تسعى الحكومة والرئاسة اليمنية إلى خلق مناخ جديد للعبور بالبلاد إلى بر الأمان، في بحر متلاطم من المشاكل والأزمات الكبيرة، وستكون الأيام القليلة المقبلة التي تسبق مؤتمر الحوار الوطني المرتقب في 18 الجاري، كفيلة بمعرفة الصورة المستقبلية والمسار الخارجي والداخلي لتفاصيل المشهد اليمني.
إن المساعي الحثيثة للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، والجهات والتيارات السياسية المشاركة في حكومة الوفاق الوطني، وغيرها من الجهات الفاعلة، لإنجاح المؤتمر الذي يعقد وفق منهجية قرارات مجلس الأمن الدولي وآليات المبادرة الخليجية، يمكن أن تثمر خطة عمل مستقبلية يتوافق عليها اليمنيون، للخروج من الأزمات الراهنة بمستوياتها الأمنية والاقتصادية والسياسية، بشرط يعرفه ويدركه الجميع، ألا وهو الوصول إلى مشاركة جميع (أو بالحد المرجو أغلب) الأطراف الفاعلة على الساحة اليمنية، والخروج بأجندة ترقى على مستوى المصالح الفئوية والحزبية الضيقة.
لعل أبرز الجهات الممانعة أو الرافضة لمبدأ الحوار بصورته الحالية، هو الفصيل الذي يدعو إلى انفصال الجنوب، ولئن كان «أهل مكة أدرى بشعابها»، فلقد جسّد الأشقاء في اليمن معرفتهم بهذا التحدي، وجاء على لسان أكثر من مسؤول يمني وخبير في الشأن الداخلي، أن «قضية الجنوب» هي التحدي الأبرز والأول على مساحة مؤتمر الحوار، بما فيه من قضايا شائكة أخرى، ولقد حذّر مشرفون على ترتيبات المؤتمر من تداعيات عدم مشاركة فصائل وتيارات لها وزنها وثقلها في الشارع، وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من استمرار لسيل الأزمات في اليمن.
في كل مؤتمر أو معاهدة أو اتفاق في عالم السياسة بين أطراف متعددة وتحت ظل سقف واحد، فإن طرح الإشكاليات والأزمات والمقترحات (لا الشروط)، بصورة جلية وواضحة ودون شعور طرف من الأطراف بالغبن أو التهميش، يؤدي في النتيجة إلى النجاح والتقدم إلى الأمام، وطي صفحات مظلمة لا يمكن التعايش معها أو تحت مطرقة هواجسها، وهذا على وجه اليقين هو المطلوب والمرجو من مؤتمر الحوار الوطني اليمني.
ومن المؤكد أن أهم الثوابت والمنطلقات المعلنة، والتي أكدها الرئيس هادي، هو أن يكون الحوار ضمن سقف الوطن الواحد، فالانفصال ليس مطلباً يمكن أن يندرج تحت الحوار لأنه ينفيه من الأساس.