لو امطرت السماء حرية هناك عبيد سترفع الشمسية
(مثل)
اذن نحن امام عدة قضايا تحتاج لتسليط الضوء عليها كي نرى كيف تتم عمليات التشويه ولصالح من، واهم القضايا التي شوهت هي موقف البعث وقيادة المقاومة من:
1 – الانتفاضة العراقية طائفية !
2 – الموقف من دول الخليج العربي والسعودية.
3 – الموقف من القضية الكردية ورموزها الحاليين.
4 – معادلة غريبة: من اجل حبي لبشار اطعن بقائد المقاومة العراقية.
5 – سطحية فهم العلاقة بين البعث والنظام السوري.
غلطة الشاطر فضيحة: الانتفاضة العراقية طائفية !
لئن كان (و.ع) نكرة، بالمعنى اللغوي وليس الاعتباري، فان صديقنا ليس كذلك فهو معرف ومعروف ونحترم مواقفه، لذلك فخطئه فضيحة كاملة الاركان تكشف عن جوانب من طريقة تفكير غير مفهومة. ولعل ابرز كبواته التي ستلازمه طوال حياته اعتباره للانتفاضة العراقية الكبرى المليونية طائفية، اذ قال حرفيا وبلا اي تردد أو رمشة عين: (البرنامج الطائفي للحراك، باعتباره انصافاً لحقوق "أهل السنة" في العراق، وهو السبب الرئيسي الذي دعا الفضائيات الخليجية للاحتفاء بالحراك) هذا ما قاله حرفيا ! فهل برنامج الحراك العراقي طائفي حقا؟ دعونا نأخذ الامر كما هو:
1 - لنفترض غراض النقاش فقط ان الانتفاضة العراقية الحالية طائفية نتيجة وجود ظلم فادح لا ينكره نفس الكاتب اصاب طائفة معينة، مع تاكيدنا ان موقفنا الرسمي كبعثيين يقوم على حقيقة ان الشعب العراقي كله مضطهد ومستغل، فهل دفاع طائفة أو قومية ما عن حقها في العدالة مدان؟ كل التقدميين في العالم يدعمون المضطهدين لاسباب دينية أو طائفية أو عرقية فما الضير ان يدافع المظلوم عن نفسه وعن معتقده؟ ومتى صار الدفاع عن كتلة اجتماعية مظلومة فعلا سبة كما يقترح صديقنا؟ لقد دافعنا وندافع عن حق كل انسان مضطهد دينيا أو قوميا أو ايديولوجيا أو اقتصاديا، لذلك فاذا وقع اضطهاد طائفي على اي طائفة فمن الطبيعي ان نقف ويقف كل تقدمي ضد ذلك الاضطهاد ويستخدم كافة الطرق المتاحة لرفعه وتحشيد الرأي العام من اجل ذلك.
اذن ما الذي جعل صديقنا الذي دافع عن مسلمي ماينمار بصواب يدين الانتفاضة العراقية لانها كما يعتقد خطأ انها طائفية؟
2-وبعد ان ثبتنا الموقف التقدمي والثوري المطلوب وهو نصرة كل مضطهد لاي سبب علينا ان نؤكد بان الانتفاضة العراقية الحالية ليست طائفية على الاطلاق، بل هي الامتداد الطبيعي نضاليا والتكملة المطلوبة ستراتيجيا لانتصار المقاومة العراقية على أمريكا، والتكملة المطلوبة هي الحاق الهزيمة بفلول الاحتلال وازلامه وكتله وهؤلاء يتمثلون في حكومة الاحتلال العميلة المزدوجة لأمريكا وإيران. وصديقنا يضع نفسه في مكان لم يكن يفكر انه سيكون فيه فاذا كان قد حكم عليها بالطائفية لانها انطلقت من الانبار فانه يهدم دعمه للمقاومة العراقية التي كانت ومازالت الانبار احدى اهم قلاعها، بل انها كانت المركز القتالي الاول لها وما معركتي الفلوجة التاريخيتين في عام 2004 وعام 2005 مع القوات الأمريكية الا مثال على الدور الوطني غير القابل للطعن أو التشكيك به وغير الطائفي للانبار، فهل كانت المقاومة العراقية طائفية؟
ومن الضروري لاجل وضع صديقنا في مكان يرى فيه موقفه الحالي التذكير باهم دعايات الاحتلال وقتها اي عند اشتداد المقاومة في الانبار، فقد اطلق عليها الاحتلال الأمريكي والإيراني اوصافا طائفية مثل اوصاف صديقنا داعم المقاومة، ومازلنا نتذكر كلمات نحتت عمدا وروجت عمدا لاجهاض المقاومة العراقية بدعوة انها طائفية ولا تمثل كل العراق، مثل (المثلث السني) و(المقاومة السنية)، وهما مصطلحان رفضهما كل وطني عربي وكل مقاوم يريد تحرير العراق ومن ضمنهم صديقنا وقتها واصر وبصواب كامل على ان المقاومة ليست طائفية بل وطنية. فما الذي تغير في الانبار لتصبح اليوم طائفية الانتفاضة بعد ان كانت بالامس وطنية المقاومة؟
