لا يختلف اثنان على أن الوضع في اليمن اليوم في غاية الدقة، خاصة على المستوى الأمني، وهو ما دفع السلطات اليمنية إلى تعزيز قواتها والدفع بالجيش في العاصمة صنعاء وأرجائها أخيراً، بسبب تزايد حالة الانفلات الأمني من جهة، وما يشهده الجنوب من حال احتقان عبّرت عنها تحركات شهدتها محافظات جنوبية عدة مطالبة بالانفصال، وهناك تقارير عديدة وأخبار متعددة المصادر، عن وجود دعم خارجي لهذه التحركات يسعى إلى استخدام التدهور في المحافظات الجنوبية خدمة لأغراض لا تصبّ في مصلحة اليمن واليمنيين بأيّ شكل.
لذلك فإن الحوار الوطني والمصالحة بين القوى السياسية اليمنية، هما السبيل الوحيد لحل الأزمة اليمنية بما يحقق الأمن والاستقرار المنشود في ربوع البلاد، والعصب الأساسي للمرحلة المقبلة من تنفيذ المبادرة الخليجية، خاصة ونحن على بعد أيام قليلة من انعقاد جلسة استثنائية لمجلس الأمن في صنعاء، والتي أعلن عنها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أخيراً.
إن اليمن اليوم يحتاج فعلاً إلى مصالحة وطنية شاملة، وقانون عدالة انتقالية مبني على رؤية يمنية مستقلة، وليس على أفكار نمطية مستوردة لا تتماشى بالضرورة مع الواقع اليمني، وأن تكون المصالحة استجابة لضرورات التعايش الاجتماعي السلمي، الذي يراعي خصوصية المجتمع اليمني، إذ ليس بالإمكان بناء أي دولة دون وجود مجتمع مترابط يتقاسم مفاهيم وقيماً ومصالح عليا واحدة وموحدة، وقد أثبتت التجارب أن الفشل كان حليف كل محاولة تقوم على استنساخ التجارب التي سبقتها دون الأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الثقافية والتاريخية وواقع المجتمع الذي تطبق فيه.
إن على اليمنيين الاصطفاف جنباً إلى جنب لمواجهة العدو المشترك من الداخل، المتمثل في الاختلاف والانقسامات التي تستغلها جهات خارجية وتنظيمات إرهابية، وأن يعملوا جميعاً ومعاً، من أجل إرساء الأمن والاستقرار وتعبيد الطريق نحو بناء اليمن المنشود.
ولا شك أن المبادرة الخليجية لا تزال تمثل أفضل مخرج لليمن واليمنيين، من أجل السلام والوئام وخروج اليمن من المحنة الكبرى، ومن أجل استقراره وأمنه ووحدته أيضاً.