إنها مهازل القرن الدبلوماسية بلا مراء ، محمود زاده يدشن آخر ابتكارات نظام إيران : تصدير المهزلة .
زاده ، هذه المرة ، يؤسس لعلاقات تقوم على «الاحتقار المتبادل»، و هذا ما كان ينقصنا ، ساخر جديد ، يستجدي عطفنا ، بصفعة في الخد ، يهدينا موتاً وإهانات ، كم هذا رائع ؟!!!
بلادنا اليوم في نظره ، لاااا شيء ، لا تستحق حتى التجسس ، حسناً ، إذا كانت بلادنا هذه بلا أية قيمة ، فلِمَ إذاً يقيم محمود زاده في صنعاء ، لِمَ يعتمر الشر ، ويتأبط كلِ هذا الأذى ، إذا كانت هذه البلاد لا تستحق العناء ، فلِم يأبه السفير (لدول مجاورة تحاول العبث بالعلاقات اليمنية الإيرانية) .
اليمن لإيران محطة تصفية حسابات إقليمية ، ومطامع بترولية ، اليمن بالنسبة لإيران لا يعدو إلا موطئ نفوذ ، وساحة لممارسة الأذى ، ومتنفس لضيق أفق سياسي داخلي يعتمل في نظام طهران .
إيران لاعب جديد في ساحة الإقليم ، تحركه المصالح الذاتية ، وهذا أمر لا ضير فيه ، إن كانت المصالح المشتركة ، والصالح الوطني العام ، معايير يتم احترامها من كلا الجانبين ، غير أن إيران لاعب طائفي وأحمق ، يعتريها بعض الجنون ، تحسب أن تحالفها مع جماعات صغيرة سيغني عن كل الأغلبية ، وتظن أن بعض المال سيمحو كل سوءة، ينبغي للإيرانيين أن يدركوا أن كثيراً من خيارات المصالح والعلاقات متضادةُ بين الدولتين، فثمة اختلافات في الرؤى ووجهات النظر السياسية ، إيران ليست أقرب إلى اليمن رأياً وفعلاً سياسياً، وليست ميداناً يسهل تجييره ببعض المال والسياسة لخدمة أجندات مجنونة .
تحلم إيران اليوم بتكرار التجربة مرة أخرى ، بعد أن فشلت في نسختها الأولى ، التجربة الأولى كانت سوريا مسرحها ، أقلية من الطائفة تحكم الأغلبية ، استمرأت إيران التجربة ، وتريد بكل عناد ، إعادة انتاجها على المسرح اليمني ، وليس من صالح علاقات إيران واليمن ، كل هذا العبث الذي تمارسه إيران بأمن البلاد ومستقبل كل العباد ، لا يمكن ل ( أرق قلوب وألين أفئدة ) أن يفتحوا أذرعهم مرحبين بحاملي سياسات الموت ، وباعثي ثقافة السخرية الدبلوماسية .
أنا أتحدث عن إيران النظام ، لا عن إيران الشعب ، كل المؤاخذات تُحمل على سياسات نظام طهران ، وهذا كل شيء .
لا أحد يعبث بالعلاقات اليمنية الإيرانية غير النظام الإيراني نفسه ، فسياساته في اليمن تكفي وحدها لإحداث شروخ كبيرة في علاقات البلدين ،وفي ظل إصرار طهران على اعتبار اليمن ساحة لتصفية حسابات إقليمية ، وسعيها الحثيث ، لضرب مقومات الاستقرار، ودعم عوامل الانهيار ، فإن الحديث عن علاقات متينة بين البلدين يبدو أمراً هزلياً للغاية .
الأسبوع المنصرم بلغ الأمر منتهاه ، بتصريحات السفير المستفزة ، وأنا هاهنا غاضب حقاً ، كأي يمني في شرق البلاد وغربها ، جنوبها وشمالها ، بإمكان السيد السفير إهانة شخص أو شخوص ، غير أن إهانة بلد بأكمله ، واستغباء أهله ، هو فعل مريب ، هو تصرف أخرق ، هو عمل لا صلة له بالدبلوماسية .
يا محمود زاده ، يا وجه إيران ، أخبرني عن تأييد إعلام طهران لمشاريع الدم والتمرد ، قل لي أي دلالات يحملها هذا الأمر ؟، تكرم سيدي السفير وأخبرني عن عشرات آلاف الدورات ، تلك التي يبعثها نظام طهران بانتظام إلى حزب السلام الديمقراطي ، حدثني قليلاً عن سر إطراء وامتداح جماعة التمرد والسلاح ليل نهار لإيران ؟! .
كيف يمكننا تجاهل كل ذلكم التأييد الذي يحظى به الحوثي، في وسائل إعلام إيران ، الناطقة بالعربية ، والمتحدثة بالفارسية ، أنّى لنا أن نتعامى عن اعترافات ساسة مغمورين بدعم إيران السخي بعشرات آلاف الدورات ، كيف يمكن اعتبار إشادات الحوثي المتكررة والدائمة بإيران ، اعلامياً ، وتنظيمياً ؟، كيف يمكن فهمهما إلا باعتباره شكر العبد للواهب .
لا شيء في اليمن يسيل له لعابكم، غير بعض الأرض، وقليل من الثروة ، وكثير من النفوذ، الأذى فعل يستهوي ساستكم ، هذا كل ما في الأمر ، لكنك بحاجة إلى قراءة النشيد الوطني اليمني لتدرك أن اليمني يهتف صباح كل يوم (ومسيري فوق دربي عربي، وسيبقى نبض قلبي يمنياً) .. ولن يكون نبض قلب اليمن يوماً فارسياً، وهذه هي جوهر المشكلة ، مشاريعكم لخدمة الطائفية، لا أفق وطني عام لسياساتكم الخارجية، وهذا فرق جوهري بينكم وبين سياسات العم سام ، ويفضل اليمنيون أعداءً عاقلين على أصدقاء طائفيين ومغامرين .