يعرف العالم انكما كنتما اهم اجهزة الاعلام التي ساعدت على التسريع باسقاط النظم في تونس ومصر وليبيا واليمن، بفضل التغطية الشاملة والمستمرة 24 ساعة التي قمتم بها، كانت قناتيكما متفرغتان لكل مظاهرة ولكل احتجاج والغيت كل البرامج الاعتيادية لاجل ايصال اقل التطورات اهمية، وكانت تصور كل جريح وكل من يضرب بعصا، وهذه التغطية اثرت في الملايين ودفعتهم لدعم المتظاهرين وتوسع نطاق وعدد المشاركين في التظاهرات والاحتجاجات .
هذه حقيقة نعرفها بصفتنا رجال اعلام تصرمت اكثر من خمسة عقود على عملهم في الاعلام، ويعرفها عشرات الملايين من العرب في كل مكان وهي مسجلة وموثقة . ومازلتما تركزان على انتفاضة الشعب السوري البطل ضد ديكتاتورية الحكم الصفوي، ونشراتكم تخصص القسم الاكبر لتغطية احداث سوريا، بالاضافة إلى استلام كل فيلم يصور بالسكايب من مختلف المدن السورية وهذا موقف مطلوب، وفي مصر تنقلون الاحداث مثل قنابل غاز التي تطلق على التظاهرات التي تجري اليوم وتتفرغون لها أو تخصصون قناة ( مباشر ) لتغطيتها 24 ساعة بلا كلل أو ملل .
والسؤال المحير للكثيرين هو : هل انتفاضة العراق التي بدأت منذ اكثر من شهر باهدفها وطبيعتها تختلف عن انتفاضة سوريا وتونس ومصر؟ وهل الدم العراقي اقل اهمية من دم بقية العرب؟ هل اغتصاب النساء بالمئات وهو ما يجري في العراق واكدته لجان اممية وليس عراقية ولم يحدث في مصر وتونس واليمن، اقل اهمية انسانيا واخلاقيا واعلاميا من ضرب متظاهر في القاهرة؟ هل تغطيتكم لحالات اغتصاب شبيحة النظام السوري للماجدات السوريات، والتي تركزون عليها بصواب تام، يختلف عن اغتصاب الماجدات العراقيات رغم ان عدد العراقيات اللواتي اغتصبن تجاوز المئات وبعضهن حملن وهن في السجون وتوجد تقاير دولية تثبت ذلك واعترافات من مسؤولين في الحكومة ولجان التحقيق الحكومية وعضوين على الاقل من جماعة إيران في البرلمان وهما علي شبر وحنان الفتلاوي اعترفا بحصول الاغتصابات؟ هل اعتقال الام أو الاب أو الزوجة أو الاخ من اجل تسليم مطلوب لنفسه والقيام باغتصاب الاخت أو الزوجة أو الاب الشيخ امام افراد العائلة، وهي جرائم لم تقع في مصر وتونس واليمن لكنها وقعت وتقع يوميا في العراق، هل هذه جرائم عادية ويسهل تجنب تغطيتها اعلاميا مثلما فعلتم ومازلتم تفعلون؟ ام انها مادة اعلامية من الطراز الاول لو كانت المهنة هي المحرك فعلا؟ هل الاعتقالات المنهجية القائمة على اساس ابادة الالاف وحرمانهم من حق الحياة وسقوط الاف الشهداء العراقيين منذ بدا الغزو امر اقل اهمية مما حدث ويحدث في بقية الاقطار العربية؟
واخيرا هل تغطيتكم لاحداث الاقطار العربية اعلامية ومهنية ام انها سياسية صرفة وتخدم اطرافا معينة فقط وعندما تتعلق باخرين تهملونها وتتجنبون اي تغطية اعلامية لتعريف الرأي العام بما يجري أو تسقطون الفرض ببث خبر قصير سرعان ما يمر وكان ما يجري ليس اكثر من حادث عابر وعارض؟ هذه الاسئلة اطرحها الان وقد قتل النظام الصفوي في بغداد اليوم عشرة عراقيين في الفلوجة وجرح اكثر من 40 متظاهر، وبالامس قتل خمسة في الموصل وجرح العشرات اثناء محاولة النظام تفريق المتظاهرين السلميين أو اثناء اداء صلاة الجمعة، والناس العاديين بدأوا يتسائلون لم اختفت الجزيرة والعربية من احداث الفلوجة والموصل وصلاح الدين ودي إلى والديوانية والبصرة وغيرها صباح اليوم حيث خرجت تظاهرة في البصرة قمعت بشدة واعتقل بعض منظميها ! الناس وانا منهم تراكم تتعاملون مع انتفاضة الشعب العراقي بتمييز واضح فتتركون انطباعا بأنها حدث عابر وبسيط ولا يستحق اكثر من خبر قصير ثم تتركون الدم يسيل في العراق ودموع الامهات والارامل العراقيات تنهمر دون ان يعرف العالم بما يجري من كوارث اضافية منذ اكثر من شهر ! حتى الان نراكم ترفضون معاملة الانتفاضة العراقية مثلما تعاملون الانتفاضة السورية ومثلما تعاملون التظاهرات في مصر حاليا مع ان ما يحدث في العراق اشد خطورة مما يحدث في مصر مثلا ! ما السر في ذلك؟
والاسئلة تترى ولا استطيع منعها من القفز امامكم : لم لم تطلبوا عبر قناتيكما من كل من يصور بتلفونه أو كامرته ما يجري في العراق ان يبثها لكم عبر السكايب كما فعلتم في ليبيا ومصر واليمن وسوريا؟
والان انتم، خصوصا مقدموا البرامج السياسية المعروفة والمعلقين والمحللين، امام امتحان كبير لاثبات اما انكم مهنيون أو انكم منحازون لمواقف معينة، لان يجري في العراق ليس اقل خطورة مما يجري في سوريا بل نقول لكم ان ما يجري في العراق ستكون له نتائج اكثر خطورة مما ظهر في سوريا حتى الان، لهذا ندعوكم باسم مهنة الاعلام التي تربطنا إلى اعطاء وقت مناسب لتغطية احداث العراق كما تفعلون يوميا واحيانا كل ساعة لتغطية ما يجري في سوريا ومصر وتعبئة الرأي العام ضد النظام .
ولان الدم العراقي بدأ يسفح امام شاشات قناتي الرافدين والشرقية وانتم غائبون عن الحدث الخطير ننتظر مكنم تغطية مهنية لا اكثر ولا اقل، نطلب منكم تبرئة ضمائركم كبشر من تهمة اهمال قضية تحرر وطني وحقوق انسان من الطراز الاول، ارفعوا اصواتكم دعما للمظلومين ونصرة للشعب العراقي المظلوم، اكشفوا للعالم ما يجري في العراق من كوارث وما يرتكب من جرائم ولا تكيلوا بمكيالين كما تفعلون الان مع احداث العراق .
واخيرا وليس اخرا تذكروا ان كل شيء يوثق كل موقف يسجل وغدا سوف تبدأ الشعوب بمحاسبة كل من حرض على الابادة والقتل وكل من عرف بذلك وتجاهل، وكل من اهمل كشف جريمة مع انه يعرف بوقوعها، وذلك لا يقتصر على الافراد العاديين بل هو يشمل رجال الاعلام ونساءه الذين واللواتي يتجاهلون ويتجاهلن ما يجري .
* سياسي عراقي