يبدو أن الرئيس هادي أصبح الان اكثر قدرة ومعرفة بأسرار التعامل مع ممارسات وألاعيب الرئيس السابق علي عبد الله صالح التي أصبحت مكشوفة بمحاولات العبث بالأمن والاستقرار وتأزيم اوضاع الناس المعيشية بإستهداف أنابيب النفط والغاز وأبراج الكهرباء ضمن سلسلة محاولات عرقلة العملية السياسية في البلد وتوتير الأجواء قبيل انعقاد مؤتمر الحوار الوطني ،والذي تتولى الآلة الاعلامية التابعه لصالح كبر هذا الدور للتشويش ،وبث رسائل الاحباط والسخط وتحريض الشعب ضد حكومة الوفاق لعرقلة مهامها ،وإلحاق معاناة الناس ،وسوء الاوضاع إلى نتائج الثورة ،والتغيير الذي حصل.
أولى هذه الرسائل التي وجهها الرئيس هادي لصالح قرار مجلس الأمن الاخير والمتضمن تسمية صالح ورفيقه البيض كمعرقلي للتسوية السياسية في اليمن وضمن مرمى عقوبات المجتمع الدولي اذا استمرا في محاولات تقويض المرحلة الانتقالية ،وإفشال استكمال خطة الانتقال السلمي للسلطة ،وإثارة العنف لضرب الاستقرار.
وهذه الرسالة تمثل صفعة قوية لصالح لم يكن يتوقعها وهو ما يفهمها صالح بشكل جيد بأنه ليس بمقدوره مواجهة المجتمع الدولي كما تحدث بهذا من قبل وهو في أعلى هرم السلطة ، وهو ما قابله صالح والبيض في توتير الاوضاع الامنية والسياسية في الجنوب واشعال فتيل العنف هناك والعزف على وتر ضرب النسيج الاجتماعي بإثارة النعرات المناطقية كمحاولة لضرب الاستقرار ،وتأزيم الوضع أكثر بصب الزيت على فتيل الاوضاع المحتقنة اصلا ،واللجوء إلى خيار حشد الجماهير للسبعين للظهور بأنه لا يزال يملك شعبية ،وبأنه بإستطاعته ممارسة دور المعارضة ،والضغط على المجتمع الدولي وبالذات مع قرب انعقاد مؤتمر الحوار الوطني.
ثاني رسائل عبده ربه لصالح هي إعادة تحريك ملف قضية جمعة الكرامة لدى المحكمة والتي أحالت قضية الحصانة إلى المحكمة الدستورية للبت بمسألة قانونية الحصانة الممنوحه لصالح ،ورموز حكمة والتي أثبتت بدورها عدم قانونية إجراءات منح الحصانة ،وهو ما معناه أن لا مفر من حضور المشمولين بقانون الحصانة إلى المحكمة للرد على قرار اتهامهم من قبل محامي أولياء دم الضحايا بضلوعهم في قضية مذبحة جمعة الكرامة والمنظورة لدى القضاء لأخذ أقوالهم ،والتحقيق معهم في هذه القضية والتي يتورط فيها صالح ورموز حكمه فيها والتي قد تقودهم إلى محكمة الجنايات الدولية.
ثالث تلك الرسائل هي نزول الرئيس هادي إلى عدن وأبين في ظل الأوضاع الملتهبة هناك والتقائه بأبرز قادة الحراك وقدرته على تهدئة الاوضاع وإخماد أعمال العنف وإنتزاع وعود بالمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني المزمع ،وطرح حلول القضية الجنوبية على طاولة الحوار ،وهو ما يمثل إفشال لمخططات صالح بتأزيم الأوضاع في الجنوب ومقاطعة الحراك للحوار .
رابع رسالة وجهت لصالح وعائلته هي قرار المحكمة بالحجر ومنع السفر على اركان حرب الامن المركزي السابق يحيى صالح وقائده عبد الملك الطيب والتحفظ على أموالهما وطلب استدعاء حضورهما إلى المحكمة لسماع أقوالهما في قضية تفجير ميدان السبعين ،والذي راح ضحيته أكثر من 90 جندي من قوات الأمن المركزي حتى وإن قامت المحكمة لاحقا بألغاء حجز الاموال والمنع من السفر إلا أن الرسالة كانت قوية بأنه بأمكان يد القضاء أن تطال صالح ورموز عائلته بأي وقت في سابقة تعتبر متقدمة في تاريخ القضاء اليمني.
وفي الاخير تأتي أهم رسائل هادي الموجهة إلى صالح وعائلته هي التلويح المتكرر بتحويل ملفات جرائمهم إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي وفرض عقوبات مجلس الامن بتجميد أموالهم وأرصدتهم ومنع من السفر تجاههم إذا ما استمروا بمخططات إفشال الجهود المبذوله لإنجاح الحوار الوطني والتي بدوره يبدو ان صالح اكثر فهما لفحوى رسالة هادي وأصبح يؤكد بخطاباته بالعمل على إنجاح الحوار ليتفادى سوط العقوبات التي تتنظره ومن هنا أصبح الرئيس هادي مدرك تماما من أين تؤكل الكتف..؟
وأكثر اتقانا لمهارات التعامل مع صالح والغوص في اعماقه وهو ما ساهم في سحب البساط من تحته بالتدريج بدءآ من سحب ألوية الحرس وتغيير قادة الامن المركزي والقوات الخاصة والقومي وتجفيف منابع نفوذ صالح وعائلته على طريقة تقليم الأظافر الأكثر طولا وصولا إلى تحجيم نفوذهم وبقائهم مجردي القوة والتأثير.