الحديث عن الفيدرالية بدون وجود دولة قوية مسيطرة على كل اجزاء اليمن لا معنى له الا تقسيم البلاد وإضعافها وتحويلها إلى بؤر صراع وتحويل تلك الاجزاء إلى امارات مستقبلية للقاعدة، والحراك المسلح، وانصار الله المدافعين عن الحسين رضى الله عنه.
ان بناء الدولة اهم من الحديث عن الشكليات والكماليات ، والفيدرالية وسيلة وليست غاية، كما ان التعاطي العاطفي مع القضايا السياسية لا يفيد المجتمع بقدر ما يثير المشاكل ، وقد جربنا الاندفاعات العاطفية في تاريخنا المعاصر كثيرا ولم نفلح واستغرقنا سنوات لذم الماضي ونفخ بطن الحاضر إلى ان ينفجر.
لسنا بحاجة إلى عواطف في التعاطي مع الشأن العام نحب الوحدة أو نعشق الانفصال نكره فلان ونحب فلان ، العلاقات الرومانسية مع القضايا تعرض المجتمع للانتكاس ولا تحل قضاياه، لدينا امثلة اندفعنا فيها شمالا وجنوبا وكانت النتائج ماسي انسانية وكوارث مجتمعية ، اندفع الناس يوما في الجنوب وراء الشعارات وخرجوا يطالبون بتخفيض الراتب وحرق الشيذر ، وهتفوا لسالمين ولفتاح وعلي عنتر ، وكانت النتائج حرائق ومذابح وفقر وتصفيات دموية، وفي الشمال هتف الناس للسلال وتركوه لوحده ، وتم الانقلاب العسكري على الارياني وهتف الناس باسم الحمدي والنتيجة تسلق على صالح ، هتفنا للوحدة بجنون عظيم لم يصحو منه الناس الا بعد اعلان الشركاء الحرب والانفصال واهتزت العواطف كثيرا.
علينا الخروج من بحور الحب والكره واعمال العقل والتفكير السليم بمنطق وقانون ، المجتمع الدولي لا يتعامل اليوم الا مع الجمهورية اليمنية فلا يبحثن احد عن مبررات غير مقبولة لا محليا ولا دوليا.
انا انصح العاطفيين ذكورا واناثا بالشعر وكتابة القصص والبحث عن فرسان وفتيات الاحلام لأنه المجال الطبيعي للعواطف الجياشة والحنيين لأجل الشق الاخر من الروح، ومغادرة باب السياسة لأنه مثير للعواصف والاتربة التي لا تتحملها عيون العشاق والتي لا تجيد سوى السهر ولا تنتج سوى الدموع.
علينا اولا بناء دولة قوية وبعدها سنتحدث عن دولة فيدرالية اقل شيء عندما يكون لدى شعبنا ثقافة وطنية عامة ووعي يسهم في تكريس التداول السلمي للسلطة ويحافظ على الهوية اليمنية.
وكذلك امتلاك الدولة جيش محترف يستطيع التدخل السريع لإيقاف اي تدخلات خارجية أو انفلات داخلي أو مشكلات بين الاقاليم ويحافظ على السيادة الوطنية ضد النزعات التشطيرية سواء اكانت مذهبية أو سياسية.
يستلزم ذلك ايجاد قضاء مستقل وخال من كل عيوب الماضي المتمثلة في الوراثة والفساد والرشوة. بعدها سنتحدث عن الدولة الفيدرالية ذات الخمسة أو الستة اقاليم بكل اريحية ، ولا مانع الان من التحضير لها إلى ما بعد خمس أو ست سنوات .