أرشيف الرأي

الأئمة وفريضة الحج

يمر موسم الحج لهذا العام 1433ه ونشاهد أداء مناسكه عبر شاشات التلفاز فتهفو النفس إلى حج بيت الله الحرا وزيارة المصطفى عليه الصلاة والسلام إذ يؤثر في النفس ذلك المشهد العظيم الذي يجمع المسلمين في صعيد واحد غنيهم وفقيرهم رئيسهم ومرؤوسهم بلباس واحد وتلبية واحدة وبذلك يتجلى المقصد الأساس من هذه الشعيرة العظيمة.مشهد تخشع له القلوب وتحن إلية الأفئدة.

بينما أنا استشعر مقاصد هذا الركن العظيم وأنا أتابع تحركات الحجيج من مشعر إلى آخر قلت في نفسي يالها من مساواة عندما يحج إلى بيت الله الحرام كثير من الأمراء والزعماء والملوك لافوارق هناك بينهم وبين غيرهم كل يطلب رحمة ربه وغفرانه وعجبت ممن هو قادر على أداء هذه الفريضة العظيمة لكنه محجم عن أدائها والتي ورد في فضلها أحاديث كثيرة منها قول رسول الله صلى الله عليه وآله سلم (من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته امه) ووردت أحاديث تدل على فورية أدائه للمستطيع وفيها من الوعيد لمن وجد الزاد والراحلة ولم يحج أي وجدت الاستطاعة المعتبرة شرعاً المتمثلة في الزاد والراحلة والأمن. وبينما أنا كذلك جال بفكري كثيراً مما قرأت في كتب تاريخيه تتحدث عن عهد الإمامة وتذكرت انه لم يمر علي ذكر قيام الامام يحيى حميد الدين أو والده المنصور أو ولده الامام احمد رحمهم الله بأداء فريضة الحج وربما كذلك كثيراً ممن سبقوهم من الائمة.

وبالطبع فالذي عرفناه من سيرة الامام يحيى حميد الدين رحمه الله أنه كان مغلقاً ابواب صنعاء على نفسه مغلقاً ابواب اليمن على شعبه . فكتب التأريخ تخبرنا بأنه لم يخرج من صنعاء إلا مرة إلى صعدة لمناظرة العلامة الضحياني الذي نافسه في تولي الامامة ومرةً ذهب إلى دمت للتطبب بحمامه الطبيعي ولم يعرف الإمام يحيى براً أو بحراً غير ذلك داخل مملكته ناهيك عن أي زيارة خارجية. إذ لم تذكر المصادر التأريخية مثلاً زيارة قام بها إلى تهامة أوما كان يسميه باليمن الاسفل .

وبالمثل لم نعثر على أي رواية تأريخية تخبرنا بذهاب الإمام احمد يحيى حميد الدين رحمه الله لأداء فريضة الحج وزيارة المصطفى عليه وعلى آله الصلاة والتسليم. على أن المعروف أن الإمام احمد قام بزيارة إلى مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية أثناء حضوره الحلف الثلاثي العربي مع الملك سعود والرئيس عبد الناصر عام 1956م وكذا ذهابه للعلاج في روما مروراً بأسمرة عام 1959م ومكوثه هناك قرابة شهر. والمستقرئ لهذه الحقائق يستغرب كثيراً من حال الائمة رحمهم الله. إذ لم يقوموا طيلة حياتهم بأداء هذه الشعيرة العظيمة. في حين ماذا كان ينقصهم أو يدفع عنهم قيامهم بادائها ؟ وهم ولاة الأمة وعلمائها وقدوة العامة من الناس .

وإذا كان عامة الأمة يتلوعون شوقاً لأداء هذه الفريضة وزيارة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فكيف أن الأئمة حتى لم يأبهوا بزيارة نبي الأمة عليه الصلاة والسلام وهم من ينسبون إليه ويفاخرون غيرهم أنهم من آل بيته فلماذا لم يهزهم الشوق حتى لزيارته بينما عامة أمته صلى الله عليه وآله وسلم يموتون في محبته وزيارة قبره وروضته الشريفة. شيء يستغرب له !

ربما لم أكن واقعياً أو محقا ًفيما طرحته هنا. لكن هذا ما عرفته من خلال ماقرأت عنهم. أو لربما أنه لاعلم لي بعقيدة لديهم أو رأيٍ مذهبيٍ يمنحهم استثناءً من عامة الناس في أداء هذه الفريضة!. أو أن ذلك منهم كان لإعتبارات أمنية أوسياسية. وعلى كل حال رحمهم الله جميعاً قد أفضوا إلى ما قدموا والله تع إلى بعباده خبيراً بصيرا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين...

زر الذهاب إلى الأعلى