[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

الانتهازية وفتوى الانفصال

يريدون استلابنا العقل باسم الديني المؤجج لفك الارتباط، نرفض طريق الإغواء وشراسة الانتهازية التي تمارس فتوى الانفصال ونحن مع الجنوب كما يريد، فقط الديني مرفوض أن يقحم هنا، إنهم يلوثونه بما يصدرونه من فتاوى ترهق القلب وتجعلنا نصاب بالإحباط.. وقد جعلنا من الدين مبرراً لفك الارتباط خارج سياق الإعتصام بحبل الله، ولست أزدري أحداً ممن يلعبون في السياسة وعلى أكثر من حبل كما عالم بالفقه وأصول الدين والتفسير ويحفظ من القرآن والسنة وتراه يراوغ ويناور ويحور ويدور ليقنعنا أن التقسيم والشرذمة هي من تقوى القلوب، مثل هذا لا يجل ويسقط من العين لأنه دنيوي بامتياز..

وما كان أغناه لو عبر عن قناعته كمواطن في أنه مع فك الارتباط، فذلك من حقه ونحن حتى معه ومع الجنوب إن أراد ذلك ومع السياسي حتى وإن كان انتهازياً،أكان داعية وحدة أم انفصال،هذا لا يهم وربما نتعاطف بقوة مع هؤلاء ونتقدم بذات المطلب في إطار رؤية سياسية بمعزل عن عالم صاحب هوى ورغبات يقتحم المنبر كالأسد الهصور ويسوق كلاماً عن فك الارتباط ويدعو لذلك ويبرر كل ما يذهب إليه، مؤولاً نصوصاً ربانية ومترجماً معاني أقوال الرسول صلى اله عليه وعلى آله وسلم بما يحلو له ليصل بنا إلى قناعته،وذلك لعمري منتهى الصلف وعدم الحياء وكل من لديه غيرة على دينه لابد أن يقف أمام هكذا دعي يشوه النص ويقتحم ما لم ينزل الله به من سلطان ويدعو بالويل والثبور وعظائم الأمور على الشمال كله: الغني والفقير، المواطن والمسؤول، وينحاز في غير الحق إلى اللا معقول باسم الدين.

ونحن هنا نشير إلى أن هكذا تخريجات تضر فعلاً بالإسلام وتقدم صورة مدمرة لأجيال الغد،وتغرس فيهم أن الفرقة والانقسام من أصول الدين، ومما يؤسف له أن يصمت العلماء الربانيون ولا يلقون بالاً لخطورة من يجعل من الدين وصاية على وطن بأسره وعلى حياة وعلى الدين ذاته،ونستغرب أن يكون العلماء المعنيون عاجزين عن الرد على المفترى عليه الإسلام ولا يقفون في وجه من يرى الإسلام أنه دعوة للتمزق، وجميع هؤلاء العلماء في ذات الإثم المجاهر (بفك الإرتباط) بدعوى دينية أو الساكت عن الحق ولا يقول رأيه ويدعو إلى الحب والتسامح بدلاً من العنف والكراهية التي يحاول البعض استقائها من النص القرآني، ومثل هذه الدعوة الباطلة تضر بالإسلام والمسلمين..

إننا نطالب فقط أن لا يقحم الدين في السياسي الانتهازي في غير الحق وما هو من أمور الدنيا، هل إننا لا نطالب في كل الأحوال بالوقوف ضد من ينادي بفك الارتباط،بل ونتعاطف مع هذه الدعوة ولا ضير أن يختار الجنوب الطريق التي يراها طالما وهم أغلبية ونحن مع ذات الاتجاه دون أن نجعل من النص الإلهي مركباً لطريق تغاير ما يدعو إليه من اعتصام بحبله ومن تعاون وتعارف وتوحد حتى وصل الأمر إلى أن يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ما معناه إن لم أخطأ في الحديث الشريف (من أتاكم وأنتم جماعة وأراد أن يفرق بينكم فاقتلوه ) وكأنه كان يدرك خبايا الزمن ومن وجود هذه الفئة المرابية، لذلك حذر وأنذر من الهوى ومن الطغيان ومن الفرقة والانقسام؟،

