[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

شراكة لا وصاية

لطفي فؤاد أحمد نعمان

المبالغة في تقدير الأمور تقود دوماً إلى عدم ضبط التعبير عنها.. وهذا ما يجعل الحقائق -غالباً- مغيّبة، والتفسيرات –أحياناً- غبية!

ولقد ظن من ظن أن احتضان اليمن للقاء القيادة السياسية اليمنية ببعض سفراء الدول "دائمة ومؤقتة" العضوية بمجلس الأمن الدولي في الأمم المتحدة رسالة إلى معرقلي التسوية السياسية في الداخل تحديداً.. وفي ذلك تضخيمٌ لحجم ودور المعرقلين في الداخل!

كما تناسى من تناسى أن المجتمع الدولي ليس وصياً على اليمن.

وإن جمح المحللون والمفسرون والفلاسفة في تقييم الوضع اليمني وتشابكاته الخارجية.

ولكي يتبين الأمر تماماً، تجدر استعادة ما دافع به السفير الروسي بصنعاء سيرجي كوزولوف عن الدور الدولي في حل الأزمة اليمنية، تعقيباً على قول أحد الدبلوماسيين المحليين بوجود "تدخل خارجي في الشأن اليمني"، إذ شخّص سفير روسيا الاتحادية الحالة اليمنية بأنها: "أفضل مثال للتعاون في حل الأزمات السياسية دون تدخل"، مشبهاً دور المجتمع الدولي –وسفرائه على وجه الدقة- "بالحَكَم في لعبة كرة القدم".

ولربما جاء "الحَكَمُ الدولي" بوفدٍ من مجلس الأمن ليرفع "الكارت الأحمر" محذراً معرقلي التسوية.. إنما بعدما سمعوا من لسان "يماني" مبين: الإشارة إلى الدور الصريح لبعض الأطراف الإقليمية في عرقلة التسوية.. فكانت "رسالة لمن يريد أن يفهم" -حسب د.الإرياني- ورسالة إلى الأطراف الإقليمية أكثر منه إلى الأطراف المحلية.

وهكذا.. "إن فهم من أراد الفهم".. يكون التدخل أو التعاون الخارجي إيجابياً لا يجسد أو يدّعي "الوصاية" على بلدٍ يزخر بالعقلاء والحكماء –كما يروِّج سياسيوه-!

والحساسية المفرطة دونما شك إزاء التدخل الخارجي السلبي، حالت دون التمييز جيداً بينه وبين التعاون الإيجابي والإنقاذي المطلوب حال تقاعس العقلاء والحكماء أحياناً.

إن الوصاية شكلٌ قديم يتجاوزه الشكل الجديد المعروف بالشراكة.. ولاسيما فيما شخصه بدقة د.حميد العواضي بأن "الحالة اليمنية تشكل "عيِّنَة اختبار" في معمل العلاقات الدولية".

ومن معمل العلاقات الدولية وفي إطارها الواسع، صدرت من كبار القوى الدولية الرسائل الصريحة عبر الأرض اليمنية إلى تلك القوى الإقليمية، ومن يتوهم في الخارج قدرته -بتعبير بن عمر- على "إفساد" التجربة اليمنية – الإقليمية - الدولية الفريدة في التسويات السياسية.

وإذ التفت العالم إلى مشكلة اليمن نظراً لأهمية موقعه الجغرافي والاستراتيجي، والموقف السياسي الخطير، لكنه مراعاةً لمبادئ "الشراكة" وتجنباً لمفاهيم "الوصاية" لم يلتفت عبر موفدي مجلس الأمن أدنى التفاتة إلى المعرقلين الداخليين كون ذلك شأناً داخلياً لا يقاربه الكبار الذين يعرفون حجم دورهم والمساحة الأرحب والأفق الأوسع الذي يجوبونه.

والكبار دوماً لا يدنون بمستواهم إلى مستوى من "يحكي انتفاخاً صولة الأسدِ"، ولا يعطونه حجماً أكبر من حجمه الصغير!

وحتى نكون كباراً.. يُنظر إلينا بعين الاهتمام العميق.

يجب: -وإن اختلف ما يجب عما يقع!-.

يجب النأيُ بالنفسِ عن الوقوف موقف رافضي الحوار.. والمتحاورين.

فقد صرّح رئيس الجمهورية "الهادي" وحدد –أخيراً- شكل العرقلة والإعاقة برفض الحوار.

فليمضِ الكبار إلى مؤتمر الحوار.. بوعي ومسئولية تتفهم الحاجة الوطنية بدون توهم للوصاية الدولية!

زر الذهاب إلى الأعلى