تأملوا جيدا في اعتراض المعارضة الكويتية: إنها ترفض، بالقوة والنزول إلى الشارع، قانون الدوائر الانتخابية، لأنه يمكن أن يؤدي إلى فوز الموالين. أليس من أبسط حقوق الحكومة أن تضع قانونا يضمن لمؤيديها الفوز، بالاقتراع وليس بالعصي والشتائم والسباب والغطرسة وتعطيل الحياة الدستورية والسياسية والاقتصادية؟
لم تستغل حياة الحرية والبرلمان في لؤم كما حدث في الكويت. فالحرية التي تمتع بها البرلمانيون والصحافة لم تعرف عربيا إلا في فوضى لبنان.
وقد رفضت الدولة الكويتية منذ سنوات أن تصدق ما تراه، وهو أن إيقاع المعارضة ونمطها يريدان النظام، ويلتقيان في ذلك مع المعارضة البحرينية التي فازت بأكثرية المقاعد في مجلس النواب، لكنها خرجت منه لكي تنزل إلى الشارع.
من حيث الأداء السياسي كل شيء قابل للنقاش. لكن من حيث الشكل الدستوري لا يمكن العثور على نظام أفضل في المنطقة، وخصوصا ليس في العراق ولا في إيران. وما تهدف إليه المعارضة هو إسقاط الدستور وإقامة نظام شبيه بإيران أو بدولة القانون المالكية في العراق. والمؤسف والمستنكر هو أن بعض السياسيين الكويتيين يشكلون «حصان طروادة» تختبئ فيه النوايا الحقيقية.
من تابع شؤون الكويت وجد أنه منذ عقد على الأقل لم يمر يوم واحد من دون خضة سياسية في البرلمان. ولم يمر يوم لم تهدم فيه صورة الكويت كبلد حريات، خصوصا من خلال التركيز على إسقاط وزراء الإعلام بموجب دواع وادعاءات لا أهمية لها.
وفي السابق كان عمل المعارضة الراقية تصويب الحكم فأصبح تهديمه وتقصير عمر الحكومات وتعليق الاستقرار في حالة مستمرة من الضجيج والزعيق وذر الكلام البارد والرماد الحار.
نقل السجال إلى الشارع في أول بلد برلماني في الخليج، ليس قضية كويتية فقط. واضح أنها مسألة تعني جميع الخليج وأمن بلدانه. بل تعني الديمقراطية في العالم العربي. إن الذين يعبثون بها وبمستقبل الكويت وأمن الخليج أناس غير ديمقراطيين ولا يقدرون معاني الحرية، وأغلبهم من القرون الوسطى، انتقام شخصي فردي يفرحون به ولو أحزنوا الوطن.