اتسعت في الآونة الأخيرة ظاهرة اغتيالات القادة العسكريين والأمنيين في اليمن، ما يفتح الباب أمام دخول البلد في دوامة من العنف، الأمر الذي يتطلب من القيادة السياسية والقيادات الأمنية والعسكرية التحرك العاجل بهدف تطويق هذه الظاهرة في بدايتها حتى لا تتسع أكثر فأكثر، وتصبح خارجة عن السيطرة .
في الأسابيع القليلة الماضية تم اغتيال العديد من القادة والمسؤولين العسكريين والأمنيين، وفي الأسبوع المنصرم تحديداً، لم يمر يوم إلا وسقط أحد القادة العسكريين أو من رجال الأمن والاستخبارات في صنعاء وحضرموت ومناطق أخرى عدّة، ما يدل على أن أعداء الاستقرار رفعوا سقف نشاطهم وبدأوا بتنفيذ مخطط يهدف إلى عرقلة اتفاق التسوية بين الأطراف السياسية في البلاد الذي ضمنته المبادرة الخليجية، التي تمّ التوقيع عليها قبل أكثر من عام، لإخراج اليمن من الأزمة .
هناك مستفيدون من استمرار حالة الانفلات الأمني في البلاد، لأنه يوفر لهم مناخاً لاستمرار نزف البلد اقتصادياً وأمنياً، وهؤلاء يعتقدون أن إيصالهم الأوضاع في البلد إلى هذه الدرجة من الانفلات، يعطيهم “شهادة” بأن الوضع السابق كان أفضل من الوضع الحالي الذي جلبه التغيير الذي قام به الملايين من اليمنيين وفي مقدمتهم الشباب .
من الواضح أن هذه الأعمال الخارجة عن القانون تستهدف أكثر ما تستهدف ضرب الوحدة الوطنية في البلاد، كما أنها تعمل على عرقلة توجه اليمنيين لصناعة مستقبلهم من خلال مؤتمر الحوار الوطني المقرر أن تشهده البلاد خلال شهر فبراير/ شباط المقبل، فمؤتمر الحوار هو الطريق الوحيد لصناعة هذا المستقبل، وهناك قوى ستتضرر من انعقاده .
أمام الرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي فرصة حقيقية لمعالجة الانفلات الحاصل في الجانب الأمني، من خلال إحباط المخطط الذي تنفذه بعض القوى المتضررة من التغيير الذي حصل، والضرب بيد من حديد ضد أي طرف يعمل على تقويض العملية السياسية .
والتحرك واجب على المستويات كافة، من أجل معالجة ظاهرة الاغتيالات قبل أن تتحول إلى عقدة يستعصي حلها في المستقبل، بخاصة في ظل الظروف التي تمنح مرتكبيها فرصة أكبر للتحرك، من خلال امتلاك المال والسلاح بهدف تعطيل مساعي إخراج اليمن مما عاشه ويعيشه اليوم .