[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

تعز والحوثي.. شقاة الشاقي

لأولئك الذين يعتقدون أن تعز ستكون مهبط الرسالة الحوثية، نريد القول إن تعز هي مهبط الأفكار لامهبط الحروب، والشخصية التعزية تلفظ من الغث سريعاً، لتتأملوا فقط في الدوائر الانتخابية منذ العام 1993، ستجدون أن غالبية دوائر تعز تم تداولها بين كثير من القوى السياسية لأن الركود ليس من صفات شخصية الإنسان في هذه المحافظة العظيمة. وحده سلطان العتواني من استطاع الصمود في دائرته لأن الرجل صادق وبسيط ويحب الناس كما أحبوه، ومثله عبدالوهاب محمود، وهما لا يوزعان الأموال ولا الكلام.. فقط يحاولان أن يكونا رائدين في أهلهما.

المصيبة أن حوثيي تعز هم من اليساريين المتطرفين الذين لايعترفون أساساً بوجود البيت، فما بالك بالذين يدعون أنهم من آل البيت.. الذين يدعون أنهم يحاربون الملكية والسعودية وهذه الأفكار وهم يدركون أن الحوثي أصبحت جماعته مسماة باسمه وتوارث عبدالملك الأمر عن أبيه بعد أن قتل هو وشقيقه حسين.

في معرض الكتاب بصنعاء تتجلى علامات الملكية بكامل تفاصيلها حيث تم افتتاح جناح خاص بملازم حسين الحوثي وصوره مع صور خليفته عبدالملك ووالدهما العلامة الصريع. تساءلت فقط إن هؤلاء تم تعبئتنا على أنهم كانوا قتلة ومجرمين ولازلت مقتنعاً بتلك التعبئة، بينما يحتفى بهم هنا ويفسح لملازمهم الطريق في حين كانت ذات يوم من (المنشورات السرية) التي أعلن رشاد العليمي العثور عليها. للتذكر فقط نريد الذهاب بعيداً إلى الحرب الأولى التي فجرها حسين الحوثي في 2004 بعد أن بدأ بقتل عدد من الجنود في نقطة عسكرية وعلى إثر ذلك انفجر الوضع وأصبح مطلوباً بتهمة القتل في بادئ الأمر..

كان حينها عبدالملك الحوثي يستنكر مايقوم به شقيقه، ثم فعل الأب مثل ذلك.. لكن الأمر انقلب وبدأ الأب الذي كان علامة دين لايشق له غبار وتحول من عالم دين إلى عالم قتل. يذكرني انقلاب بدر الدين الحوثي بالتمرد الذي قاده الزعيم القبلي (شقنا بن عبدالواحد) في الأندلس ضد عبدالرحمن الداخل (صقر قريش)، حتى أنه غير اسمه وأتى بشجرة نسب تصله بأسرة النبي (صلى الله عليه وسلم).. وحين أراد عبدالرحمن الداخل أن يخضعه أخذ والده الذي قال للناس إنه شخص عادي ومن شمال المغرب، فذهب مع الداخل ليقول للناس أن ابنه اسمه شقنا وليس عبدالله كما ادعى، وحين وصل إلى حيث يقيم ابنه في أحد الجبال ورأى الناس مجتمعين حوله نسي نفسه وأعلن أن ابنه سليل الرسول، وكانت نهايته أن قطع رأسه أمام ابنه ثم لحق الأمر بابنه وقتل أيضاً. الحوثي الأب نسي نفسه وعلمه وقتل، أما الشاقي الصغير فقد أعجبه الأمر وتسلم الراية بطريقة ملكية ليقاتل عن دولة أبيه المرجوة بأموال إيران والمساكين من مزارعي صعدة، لكنهم هذه المرة يريدون الانتقام من تعز لأنها سيدة مدن الثورات والتحرر من ربقة العبودية لأي عمامة أو قبعة. حين أتخيل (جيفارات) تعز وهم يؤدون طقوس الولاء لشاب لايجد مايشبع به رغبة أنصاره سوى تقليد خطابات حسن نصر الله، أشعر بنوبة ضحك تنتابني.

وحين أتخيل صحفياً محسوباً على الفكر الليبرالي وهو يصرخ بالموت لأمريكا وهو يعرف أن أمريكا لن تموت وقد زارها وعرف وتأكد أن مران لن تهزمها!!.

فكر البيع والشراء لايصمد في تعز أو غيرها، وفكر الحوثي ليس له من كل هذا شيء، لأنه قائم ببساطة على كيف نعيش بقتل الآخر، أو بجني الأموال بحجة أننا سنحاول قتل أمريكا، وأمريكا لم تمت يوماً لأنها لم تبن كل عزها على مراهقات دينية تجارية ولم يتوارث فيها لينكولن ملازم وصور جورج واشنطن، ولم يعلن فيها روزفلت الموت لروسيا واللعنة على مران لست قلقاً على تعز، مهما غرفت إيران من أموال، فتعز هي ساحة للصراع السياسي وليس الديني، يتغلب فيها من يصل إلى الناس بصدق، ووصل قديماً سلطان السامعي إلى الناس حين كان صادقاً مع تعز وقبل أن تنكشف أوراقه، ووصل الناصري والبعثي والإصلاحي والاشتراكي ممن كان لهم قوة الحجة السياسية لأنك تتحدث عن مجتمع يقرأ ويفهم كثيراً.

في الأخير مازال مراهقو السياسة لايفهمون أن الناس لايشترون بملازم الدين وسب عائشة وتقديس السيد، وأخذ الزكاة من المزارعين البسطاء. الناس بحاجة لمحطة كهرباء ومستشفيات للسرطان والكلى وحملات للقضاء على الملاريا وحمى الضنك وكيس قمح ودبة غاز، وهذه الأشياء لم ولن تفعلها إيران لأن إيران لاتنتجها، وهي مشغولة بإنتاج الجماعات المسلحة في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها. وأقول لشقاة الشاقي في تعز إن سيدكم الملك الصغير، لم يتنازل لكم حتى عن موقع مذيع في قناته التلفزيونية ويكعفكم لهجته وأسلوبه وستبقون مجرد شقاة لشاقي، فانعموا بأمواله وأنا واثق من أن بشرى المقطري لن تصرخ (الموت لأمريكا)، لأنها تدرك أن الحرب الباردة والساخنة انتهت بين القطبين، وبقيت الحرب بين الحوثيين ونساء حجة وأطفالها فقط. فلتحبوا تعز كما أحبها الذين من قبلكم، ولاتنسوا أنكم كنتم بالأمس تستنكرون إدخال السلاح والحرب في شوارع المدينة، واليوم صرتم أنتم من يوزعون السلاح والفتنة معاً. فلتحذروا !!

زر الذهاب إلى الأعلى