نعم في اليومين الاولين حينما ارادت اطراف في العملية السياسية استغلال الانتفاضة لصالحها طرح انفار شعارات طائفية ولكن الاحذية التي تطايرت على وجه من اراد ركوب موجة الانتفاضة انهت تلك الظاهرة وبرزت الطبيعة الوطنية العراقية للانتفاضة، وحسم الامر ولم يعد يقول ذلك الا المالكي وإيران وأمريكا وعملاءهما، والتي مر عليها اكثر من شهر وهي ترسخ طابعها الوطني فكيف غابت تلك الحقائق المعروفة عن صديقنا؟ ولم تعمد اطلاق صفة الطائفية عليها؟ والاغرب ان برنامجها الذي وصفه بالطائفي يخلو من اي مطلب طائفي ! فاذا طالب البعض بانصاف السنة ومعاملتهم كالشيعة فهل ذلك موقف طائفي؟ وهل مطالبة صديقنا بعدم التمييز الديني ضد الشعب الفلسطيني موقف طائفي؟ خصوصا عبر الزيادة المتعاظمة لاسهام اهل الجنوب وشبابها الابطال فيها بوفود أو بمحاولات تنظيم تظاهرات في البصرة والديوانية وكربلاء وغيرها تضامنا مع اهل الانبار والموصل ودي إلى وغيرها.
3 - هل صحيح ان تغطية الاعلام الخليجي للحراك كانت لاسباب طائفية؟ وللدقة والصواب: هل حقا غطت القنوات الخليجية الانتفاضة بدعم حقيقي يتناسب مع حجمها واهميتها الستراتيجية؟ ام ان الاعلام الخليجي تعمد تقزيمها اعلاميا؟ القنوات الخليجية المقصودة هما الجزيرة والعربية، واللتان لعبتا دورا خطيرا في دعم انتفاضة تونس ومصر وفي عدوان النيتو على ليبيا وانتفاضة سوريا واحداث اليمن، حيث تفرغتا والغتا برامجهما الاعتيادية لكي تغطيا كل حدث مهما كان صغيرا في تلك الاقطار، بل وصل الامر إلى حد تلفيق اكاذيب وترويجها من اجل تضخيم الاحداث ودفع اكبر عدد ممكن من الناس للانخراط في التظاهرات. وانا اقول ذلك لانني شاهد على التزييف والمبالغات والاكاذيب التي روجتها الجزيرة والعربية حول اليمن حيث عشت الاحداث لحظة بلحظة وقمت بزيارة بعض مواقع الاحداث في صنعاء ورايت الحقيقة كما هي وليس كما صورتها الجزيرة والعربية تشويها أو كذبا أو مبالغة وحسب الحدث.
اذن كانت هاتان القناتان في بداية احداث كل من مصر وسوريا واليمن وليبيا تكذبان أو تلفقان أو تضخمان الاحداث من اجل دفع اكبر عدد ممكن من الناس للوقوف ضد النظام في تلك الاقطار، وكانتا متفرغتين وتتسابقان في تلفيق الاكاذيب المفضوحة وخلطها بالحقائق الموجودة فعلا. فهل فعلتا نفس الشيء مع الانتفاضة العراقية؟ الجواب الواضح والذي يمكن التأكد منه الان بمجرد فتح اي من هاتين القناتين لانه سيرى تقزيما متمعدا لما يجري في العراق من تطورات خطيرة جدا يشارك فيها ملايين العراقيين وليس الالاف منهم حيث اما تبث اخبار قصيرة وعابرة تعطي الانطباع بان ما يحدث في العراق مجرد اعمال شغب أو احتجاجات بسيطة وطارئة، أو تتجاهلها تماما ! ولم تتفرغ اي منهما لا الجزيرة ولا العربية لها، ولم تطلبا افلاما من تصوير المتظاهرين لبثها، ولم تقدما للمشاهدين عناوين فيهما لارسال تلك الافلام كما فعلتا اثناء احداث مصر وليبيا وسوريا واليمن، ولم تطلبا من مراسليهما القيام بتغطية الانتفاضة كما فعلتا في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا رغم ان الانتفاضة العراقية شارك ويشارك فيها ملايين الناس وتظاهراتها مليونية خصوصا ايام الجمع، وهو ما اثبتته قناتي الشرقية والرافدين، اللتان انفردتا مشكورتين وسجل لهما موقف سيذكر دائما، من بين كل الفضائيات العربية والاجنبية بتغطية الانتفاضة باكبر قدر من الوقت والنقل الحي !
