أرشيف الرأي

ما الذي تغيَّر في الحوثي؟

فرق كبير بين ردود الحوثي في 2004 وما بعدها وبين ردوده أثناء الثورة وما بعد الثورة، خاصة آخر رد له على اتهامات وجهت له بانتهاكات لحقوق الإنسان من قبل منظمة وثاق بين 2004 بداية الحرب في صعدة وحتى 2011.

في 2009 رد الحوثي على المرصد اليمني لحقوق الإنسان بطريقة أستطيع أن أصفها بالمحترمة بعد أن طالبته بمراعاة مبادئ حقوق الإنسان في معاملة أسرى من الجنود كانوا لديه، اتضح منها صدقه وامتلاكه الحجة، وهو ما حقق به نجاحاً وقتها.

كما رد يحيى الحوثي على مقال لمهدي الهجر في موقع «مأرب برس» ورغم الألم الواضح في مقالته التي قال فيها: «نشد على أيدي المعارضة ونؤمل فيها الخير، ونرى أنها بدأت تعمل بجد، وندعوها إلى اتخاذ موقف واضح من العملاء، والتدخلات الخارجية»، وختم مقاله المنشور أثناء الانتخابات الرئاسية 2006 ودافع فيه عن عدم قدرة صعدة بوضعها على المشاركة في الانتخابات: «هذا وليتقبل الأخ الرئيس فيصل بن شملان، والإخوة المترشحون خالص تقديري وتحياتي، وتمنياتنا لهم بالتوفيق».

كما كان رد عبدالملك الحوثي في 2009 على اتهامات حميد الأحمر للحوثي بغموض الحرب وأن صعدة خارج سيطرة الدولة، على قناة الجزيرة، وكان رداً ينفي اتهامات الأحمر ويتكئ على الحجة أيضاً، وضمن البيان يقول الحوثي: «التي يتحدث عنها ليس من أجل الوصول إلى حل وإنما لحسابات وغايات أخرى على حساب آهات وأنين الشعب كما تعودنا منهم وتعود الشعب اليمني المظلوم عبر تاريخهم».. يتضح أن حدة البيانات وصوتها المرتفع تصاعدت في 2010 لظروف ربما تكون مقدرة وقتها لا مجال لذكرها الآن، فيما نحن نتفق على ظلم تلك الحرب وعدم تكافؤها، مع الأخذ بالاعتبار أن حمل السلاح ضد دولة يؤدي إلى مآسي وآثار لا يحمد عقباها، وأن الطرق المدنية أنجع من الطرق المسلحة وأسرع تأثيراً، ثم تصاعدت بعدوانية أثناء الثورة وبعد الثورة فأصبحت ردوداً تحمل في طياتها المزيد من التأجيج ضد الجميع، ففي آخر لقاء للحوثي بمشائخ خولان اتهم الجميع بالعمالة.

ونعود لتقرير وثاق حول انتهاكات لحقوق الإنسان في صعدة في الحروب الستة منذ 2004، ونشرت تفاصيله صحيفة «الجمهورية» والذي نقل إحصاءات لانتهاكات تصل إلى حد التطهير العرقي، وضمن ما ذكره التقرير أنه خلال العام الماضي 2011 - أي في عام لم يكن فيه حرب - قامت جماعة الحوثي بإعدام 124 شخصاً - في مديرية كشر محافظة حجة، وهؤلاء لم يقتلوا في ظروف الحرب إنما تم تصفيتهم بشكل أشبه بالعرقي. ويضيف: «تم تهجير ما يقارب 5300 شخص من منازلهم، وتم الاستيلاء على مزارعهم وكل أملاكهم، في محافظ حجة (124) جريمة قتل في صفوف المدنيين على أيدي جماعة الحوثي, وتتنوع الانتهاكات بين حالات القتل، الإصابات، الاختطاف، التعذيب، الإخفاء القسري، التهجير القسري، تدمير المنازل واحتلالها، تفجير السيارات ونهبها».

أما ردود الحوثي التي تتصاعد أكثر وأكثر، منها على هذا التقرير، حيث ظللت بعدها انتظر الرد الموثق الذي ينفي هذه الاتهامات الفضيعة، لكن ما حدث لم يكن مسؤولاً وبمستوى الاتهامات مهما كانت ومن أي طرف، من ناحية لم يعر الحوثي التقرير حتى اليوم اهتماماً حتى اليوم، لكن موقع «أنصار الله» نشر مقالاً أشبه بالبيانات الأمنية التي لا تحمل حجة بل اتهامات ولغة أقرب ما تكون إلى السب والشتائم والصراخ، ولم يكن مضطراً لكشف معلومات في 14 نقطة عن تحركات المنظمة فهي لا تعمل بشكل سري، كما إنه يقول إنه يحتفظ بأسماء العاملين فيها، فيما أسماء أغلبهم مسجلة بداية التقرير.

وصف المقال القائمين على التقرير بالعملاء والضحايا الذين أوردهم بمجرمي الحرب الذين قاتلوا بصف النظام السابق ضد أبناء صعدة والمحافظات الشمالية، وعن البيوت التي اتهم بتدميرها، قال المقال: إن المعتدين يتمترسون داخلها ويقتلون الأبرياء.

ما أخشاه أننا نواصل المشاركة في الصمت ضد الاعتداء على أي يمني من أي طرف، وأخشى على الأطراف التي تحمل سلاحاً أن تتوحَّش وتتصاعد حدة زهوها بنفسها إلى مآس جديدة هي أول من سيتضرر منها. يحسب للتقرير أنه يضعنا على أول الطريق الصحيح، وهي الطرق المدنية في التعبير عن تضررنا من الآخر، ثمة قانون ومؤسسات دولة يجب اللجوء إليها وإن طال طلبنا للحق، بعيداً عن انتهاك حق الحياة، وبعيداً عن التعامل وكأننا في غابة، وبعيداً عن التحريض الذي ألحظه في أكثر من طرف، وأية طريقة متخلفة لن تكتسب شرعية بعد الآن، كما لم تكتسب أية صراعات سابقة شرعية.

أطراف وأطراف
كأنهم لا يجيدون إلا الحرب لا عدالة في الحرب بين طرفين يمنيين. الضحايا لن يكونوا هم بل حوالي 12 مليون جائع، وبلد مثقل وضعه متدهور من ناحية اجتماعية واقتصادية، أي حرب ستكون السهم الأشد إيلاماً في قلب كل يمني أحس بالأمل بعد الثورة، والسكوت عمّن يدفع باتجاهها من أي طرف عارٌ، نحن نعرف لماذا سابقاً كبرت قضايانا التي بدأت صغيرة، ببساطة لأننا صمتنا‏.

زر الذهاب إلى الأعلى