سيبقى اليمن سعيداً رغم كل شيء.. رغم جراحه التي يبيت ويستيقظ عليها.. رغم فقره، ورغم خروجه في كل مرة «صفر اليدين» من البطولة الخليجية، فالصفر ليس أبداً لليمنيين، لكنه بحسابات المال والإعداد، لنا نحن، وأقصد ب «لنا»، بقية المنتخبات الخليجية، وربما الأندية أيضاً، ففي كل مرة، يخرج فيها اليمن من البطولة، تودع معه منتخبات أخرى، لكن الفارق كبير بين من جاء وهو لا ينتظر شيئاً، ولا يريد شيئاً، لكنه يصر على أن يبقى وأن يكافح ويثابر، وبين أولئك القادمين من «ألف ليلة» يرفلون في ثياب الرفاهية، وينعمون بميزانيات بملايين الدولارات، ووعود بآلاف عند كل هدف، وربما يقدم بعضهم أقل مما يقدم مكافحو اليمن.
أذكر منذ سنوات أن كاتباً وصف حال الكرة في اليمن بأنها مثل السيارة القديمة، تتعرض للعطل لكنها تؤدي الغرض، والحقيقة أن الواقع الآن يقول إنه حتى هذه السيارة لم تعد موجودة اليوم، وحال الكرة في اليمن، كشارد في الصحراء، عليه أن يجري، ليجد الماء، أو ينتظر مطر السماء.
أحمد العيسى رئيس الاتحاد اليمني، كان شجاعاً وقاسياً على نفسه وعلينا، عندما تحدث منذ أيام عن واقع الكرة في بلاده، فالرجل اعترف بأنه لا يستطيع الهروب من الواقع المليء بالمشاكل إضافة للفارق الشاسع وأن تحقيق هدف واحد في البطولة يكفيهم، وطلب الرجل نصف ميزانية ناد خليجي واحد، مع تعهد منه بأن يحصل وقتها على اللقب الخليجي.
والحقيقة أن الواقع اليمني، يدفعنا للإشادة بمجرد أن نجد الأشقاء بيننا في كأس الخليج، والإشادة بأنهم يخسرون بهدفين فقط وليس أرقاماً قياسية، توازي الفارق الهائل بينهم وبين البقية، فالدوري في اليمن متوقف، واللاعبون غائبون عن التدريبات مع أنديتهم لأنهم لا يحصلون على مستحقاتهم المالية، لأن الأندية لم تصرف مستحقاتها لدى وزارة الشباب والرياضة منذ أكثر من عام، والمبلغ المخصص لاتحاد الكرة اليمني، هو مليون دولار أميركي ليس إلا، مطلوب أن ينفقوا منه على المنتخبات ومشاركاتها الخارجية ومعسكراتها ومرتبات اللاعبين والأجهزة الفنية والإدارية، وهو مبلغ، قد يحصل عليه لاعب مغمور في بقية دول الخليج كدفعة تعاقد.
أعتقد أنه ليس مقبولاً أن نترك اليمن وحده، كما أجزم أن البطولة الخليجية لم تنطلق، لمجرد أن تلتقي المنتخبات وتلعب، وتنصرف، وإنما الهدف الأسمى هو اللقاء والوحدة، والمساندة، والمساهمة في دفع اللعبة بالخليج على طريق التطور، وبهذا المنظور، لابد أن يكون للبطولة دورها «الرعوي» للمنتخب اليمني، ولو بتخصيص حافز مشاركة يذهب للمنتخب الشقيق من كل بطولة للصرف منه على المنتخبات، فهو الأكثر استحقاقاً بين كل المنتخبات الخليجية لهذا الحافز، لأنه أيضاً يقدم لنا حافزاً من جانبه، بإصراره على المشاركة، وعدم هروبه من المشهد، بالرغم من أنه يعلم في كل مرة، أنه لا يزال ضيف شرف ليس إلا، وأنه جسر عبور للبقية، وربما فرصة لزيادة غلة الأهداف لمنتخب إذا ما احتاجها في حسابات النقاط والأهداف.. برغم كل ذلك لا يزال يشارك، ولا يزال يبتسم، وله جماهيره التي لم تتوقف بعد عن الأماني، وعلينا أن نساعدها، كما تساعدنا.
كلمة أخيرة:
سيبقى اليمن «سعيداً». طالما لديه تلك الجماهير العفوية .. وطالما لديه الأماني.
- رئيس القسم الرياضي بجريدة الاتحاد الاماراتية