرغمت إسرائيل تقديم الترياق وشفي مشعل. ورغم أن مواقف مشعل لم تكن ودية تجاه الأردن في السنين اللاحقة، خاصة أن مكتبه في دمشق كان ملحقا بالخارجية السورية التي ناصبت العداء للأردن والسلطة الفلسطينية.
لا شك أن نظامي سوريا وإيران استغلا مشعل وقيادات حماس أبشع استغلال لسنين طويلة ضد السلطة الفلسطينية، ولم يكونوا يقدمون الدعم واللجوء لوجه الله تع إلى أو حبا في القضية الفلسطينية. نحن نعرف صعوبة وضع المقاومين الفلسطينيين، خاصة عندما رهنوا أنفسهم لأنظمة عربية. لم يخف على مشعل وغيره سوء النظام السوري وإجرامه وتزوير دعوى المقاومة، التي كانت وسيلة لاستغلال قضية شعب سرقت أرضه، وحتى حرب عام 2006 مع حزب الله لم تكن إلا واحدة من المسرحيات الوطنية القومية الإسلامية التي انخرط البعض في تمثيلها ضمن صراع لا علاقة له بالأراضي اللبنانية أو الفلسطينية المحتلة. مشعل كان يعلم الحقيقة ونعرف أنه كان مضطرا للسير في ركاب دمشق لكنه كان مثل ركوب ظهر العقرب لعبور النهر، وها هي العقرب الأسدية تلدغه.
هاجمه تلفزيون الأسد، ورفيقيه مرسي وأردوغان، قائلا: «بالمناسبة، فطالما أنت في حالة عاطفية رومانسية على ما تسميه عذابات الشعب السوري يا مشعل، فلماذا لم تتفتق عاطفتك على شعب فلسطين؟.. فلن نسألك عن الشعب الفلسطيني المظلوم في الأراضي المحتلة عام 1948 ولا عن القدس التي تناسيتموها.. أنتم ثلاثي الهراء، ولا عن الضفة.. بل نسألك عن عذابات أهلنا المحاصرين في غزة.. كيف تسكت عن مواصلة الحصار من الجهة المصرية وقد صار إخوانك في الحكم؟ وكيف ترضى وتتعاون على ضرب أنفاق الحرية والحياة كما كنت تسميها؟»
خطاب الكراهية السوري يفوح بالغضب تجاه مشعل ومرسي أكثر من أي خصم آخر للأسد، لأنه يرى أن التحاق مشعل ومرسي تحديدا بقافلة الأعداء الناقدين للنظام السوري أخيرا معناها فعلا أن السفينة تغرق.
لقد فقد الأسد آخر حلفائه العرب، ولم يبق له سوى حسن نصر الله الذي يشيع كل أسبوع المزيد من «شهدائه» الذين سقطوا دفاعا عن نظام الأسد وشاركوا في قتل الشعب السوري. بعد مشعل لم يبق للأسد نصير.
لسان الأسد، عبر المذيعة السورية، قال: «أما وقد غادرتم المقاومة فلك بشارتان غير البشارة التي تظن.. بشارة أن سوريا فرحت بمغادرة من باع المقاومة بالسلطة، وبشارة أن من جعل لكم مكانة عند شعب فلسطين كان خياركم المقاوم وليس هويتكم الإخوانية، وستكتشفون يوما أن من ينام بين المقابر سيرى المنامات الموحشة».
الحقيقة أن الذي يرى المنامات الموحشة ليس مشعل ولا مرسي بل الأسد نفسه!