المعلومات التي أفصح عنها وزير الداخلية في مؤتمره الصحفي أمس بشأن طبيعة ومحتويات سفينة الموت الإيرانية والتي تم ضبطها قبالة شواطئ المهرة؛ تدلّل – بما لا يدعُ مجالاً للشك – على تورُّط سلطات النظام الإيراني بتدخُّلها السافر في الشؤون الداخلية لليمن، وهي الحقائق التي ظلّت حكومة الرئيس أحمدي نجاد تتجاهلها وتنكر ضلوعها التدخُّل في الشأن اليمني.. وهاهي شحنة الأسلحة التي أرسلتها طهران إلى اليمن تؤكد صدقية هذا التورُّط، وتفصح عن مخطط واسع لتخريب وتعطيل كافة الجهود القائمة لإنجاز مسار التسوية السياسية واستهداف أمن اليمن والمحيط الإقليمي العربي على حدٍ سواء؛ الأمر الذي يستدعي معه وقفة عربية ودولية واضحة وحاسمة لمساءلة ومحاسبة السلطات الإيرانية على مثل هذه التدخُّلات السافرة بشأن دولة عضو في الجامعة العربية والأمم المتحدة، فضلاً عن تلك الاعتبارات المرتبطة باختراق السلطات الإيرانية الحظر المفروض عليها وفقاً للقرارات الأممية ذات الصلة بصناعاتها النووية وتمويل وإرسال صفقات الدمار إلى اليمن الذي لا نقول عنه بلد إسلامي شقيق فقط، وإنما مازال يتعافى من آثار أزمة سياسية خانقة تداعت الأسرة الأممية لانتشاله من دوامة وتداعيات هذه الأزمة.
ومن الواضح أن فاجعة الشعب اليمني كانت – ولاتزال – كبيرة بحجم وخطورة شكل هذا التدخُّل الإيراني السافر من خلال إرساله صواعق القتل وصواريخ الدمار وأحزمة الإبادة، في وقت كان اليمنيون يتطلّعون من هذا البلد المسلم أن يسهم إلى جانب الأسرة الأممية في دعم ورعاية مسيرة التسوية السياسية، وتقديم العون الاقتصادي، والعمل على تجفيف منابع الفقر، وتضميد جراح أسر الشهداء والأيتام والثكالى، وتقديم المساعدات الغذائية والدوائية بدلاً عن إرسال الرصاص والديناميت والموت إليهم!!.
لقد هال اليمنيون ما تخطّط وتهدف إليه الأصابع الإيرانية عبر إرسال هذه الشحنات الملغّمة بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة إلى بلادهم، متسائلين بحرقة ومرارة: ألم يحن الوقت لاتخاذ قرارات دولية رادعة تحدُّ من استشراء وباء التمدُّد والتدخُّل الإيراني في الشؤون الداخلية لليمن، بل ألم يحن الوقت لهذه الدُمى المحلية التي تحرّكها الأصابع الإيرانية التوقف عن التمرُّغ في وحل العمالة والارتزاق وتجنيب وطنهم ومجتمعهم مخاطر الانحراف بالتجربة إلى سياقات غير محسوبة النتائج، والعودة إلى جادة الحق والصواب بالعمل على اللحاق بركب التسوية السياسية، والانضمام إلى حالة الوفاق الوطني؛ خاصة مع تباشير تحديد موعد انطلاقة الحوار الوطني 18 مارس المقبل؟!.
***
باختصار.. لقد سقطت أوراق التوت عن السلطات الإيرانية وهي تواصل تدخُّلها السافر في الشؤون الداخلية لليمن، ولعل من المناسب هنا – أيضاً - أن تتفهّم هذه السلطات صبر اليمن والمحيط العربي والأسرة الأممية على هذه التجاوزات الخطيرة على أمن واستقرار اليمن والمنطقة والعالم ككل، وأن عليها أن تكفَّ عن هذا النهج العدائي، بل إن عليها أن تدرك كذلك أن اليمن ليس مزرعة لاختبار قذائف وصواريخ المصانع الإيرانية، وليست كذلك «عِمّة» يمكن أن توزّعها كثياب «الملالي» على الشعب اليمني؛ وهي تعرف سلفاً أن ذلك يتقاطع مع الموروث الثقافي والاجتماعي والتسامح الإسلامي والذي يتناقض بالمطلق مع العصبية والتوسُّع والعدوان الذي تنتهجه السلطات الإيرانية في تعاملها المتعالي والعنجهي مع محيطها العربي وعلى الدوام - للأسف الشديد!!.