لقد بدأت المعركة منذ اعلنت بريطانيا مشروعاً لاقامة اتحاد فيدر إلى بين سائر سلطنات ومشيخات جنوب اليمن .. وصف المؤرخ البريطانى (اريك ماكرو) الجهات والقوى الداخليه والخارجيه التى عارضت مشروع الاتحاد الفيدر إلى حيث قال "لم يتمكن معسكر العقيد ناصر المعادي للوجود البريطاني في جنوب غرب الجزيره العربيه من ان يثنى السير توم هيكنبوثار – حاكم عدن – عن عقد مؤتمره الفيدر إلى – الاتحادي – الذي حضره ثمانية عشر حاكما من حكام المحميات لمناقشة خطط الاتحاد (الفيدالي)" ويقول "جمع حاكم عدن [السير توم هيكمبوثام] السلاطين والحكام ، وخطب فيهم حاثاً على تنفيذ الاتحاد (الفيدرالى) واخبرهم بانه يكل اليهم امر تحضير مسودة المشروع ، وكانت مغالطه في الواقع لأنه كان معتزماً توجيه الامور وفقاً لوجهة نظر حكومته بواسطة اشياعه من الرؤساء وبواسطة الضغط على الاخرين ، كما حدث بالفعل ، فقد كونت لجنه من الرؤسأ حضرت نقاطاً كخطوط عريضه لوجهات نظرها العامه ووقع عليها الرؤسأ تمهيداً لارسالها" واورد ( ماكرو ) البيان الذي اصدره الحاكم البريطاني – باسم حكومة صاحبة الجلاله – بعد المؤتمر وكذلك البيان الذي اصدره السلاطين والامراء وقد جأ قيه "نحن حكام سلطنات وامارات الجنوب العربي المجتمعين في عدن نعلن تقديرنا للروح العاليه التى اتسمت بها حكومة صاحبة الجلاله باصدارها اعلان 13 مارس 1956م مقدرين سياستها ازاء اقطارنا ومستقبلنا .. هذا بالاضافه إلى ان حكام هذه المناطق وشعوبها لديهم كامل الحريه في التباحث على الصيغه الملائمه للاتحاد الفيدر إلى .. الخ".
والحقيقه لقد حرصت بريطانيا منذ احتلالها لعدن عام 1839م على تمزيق الجنوب إلى اكثر من عشر سلطنات وإمارات وعلى تعزيز وترسيخ التمزيق بدعم وتعزيز كيان كل سلطان مع بسط نفوذها على السلاطين والسلطنات بمعاهدات الحمايه والاستشاره وغيرها .. وكذلك فصل جنوب اليمن عن شماله ، فالجنوب محميات بريطانيه والشمال للائمة الطغاة وترسخ ذلك الواقع بمعاهدة عام 1934م بين بريطانيا والامام يحي وكانت هذا الوضع هو الذي صنعته وتريده بريطانيا في اليمن دائماً من باب سياسة (فرق تسد) وبعد ذلك كان الاستعمار البريطانى يخطط لاقامة كيان فيدرالي لسلطنات وامراء الجنوب وقام حاكم عدن بتسليم نسخ من المشروع إلى السلاطين والامرأ للموافقه عليه خلال ثلاثة اشهر وشرح لهم المشروع وسلمهم نسخاً منه وكان السلاطين والامراء تحت ارادته ويستلمون منه المعاشات شهرياً لذلك كان من الطبيعي ان يستجيبوا ولكن بريطانيا كانت تريد ان يظهر الاتحاد الفيدر إلى كرغبة محليه لذلك طلبت منهم الحاكم البريطاني ان يدرسوا المشروع ويجيبوا بالموفقه بحيث يتم اعلان الكيان الفيدر إلى اثناء زيارة ملكة بريطانيا لعدن فتركز العمل الوطني على اسقاط المشروع .. فاندلعت معارضة وطنية واسعه للمشروع وكان الحكيمي والبيحاني وقاضي جعار يصدرون الفتاوى بتكفير من يتعامل مع الاستعمار ويوافق على المشروع ويتم توزيع الفتاوى في كل مكان بل ان بعضها كان يدس في جيوب السلاطين واشتركت كل القوى في معارضة المشروع وكان لإذاعة "صوت العرب" دور كبير في التحريض وكان للشعر والشعراء دورهم ايضاً كما في قصائد محمد سعيد جرادة وادريس حنبلة .. وقال الاستاذ ادريس حنبله في قصيدة هدد فيها السلاطين:
قل للعميل مخطط الافكار * مهلا فصوت الشعب كالإعصارِ
صوت يطيح بكل وضع فاسد * ينهى عهود مذلة وصغارِ
فالاتحاد جريمة موصومة * بالخزى والاّثام و الاوزارِ
في كل حرف لعنة ابدية * للعابثين بشعبنا الجبارِ