فما بال هؤلاء العلماء يجانبون الصواب ويلتحقون بالكراهية ويعتلون منابر الكذب ويفتون في الانقسام، ومما أغاظني وغيري أن يبرر أحد العلماء بقوله أن الوحدة مفسدة والانفصال واجب في هذه الحالة ومبرره في ذلك القاعدة الشرعية التي تقول (درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة) ويسير في هذا الاتجاه،ويطلق لحيته لهذا الموقف، ويبح صوته وهو يريد إقناع المستمعين له، أن الوحدة باطل والتشرذم هو ما حث عليه ديننا الإسلامي الحنيف وبطريقة درامية وقدرة على المتمثل يرفع صوته تارة وأخرى ينعمه ويرعد ويزبد ويدعو في النهاية على الشمال الطاغي، وكل ذلك من أجل حطام الدنيا، فلم يرعوِ أو يخشى الله ويزيد في غيه بالدعاء للرئيس المناضل/علي سالم البيض أن يوفقه الله ويؤيده بنصر من عنده وبالسداد والتوفيق وهو يعلم من هو السفاح والقاتل في أحداث 13يناير المشؤومة ومن كان يقتل بالهوية ومن شرد واغتصب من اغتصب،وجعل هذا اليوم حزيناً ودامياً وبكاء لا يكف حتى يومنا هذا.. ولاشك أن العدالة هنا نحتاجها للقتلة كائناً من كان، ولكن أن نذهب للدعاء على مرتكب جرائم وباسم الدين فكل ذلك لمن له غيرة في دينه باطل لا يمكن السكوت عنه.

ليكن هاك فك ارتباط وانفصال كما يحلو للجنوب،وليكن ما يريدونه وحتى بناء جدار عازل بين الجنوب والشمال، لست أعارض هذا حتى لا يفهمني غلط من يدعون لفك الارتباط بروح وطنية أو سياسية برجماتية أو انتهازية، كل ذلك نقبله مادام لا يقحم الدين، ولا مشاحة إن وقفنا معهم ورأينا ذلك من حقوقهم، لكن لا أقبل مطلقاً الديني يجازف بتشويه نصوص قرآنية وأحاديث نبوية ليقنع من يصغي إليه بأن فك الارتباط مما يحث عليه الدين ويأمر به الله تع إلى ومما يكتمل به دين المسلم..هكذا أرى الشيطان يبزغ من هذه اللحاء التي تذهب إلى مواطن لتشوه نصوصاً وبطريقة لا تقل وقاحة عمن يرفض الإصغاء لمطالب شعب الجنوب مهما كانت.

وإذاً لابد من الوعي بمكامن الخطر الناجم عن هذه الفئة التي تريد الدين حسب مزاجها ومقاساً لأهوائها وتذهب كل مذهب لتغطي عين الشمس بمنخل.. إننا لا نقبل الدنية في ديننا ولا دعوى الإثم والخديعة بأي طرق كانت وتحت أي ذريعة مادامت تستغل الدين لصالح فتات ما يصل إليها،وفي المقابل نصغي وبقوة ونقف أيضاً مع المليونية الجنوبية وكل شعاراتها في فك الارتباط كموقف سياسي بحت ومطالب حقوقيه ليس إلا..

هنا فقط من وجهة نظري وقناعتي الشخصية أجد من الضرورة أن أحترم الشعب الذي عبر عن نفسه في الساحات ولكن ليس من قناعة دينية ولا من موقف تنتصر لمن قتل حد الذهول في 13يانير وارتكب الجرائم وطال الحياة وجعلها فاجعة ويريد أن يغالط التاريخ ويجعل من يوم أسود وكارثة وطن مجالاً للغناء والرقص والأهازيج باسم التسامح والتصالح وهو يريد بهذا أن يفلت من الجريمة التي ارتكبها ومن العدالة.. ليكن التسامح عائداً عليه هو كمرتكب إثم ومبرر لرئاسته القادمة، وثمة أولياء أمر يطالبون بالقتلة والمجرمين ويرون 13(يناير )شؤماً..

ومن المؤلم أن يرقص الجنوب فيه على إيقاعات جثث ما تزال أماكن دفنها مجهولة ولا يعرف هل في البر دفنت أم رميت في البحر طعاما للأسماك؟.. وعلى المواطن في الجنوب أن يحترم الأيتام والأرامل وآباء من فقدوا، عليه أن يستفيد من التجربة الأوروبية وعلى وجه الخصوص (ألمانيا) التي تنظر إلى الحربين العالميتين كنقطة سوداء لا تنمحي ويقدمون الدروس لأجيال قادمة عن فضاعة ما ارتكبوه ولم يرقصوا ويفرحوا على الجثث، بل يضيئون شموع الألم ويصمتون وهم يستدعون تاريخاً من القتل والدمار..

فهل يعي الراقصون على جثث معنى الأهازيج في يوم أسود ؟وهل يتخلى علماء الدين عن توظيف النص الإلهي لأهوائهم ورغباتهم؟..أياً كانوا وفي أي زمان ومكان فنحن ندينهم حتى لا يؤول كلامنا على أمور لا نعنيها،وندين كل فتوى صدرت وتصدر لقهر الإنسان وقتله من أي جنس أو لون أو دين، فالله وحده يحكم بينهم يوم القيامة.!!

زر الذهاب إلى الأعلى