يحتاج اليمن أكثر من أي وقت مضى إلى الوحدة بين أبنائه، والتعاضد بين مختلف القوى السياسية، لتجاوز الأزمة الراهنة، والمرحلة الحرجة التي ما فتئ يمر بها منذ أن اندلعت احتجاجات 2011 قبل أكثر بقليل من عامين ضد النظام السابق.
ما شهده اليمن خلال العامين المنصرمين تميز بالكثير من الأحداث، التي طغى على معظمها الخلافات الدامية، وأعمال القتل والعنف والتفجيرات والإرهاب، في حين كان المسار السياسي الموازي معطلاً في بعض الأحيان، ومتعثراً في أخرى، وماضياً قدماً في أوقات مختلفة.
اليمن دولة لها ثقل جغرافي سياسي كبير لا يمكن إنكاره، لا يتمثل فحسب في كونه يجاور منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية الفريدة من نوعها لجهة التنسيق والاتحاد في ما بين دولها، بل في كونه يطل على منفذ مائي طويل، وقريب إلى حد الالتصاق بالقارة الأفريقية، وشرقها تحديداً، خاصة مع ما تعانيه تلك المنطقة من اضطرابات أمنية وقرصنة بحرية منذ أعوام طويلة.
كل ذلك يعني أن لليمن أهمية متجذرة عربياً وإقليمياً ودولياً، ولا يمكن أن يترك فريسة التفكك والقلاقل من كل حدب وصوب.
يتأهب اليمنيون لإطلاق مؤتمر الحوار الوطني، الذي يعتبر جزءاً من المبادرة الخليجية التي أكد الجميع في الداخل والخارج أنها كانت «إنقاذية» لليمن، وأفضت إلى انتقال سلمي للسلطة عبر تجربة غير مسبوقة، ضربت مثلاً في الوعي الخليجي، والحرص المؤكد على سلامة واستقرار وأمن دول الجوار، وخاصة الأشقاء.
هذا الحوار، يؤمل منه أن يفضي إلى اتفاق بخطوط عريضة بين مختلف الفرقاء، بهدف وضع اللمسات الأخيرة لنهاية المرحلة الانتقالية التي ستطلق بدورها مرحلة جديدة، يضع اليمنيون معها كل أحداث الماضي الأليم وراءهم، ويعاودون بناء وطنهم الذي لطالما كان «سعيداً»، بحيث لا يضيعون تلك الفرصة التاريخية التي أتيحت لهم، وشاهدهم دولة شقيقة أخرى خربتها النزاعات والقمع في ظل غياب الحل السياسي.
وعليه، فإن الواقع المفروض على اليمنيين، يعني أن لا بديل عن الحل السياسي، وأن أي حديث غير ذلك أو قد يعرقله، هو ليس إلا وضع العصي في العجلات، وخلق المزيد من العراقيل لضرب المبادرة الخليجية.