في ظل الجهود المتواصلة والدؤوبة لاستنهاض حالة التوافق الوطني وإلغاء آثار ومترتبات الأزمة السياسية في اليمن لا تزال ثمة قوى إقليمية تحاول إعاقة هذه الجهود وتعطيل المساعي الأممية المتمثلة في المبادرة الخليجية ..
حيث تتجلى بوضوح التدخلات الإيرانية السافرة في الشئون الداخلية لليمن ، سواء من خلال إرسال شحنات الأسلحة أومن خلال تمويل بعض الأطراف السياسية في محاولة يائسة لتقويض أسس التسوية السياسية في اليمن وإلقاء المزيد من الأعباء على كاهل القيادة والقوى الفاعلة في المجتمع وبما يحيدها عن خط إنجاز التسوية والحل ويربك جهودها في تنفيذ مضامين المبادرة الخليجية وقراري مجلس الأمن الدولي رقمي 2014- 2051..ويحبط تطلعات أبناء الوطن اليمني في التحرر من اسر مجمل تلك التداعيات الناشبة منذ العام 2011م.
ومما يستغرب له المرء أن تتعامل السلطة في إيران مع قضايا اليمن - كما هو الحال مع بعض قضايا المنطقة - بكل هذه العنجهية التي لا تستقيم مع علاقات الأخوة الإسلامية وحسن الجوار والروابط الأخوية والوشائج التاريخية والمصير المشترك.. فضلا عن الغرابة والاستهجان كذلك من إمعان السلطات الإيرانية في شراء الولاءات و مساعيها المحمومة ومنذ وقت مبكر إلى إحياء النزعات المذهبية والشطرية ومد عناصرها بالمال والسلاح ، والتي تم رفع الغطاء عن بعضها في أكثر من مناسبة جرى إثرها التلميح بشأن مخاطر هذه التدخلات دون أن ترعوى السلطات في طهران إلى جدية هذه التلميحات ومخاطر هذه التدخلات، ليس على الداخل اليمني وإنما على مستوى أمن واستقرار دول المنطقة والعالم ككل.
ومع الأسف الشديد يجد هذا النزوع الإيراني للتسلط طريقه إلى بعض ضعاف النفوس من النخب ممن تغريهم الأموال الآثمة حتى وإن كانت على حساب سيادة وأمن ووحدة واستقرار الوطن اليمني، بل أن هذا المسلك المشين الذي استمرأ هذا البعض تمثله ينبئ عن الحاجة الماسة إلى التلويح بمخاطر ما تقود إليه مثل هذه التصرفات من تأثيرات سلبية على أجواء الوفاق الوطني الذي بات قاب قوسين أو ادني من النجاح ، خاصة بعد أن أعلن الرئيس عبدربه منصور هادي عن بدء انطلاق الحوار الوطني الشامل في الـ18 من شهرمارس القادم مشفوعا بإرادة وطنية عارمة ، وتأييد عربي ودولي غير مسبوق على مستوى دول المنطقة ...وان عواقب مثل تلك التصرفات المشينة التي تتآمر فيها أدوات الداخل من خلال البعض بدعم من قوى الخارج ممثله في إيران لن تمر مرورا عابرا و أنما ستكون تحت المساءلة القانونية .
ولعله من الأنسب هنا التأكيد مجددا بأن اليمن وقد توجه إلى الجهات المختصة في الأمم المتحدة للتحقيق في عديد من أشكال التدخل الإيراني المباشر في الشئون الداخلية عبر إرسال شحنات الأسلحة ومنها تلك السفينة التي تم ضبطها وبداخلها أنواع مختلفة من الأسلحة الثقيلة والخفيفة في الشواطيء اليمنية لاتخاذ الاجراءات الدولية القانونية الرادعة .. فإنه سوف يواصل مساعيه وكل الخيرين في إقناع السلطات الإيرانية بعدم التدخل في الشأن الداخلي اليمني والذي يتسبب في تعطيل الجهود الوطنية والإقليمية والأممية لإنجاز التسوية السياسية وهو ما يترتب عليه أعباء قانونية وأخلاقية إضافية على السلطات الإيرانية التي تحتم عليها هذه الاعتبارات سرعة الكف عن اجترارها وبما يحافظ على علاقات الإخاء والصداقة في إطارها الصحيح ، ووفق تقاليد وأعراف العلاقات بين الدول.