ما أعلنت عنه «يديعوت أحرونوت» أول من أمس ثم أكدته الخارجية الإسرائيلية عن حدوث مفاوضات سرية بين تل أبيب ودمشق خلال الشهور الماضية بهدف التوصل لاتفاق سلام سوري - إسرائيلي، أمر يدعو للتأمل العميق.
جميعنا يعلم أن هناك قناة اتصال خلفية تتم منذ الاحتلال السوري للبنان بين دمشق وتل أبيب على مستوى الاستخبارات العسكرية بين البلدين.
هذه القناة السرية تعمل بكفاءة وانتظام بصرف النظر عن طبيعة العلاقات أو اللاعلاقات العلنية أو مستويات التوتر بين سوريا وإسرائيل. وقد أثبتت هذه القناة أنها «ذات كفاءة وأهمية قصوى للأمن بين الطرفين». وتعززت هذه «القناة» في دورها أثناء وجود لجان عسكرية تفاوضية في ماراثون التفاوض السوري - الإسرائيلي الذي تم في واشنطن برعاية أميركية في عهد الرئيس بيل كلينتون، وكان يقود فريق التفاوض السوري فاروق الشرع نائب رئيس الجمهورية، ووزير الخارجية حينئذ.
وكشفت المصادر الإسرائيلية أول من أمس عن أن هدف هذه المفاوضات مع سوريا هو البحث عن إمكانية لشق الصف بين سوريا من ناحية، وإيران وحزب الله من ناحية أخرى، أو أن هذه المفاوضات تمت برعاية من وزارة الخارجية الأميركية.
وفي رأيي، فإن هذه المفاوضات التي لا يحتاج أحد إلى أن يكون عبقريا كي يكتشف أنها ستفشل من اللحظة الأولى، كانت تهدف إلى «تعويم» أو «تنشيط» النظام الأسدي في أزمته.
وفي رأيي، فإن تل أبيب وواشنطن اكتشفتا بعد قليل أن ارتباطات بشار الأسد الشخصية والنفسية والأمنية بالنظام الإيراني أقوى من أي «مداعبة سياسية مع واشنطن أو أي غزل أمني مع تل أبيب».
حدثت تلك المفاوضات في وقت تشكل فيه ثورات الربيع العربي عبئا على واشنطن بعدما كانت حلم الأحلام لصانع القرار الأميركي. وتمت هذه الاتصالات السرية في وقت يعد فيه إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي خطته التي يعكف على تدعيمها، وهي فصل غزة عن الضفة، ثم فصل الضفة عن الدولة العبرية خوفا من مشروع يتم الإعداد له دوليا في الغرف المغلقة مؤداه أنه إذا فشلت فكرة الدولتين، فمن الممكن تسويق فكرة أن تكون هناك دولة واحدة تحتوي القوميات الإسرائيلية والعربية من يهود ومسلمين ومسيحيين ودروز.
هنا يبقى السؤال: إذا كانت كل مشاريع واشنطن الإقليمية تعاني من الفشل المتكرر، فمن سوف يدفع ثمن هذا الفشل؟