[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

محمد أحمد منصور وثنائية التناقض (بين الشيخ والشاعر)

وقع بيدي سفر كبير عبارة عن الاعمال الكاملة للشاعر محمد أحمد منصور في طبعته الخامسة فإذا به كتاب رائع وديوان ماتع بما إحتواه من قصائد شعريه في اغلب ابوب الشعر واغراضه ,عندما تتجول وتتصفح قارئا هذا السفر الجميل.

كأنك بشاعر يطل برأسه من شعراء العربية الكبار لفصاحته وقوة تعبيره, الذين بقصائدهم سارت الركبان , وغدت الحكمة والامثال باركة في فناء رحالهم , وكأن هذا الشاعر أتى من بعيد عبر خلجات الزمن وادوار التاريخ , عائدا الينا الذائقة الشعرية المفقودة والمؤدة في زمان لا شعر ولا شعور- الا في بعض القصائد والشطحات –وبعض الاعتقادات الخاطئة , رغم كثرة الإصدارات والانتاجات المطبعية هنا وهناك الا اني اخرجت بعد قراءتي للأعمال الكاملة لهذا الشاعر ببعض التناقضات التي جعلت من شاعرنا وكأنه يرد على نفسه بنفسه, وذلك لتباين المواقف وتناقضها , نتيجة لتسارع الاحداث وتلاحقها , وتعارض للأفكار والموضوعات الشعرية , وثنائية أخرى هي حجر الزاوية في مقالنا هذا , بين الشاعر ومسيرته الحياتية والذاتية كونه من الشخصيات الاجتماعية الفاعلة والتي اثارت جدلا واسعا في وسائل الاعلام المختلفة ولو كان هذا الجدل سلبيا , وهو شيخا في محلته وقريته ثارت حوله عدة تساؤلات في الفترة الاخيرة , سمع بها القاصي والداني , وحتى لا نحرق تلك المفاجأة عند كثير من الاخوة القراء نرجئ التعريف بهذه الشخصية الجدلية إلى نهاية المقال والان إلى أولى هذه التناقضات الشعرية: يقول في قصيدة ( ياعيدنا الغالي) المؤرخة 22/5/91م عن الأخ علي سالم البيض "القائد الوحدوي الصادق":
سلِّم على "البيض" الذي ما برأيه * تعثر يوماً في الخطوب ولا كبا

ثم يقول بعد تاريخ 94م في قصيدة (النصر الأكبر):
ماذا يريد دعاة الانفصال وقد * توحَّد الشعبُ وأشتدَّت يدٌ ويد
أتوا وليس لهم في أرضنا وطنٌ * كلا وليس لهم أهل ولا ولد
مُذ أعلن "البيض" حرباً ضد وحدتنا *حمراء فاسوَّد منه وجهه النكد

ويقول في قصيدة(سقط العند ):
يا بئس فكرة مجرمٍ *صاغت قرار الانفصال

ويقول في موضوع شعري آخر كما في قصيدة ( أحداث الشرق):
رب أنت الملاذ حقا فلا تفزع * إلا إلى حماك القلوب
وإذا ما استبد في الناس طاغ * فاليك التجاؤهم والهروب
كل أمرٍ يخالف الشرع كفرٌ * صارح تستفز منه القلوب
كل أمرٍ يخالف الشرع ظلمٌ * وضلالٌ عن الهُدّى ونكوب

قلت وما أكثر تلك المخالفات والضلالات والنكوب عن الحق والهدي في الاعمال الكاملة لهذا الشاعر , قال في (نجمة العشرين ) المؤرخة 2/9/92م:
صليتُ للحسن الجميل تعبّداً * وجعلت وجهك في الهوى محرابي
فأطلَّ من نهديه ساعة مصرعي *ملكان قد قاما إلى استجوابي
سألا وما ديني ...أجبتهما الهوى* والسحر منه لغة الغرام كتابي
وأخذت من راد الجبين عقيدتي * والثغر فيه جنتي وشرابي

إلى ان قال :
أنا إن ذكرت هواك يامعبودتي * عادت إليِّ طفولتي وشبابي

ويقول في ضلالة أخرى( عيد وربيع ) المؤرخة 5/3 /87م:
ونهوداً إذا التمسن اضاءت* كالتماس التيار في المصباح
صعق القلب مذ راك كموسى * بهرته الآيات في الالواح
عبدتك القلوب دون اناجيل بها *يهتدي ولا اصحاح

إلى ان قال :
قيل لثم الثغور اضحى حراما * قلت ولكن من الحرام المباح

قلت هذا جهل مركب من شاعرنا فكيف يكون الحرام مباحا .

