بودي أن أبتلع فكرة تحرير قطاع الاتصالات غير أنها تبدوا متعثرة للغاية ، كونها تتكأ على بيئة مشوشة يتلبدها الغموض ، تظل منقوصة ولا تصلح حتى للمساومة ، المناخ بدائي وهش لا يقدر على تحمل تبعاتها والتعاطي معها بوتيرة متوازية وأفق اقتصادي متوزان ، تجريد الاتصالات اليمنية من ملكيتها العامة فكرة آيلة للسقوط منذ لحظة ولادتها ، القفزة المباغتة لترويج بيع بقايا ما يدخره الشعب المكلوم ليس محض صدفة ، ما يجري تدبير بليل ، ويتم وفق عناية فائقة ، هو أشبه بالفيد المنظم الذي لا يحتمل تأويلاً آخر ..
كم تبدوا الفكرة مهزوزة صفراوية بلا هوية ولا تستند لمشروع وطني ، إنها فكرة مرهقة حقاً ، تقاوم التعقل وترفض الإصغاء إليه ، الشهية المفتوحة والنهم المتفاقم للطواهيش تجعل كل ما نفكر به يتبخر وتظل الاحتمالات مفتوحة ولا تنته عند حد بعينة ، ما يتعلق بالتنافس لا يزال يرتطم بوجه المتهبشين ومن خلفهم سيل من الصكوك وتراخيص بالمجان ...
كيف لنا الاقتراب من الاتصالات اليمنية ومنطق (الركبة) و (الظهر) هو القانون الهزلي الذي يحكمنا ونحتكم إليه ، نتحدث عن تحريرها كما لو أننا ننعم ببيئة استثمارية خلابة ، وتسري علينا من المعايير والنظم ما يسري على دبي وسنغافورة وكوالالمبور ، يجدر بنا أن نكف عن التسول بصفتنا الرسمية ونتوقف عن قرع أبواب السفارات لنتمتع بسيادة كاملة ، نحن بحاجة أولاً لقانون حيز التنفيذ لتتخلى شركات الاتصالات والموانئ البحرية والنفطية عن أخلاقيات التعنت والابتزاز ، وتلتزم بدفع ما عليها طواعية وبمحض إرادتها دون اللجوء إلى محاكم باريس ، وقتها بإمكاننا أن نفكر بافتتاح بورصة للأوراق المالية وسيتقاطر علينا المستثمرون من كل حدب وصوب .
لنا أن نصنع بيئة تنافسية آمنة تضمن تدفق الأموال ورؤوس أصحابها ، وتكفل حقوق الشعب والناس أجمعين ، ومعها أعدكم أني سأكون أول من يتغزل بشركة تيليمن ، ويطالب بتحرير هاتفي ، وسيمتلك الشعب الجرأة ليقوم بجلب يمن نت إلى أسواق المتخمين بالثروة ، ولا ضير حينها أن نبيع الممتلكات العامة دفعة واحدة ولو كان ذلك في مزاد علني ...
يتم إفساد كل شيء وتعكيره بإحكام ، يا له من شعور محزن ينتابني ، أين المفر من كل تلك الترهات ، تباً لكل ما يجري ..! لقد تورطنا قديماً بما يكفي ، وعلينا اليوم أن ننجو بالاتصالات اليمنية قبل أن تبتلعها الحيتان وتحل علينا اللعنة .