أرشيف الرأي

شرارة الجنوب وسيناريو إحراق اليمن

التطورات الأمنية والسياسية في المحافظات الجنوبية أخطر من أن يتم استهجانها ببيانات إدانة، وسكوت القوى السياسية تجاه ما يجري أمر يبعث على الخوف والقلق.. الشرارة التي اشتعلت خلال الأيام القليلة الماضية تكبر يوما بعد آخر، وما لم يتم إطفائها فإن ألسنة اللهب التي ستتصاعد تباعاً لن تطال الجنوب وحسب بل ستحرق الوطن بجغرافيته ومواطنيه.

ما يجري اليوم ليس تطورا طبيعيا لأحداث الأمس البعيد كما يحاول البعض تصويره وتبريره، بل هو تصفية حسابات دولية وإقليمية ومحلية ولدت من رحم أحداث العامين الأخيرين. لم يعد الأمر بحاجة إلى الكثير من التحليل والرصد.. هناك من يسعى لصرف القضية الجنوبية عن مسارها السوي ومطالبها العادلة التي بدأت تلقى استجابة لها من قبل حكومة الثورة ومختلف المكونات السياسية.

أبعد من ذلك هناك من يسعى لإفشال النجاح النسبي للربيع اليمني، خاصة مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يعلق عليه اليمنيين آمالا عراض لمعالجة مختلف القضايا المرحلة والموغلة في التعقيد والتداخل. وضمن محاولاته المستميتة يسعى صالح لتحويل اليمن إلى صومال آخر ينهار بسقوط نظامه مثلما انهار الأول بسقوط نظام بري. المال الخارجي هو الآخر بدا واضحا في التطورات الجارية اليوم، ويبدو انه يتدفق بكميات كبيرة وهائلة توازي تدفق أسلحة الموت والدمار القادمة إلى اليمن عبر البحار البعيدة.

الأبشع في كل ما يجري ما يتعرض له العمال والبسطاء من أبناء المحافظات الشمالية والغربية في بعض المناطق الجنوبية والشرقية من قتل وتنكيل وإحراق لمحالهم التجارية في مخطط بشع وغير إنساني ناهيك عن المعايير الوطنية والأخلاقية الغائبة عن من يسعى لإشعال نار الفتنة وتعزيز قيم الحقد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد، لتحقيق مآرب خبيثة ومدمرة.

ويبقى الرهان على العقلاء وهم كثر في الجنوب قبل الشمال لتدارك ما يمكن تداركه، وقطع الطريق على مثل هذه المخططات الخبيثة، التي قد تعمل إن استمرت على إخراج اليمن من حقيقة الوحدة وحلم الاستقرار والرخاء إلى منزلقات التشرذم والاقتتال الطائفي والمناطقي والجهوي والحزبي أيضا.

زر الذهاب إلى الأعلى