ويقول في ضلالة أخرى من تلكم الضلالات في قصيدة (سحرٌ وسحر):
ما كان غير اله الحبَّ يحرسني *من الأحبَّة ان صدّوا وان هجروا
الحب ان ملك الاحساس * فلا قضاءٌ سينهيه ولا قدر
وحجَّ قلبي إليك اليوم منفرداً *فما نظرت لمن حجُّوا أو اعتمروا
يا كعبة الحسن ان حج الفؤاد بها * فليس في حسنها ركن ولا حجر

ويقول في قصيدة (الحجاب) وهو يدعو إلى التبرج والسفور :
وغادة سألتني وهي عابرة * هل في الحجاب وجدت الظرف والأدبا
فقلت كيف لبنت الشرق إن طلعت * تخفي الضياء ومنه النور قد وثبا
تبرجي إن هذي الشمس سافرة* ولم تتخذ في السماء سترا ولا حجبا

ويقول في موضوع تحرير المرأة المؤرخ 7/9/2009م
عقول النساء تفوق الرجال * ولكن حكم القضاء والقدر

وهذا فيه محادَّة لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم –القائل: ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن ...)). أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . وغيرها من الاحاديث النبوية في هذا الخصوص.
ويقول في الحكام والقادة والمشايخ مستنكرا تعجرفهم وظلمهم لمن هم تحت ايديهم وسلطانهم .
وقادة قد أحالوا الارض مجزرة * ترى على سطحها الاشلاء تنتشر
كأنهم خلقوا للشر وارتضعوا * من ثديه وعلى اخلاقه فطروا
يرمون في السجن قوما لا ذنوب لهم *ولم يدانوا بما غلوا وما فجروا
بالأمس شهدت مآساة ويشهدها * معي هنالك سمع الدين والبصر
رأيت في أم عيني حاكما هرما * يتقادُ للسجن شيخا لفه الكبر
ألقاه في ظلمات السجن منتصرا* للظلم يا ويح هذا الحاكم الأشر

قلت كيف يكون هذا الشعور النبيل مزيفا وهذا الشيخ قد شرد أهل محلته وفعل بهم الأفاعيل ,يكون عندما يكون الشعر خاليا من الصدق وعاريا عن المصداقية , عبارة عن شعر سمر لتقضيت الوقت واهدار الزمان وتضليل البسطاء .
يقول كذلك في قصيدة أخرى مؤرخة 7/5/78م:
ماعلمنا أن تاريخا روى *عن أخٍ يقتل في الساح أخاه

أقول واهل الطفل القتيل الذي قتل على يدي مرافقي الشيخ يستغيثون ويتظاهرون يوميا في مدينة القاعدة ولم يتفهم أحد لقضيتهم ولم ينصفهم من هذا الشيخ المتغطرس و إلى الله المشتكى .

وتراه يتباكى في قصيده مأساة الجنوب المؤرخة 10/7/70م
قائلا :
وإذا انا الشريد فلا كوخ* أواري به شقائي وبؤسي
نا أرضي هنا فما باله ينكر* حقي بها ويجحد غرسي
كل دار احق بالأهل إلا * في خبيث من المذاهب رجس

قلت فكيف بأهل قريته المشردين قسرا منذ حوالي العام ويعلم بمأساتهم العام والخاص إنه الدجل في ابهى صوره والتزوير للشعور وادعاء الوداعة والسلام وترى في هذا الصدد يسأل عن عدالة الله اين هي من كل ذلك قائلا:
يسأل الله عن عدالته اين *وهل أبحرت وايان ترسي

نقول ان الله هو الحكم العدل واليه تجتمع الخصوم وعدالته قريبة ان شاء الله ولكن لها وقت واوان لم يأتي بعد .

ويقول في موضوع اخر عن الجمال في الحج:
يقبل الله دعوة الحب إن * ناداه ثغر حلو وقلب نظيف
أفضل الحج إن تجمع فيه * أغيد فاتن ورب رؤوف

مع أن الرسول الاكرم يقول أفضل الحج ((العج والثج)) وليس مثل ما يقول هذا الشاعر من الترهات , وحتى لا يطول بنا المقام في عرض التناقضات واستعراضها والرد عليها كان لزاما علينا ووفاءً لما قدمناه من إرجاء التعريف بهذا الشاعر عند النهاية والختام هذا الشاعر هو الشيخ / محمد أحمد منصور شيخ الجعاشن المعروف بكثرة مشاكله ومشاكسته , والمجهول شعريا عند الكثير من القراء في محلته وقريته فضلا عن غيرهم وما هذه الا بعض الاختيارات وحريا بالأدباء والشعراء والعلماء الوقوف عندها لتمييز الخبيث من الطيب والغث من السمين والرد على بعض الضلالات وتصحيح بعض المفاهيم والاعتقادات وهذا من الجهاد بالكلمة ويكفينا في هذا المقال اثارتنا للموضوع لاستثارة المهتمين الاكفاء , وقديما قيل اختيار المرء قطعه من عقله.

زر الذهاب إلى الأعلى