هل هذه الحقيقة التي يمكن لكل انسان التأكد منها بمجرد مراقبة بث الجزيرة والعربية تدعم ادعاء صديقنا داعم المقاومة العراقية بان الحراك طائفي لان القنوات الخليجية دعمته؟ ولو افتضنا انها دعمت الانتفاضة العراقية بصورة واسعة ومهنية فما الضير في ذلك؟ هل يمكن لانتفاضة وطنية كبرى ان تتأثر بقناة تغطي احداثها؟ نعم الانتفاضات العفوية للشباب التونسي والمصري تأثرت بنقل القناتين لان هؤلاء الشباب بلا هوية فكرية وبلا ستراتيجية وهدفهم احاديا صرفا وهو اسقاط النظام فقط اما مابعد ذلك فلا يعرفون ولا يتصورون، لذلك تلاعبت بكثير منهم دعايات الجزيرة والعربية المضللة، لكن الانتفاضة العراقية تختلف فهي من عمل قوى مجربة ولها سجل جهادي مشرف وتمتلك خبرات غنية ومعها جيوش من المختصين والعسكر ورجال المخابرات الوطنية بالاضافة لشيوخ عشائر اشراف يحترمون عكلهم– من عقال - ويعتزون بشواربهم، وعلماء دين محصنين بالوطنية العراقية لذلك فان الجزيرة وغيرها لا تستطيع حرف مسار الانتفاضة العراقية ودفعه نحو الفوضى الهلاكة كما حصل في اليمن وليبيا وغيرهما. فلم تغطي الجزيرة والعربية انتفاضة غير قابلة للتحول إلى فوضى هلاكة؟
اذن من اين جاء صديقنا داعم المقاومة بقصة الدعم الاعلامي الخليجي هذه مع انها غير موجودة اطلاقا ويوجد عكسها وهو تجاهل اهم ما في الانتفاضة وهو التغطية الحقيقية والموضوعية لها؟
نعم قامت الجزيرة والعربية بتغطية حارة في الايام الاولى لان الحدث كان مادة اعلامية من المستحيل تجاهلها لكن ما ان اتت التعليمات من فوق، من دافع (المصاري)، حتى توقفت التغطية وصارت عبارة عن اخبار متناثرة وقليلة توحي بان ما يجري في العراق حدث ثانوي، والسبب هو ان الانتفاضة طردت من اراد ركوب موجتها، وهم اصدقاء اصحاب قناتي الجزيرة والعربية، وتأكد الجميع بان هناك تنظيم قوي يتحكم بالانتفاضة وشعاراتها ومسارها واهدافها وتنظيمها. فهل توقف صديقنا عن مشاهدة الفضائيات كي يقع في خطأ فاضح كهذا؟ ام انه لا يريد ان يرى ما يجب ان يراه وهو ان الانتفاضة لم تكن اصلا طائفية؟
نحن نعرف ان صديقنا متابع ممتاز جدا لدرجة انه يحلل حتى مضامين الافلام الأمريكية ولذلك من حقنا ان نتسائل لم لم يرى الطابع الوطني للانتفاضة العراقية واتهمها بالطائفية؟ حتى من روج لفكرة ان الانتفاضة طائفية وهي المخابرات الإيرانية وفرعها الطبيعي المخابرات السورية اصلا اخذت تتراجع نسبيا بعد ان ادركت انها انتفاضة تشمل كل مكونات العراق من عرب واكراد وتركمان ومسلمين ومسيحيين وسنة وشيعة وصابئة...الخ، واعترفت بان هناك مطاليب مشروعة وان هناك بعض التمييز الطائفي. لم لم ينتبه صديقنا إلى ذلك وهو من يحلل اصل مشكلة غزو مالي الحالي وطبيعة مشكلة مسلمي ماينمار؟
والاهم والاكثر حساسية هو التالي: الم يكتشف صديقنا ان توصيف الانتفاضة بانها طائفية يخدم في المقام الاول المالكي وإيران وأمريكا؟
* كاتب وسياسي عراقي